إن جاءكم فاسق بنبأ..

إن جاءكم فاسق بنبأ..
الدكتور يوسف العميري
الدكتور يوسف العميري

يقول العزيز الحكيم في كتابه الكريم «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».

المتأمل في معنى هذه الآية، التي تحمل في طياتها أمرا إلهيا، ما يمكن أن نسميه دستور التعامل مع الشائعات، خصوصا في زمن فيسبوك وتويتر والسوشيال ميديا.

فهذه المنصات، بقدر ما هي تمثل تطورا وتقدما تكنولوجيا، بقدر ما هي بابا كبيرا لنشر الشائعات، وتشويه سمعة الناس دون سند أو دليل، إذ يكفي أن تكتب سطرا تنال به من سمعة شخص، ثم تتركه يسري بين الناس كالنار في الهشيم.

أما مقصدي من هذه المقدمة الواجبة، فينصب أساسا على شائعات وأقاويل، يتداولها البعض إما من باب «الجهل» أو سوء النية، وكلاهما عذر أقبح من ذنب.

فتلك الأقاويل والشائعات، التي يرددها الكثيرون عبر منصات التواصل الاجتماعي، تنال من شخصيات فاعلة ومؤثرة ولها دورها الوطني، لكن أحدا لا يكلف نفسه عناء البحث وتحري الحقيقة.. وهذا أمر لو تعلمون عظيم.

والشخصية الأولى التي كانت سببا في أن أكتب هذا المقال، هي شخصية سياسي وطني له وزنه وتاريخه المشهود، والمشمول بالكفاءة والجدية.

إنه الشيخ الدكتور أحمد الناصر وزير الخارجية - السابق - أحد أبرز الكوادر والوجوه المؤثرة في السياسة الكويتية، والعلاقات الخارجية، خلال السنوات الماضية.

إذ يمثل الناصر نموذجا مهما، فهو أحد الوجوه الشابة، ومع ذلك فهو من المخضرمين في وزارة الخارجية، حيث بدأ مشواره مبكرا.

هو الابن الثاني لرئيس وزراء الكويت الأسبق الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، وتولى حقيبة الخارجية منذ 17 ديسمبر 2019.. لكن إلى أن وصل لهذا المنصب، مر بالكثير من التجارب والخبرات والمنعطفات.

وقد بدأ الشيخ أحمد العمل مبكرا، حتى أنه كان أمين سر اتحاد الطلبة الكويتي في فرنسا عام 1992، حيث تعلم هناك وحصل على العديد من الدرجات العلمية الجامعية وكذلك على مستوى الدراسات العليا في مجال العلاقات الدولية من جامعة ستراسبورغ العريقة.

وتنقل الرجل ما بين وظيفة ومنصب إلى أن عين وزيرًا مفوضًا في وزارة الخارجية عام 2001، ثم سمي سفيرا في عام 2005، ثم مديرًا لإدارة مكتب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية.. إلى أن أصبح وزيرا للخارجية في 2019.

ومن المحطات المهمة في مسيرة الناصر، دوره البارز إبان تفاقم أزمة كورونا، إذ أنه لم يدخر جهدا، وكان من المألوف أن تره يطير ما بين الشرق والغرب.. يسافر هنا وهناك.. ويعقد اجتماعا مع هؤلاء.. ويتواصل مع هذه الدولة وتلك.. من أجل عودة مواطني الكويت إلى وطنهم سالمين.

أما الشخصية الثانية، التي مثلت الجناح الآخر الذي دفعني لكتابة هذا المقال، فهو نائب وزير الخارجية، مجدي الظفيري، أبرز سفير كويتي لدى إيران، والذي مثل بلاده خير تمثيل لنحو 20 عاما، حافظ خلالها على العلاقات بالشكل الأمثل الذي يخدم وطنه، ونجح على امتداد سنوات عمله في مد جسور التواصل بين الكويت والدول التي عمل فيها.

وهو وجه مخضرم، وجاء تعينه نائبا لوزير الخارجية، بمثابة تتويج لمسيرته الدبلوماسية الطويلة، التي تفوق 40 عاماً، أسهم خلالها في تعزيز مكانة الكويت على الصعيد الإقليمي والدولي.

على الصعيد العملي، بدأ الظفيري حياته العملية بعد على بكالوريوس العلوم السياسية، فالتحق بوزارة الخارجية عام 1980، ثم خرج في بعثة عام 1981 إلى دورة تقيمها وزارة الخارجية الكويتية لدبلوماسييها في نيويورك، وتولى إلى جانب عمله كسفير ملف الحدود في الخارجية من خلال عمله رئيسا للجنة الحدود.

إذا نحن أمام شخصيتين لهما وزن وثقل سياسي ودور وطني لا ينكره إلا جاحد، أما ما يتعلق بالشائعات والأقاويل فالأمور لا تدار بهذه الطريقة، فنحن دولة مؤسسات وقانون، ولسنا دولة «سوشيال ميديا» تديرها حسابات وهمية وأشخاص يجلسون خلف الكيبورد..

من كان لديه شيء يمس ذمة أحد، فليسارع باللجوء إلى الجهات الرقابية وعلى رأسها النائب العام، وليقدم ما لديه من مستندات وأدلة، ليقول القانون كلمته الفصل، فكما قلت لسنا دولة «سوشيال ميديا» تحكمها الأقاويل والشائعات، بل نحن دولة مؤسسات يحكمها قانون.

وأخيرا، أؤكد مجددا على أن الوطن يحتاج إلى صف ثان من السياسيين والمسئولين، يكون مؤهلا لحمل المشعل واستكمال المسيرة، وليست هناك فرصة أفضل من الاعتماد على مثل هؤلاء المخضرمين، الذي أنفقوا «أحلى سنوات العمر والشباب» في خدمة وطنهم.

أهم الأخبار