"عرب بلس" في مواجهة البلطجي الأمريكي.. والله زمان

"عرب بلس" في مواجهة البلطجي الأمريكي.. والله زمان
دكتور يوسف العميري
يوسف العميري

يقال إن المواقف كاشفة، وهو ما حدث حرفيا، عقب التأييد الواضح والصريح من معظم الدول العربية لموقف المملكة العربية السعودية، الخاص بقرار منظمة أوبك بلس خفض إنتاج النفط، على غير الهوى الأمريكي.

فقد كانت واشنطن تأمل قرارا معاكسا، برفع إنتاج النفط بنسبة كبيرة جدا، لذلك انتفضت فور صدور القرار بخفض إنتاج النفط بواقع مليوني برميل يوميا ابتداء من نوفمبر، ووصفته بالقرار «المسيس»، بل إن الرئيس الأمريكي توعد بشكل صريح.. بل وقح.. برد فعل «انتقامي»!

ثم بكل وقاحة تخرج صحيفة وول ستريت جورنال لتقول إن السعودية تحدت تحذيرات أمريكية قبل الموافقة على قرار أوبك+ بخفض الإنتاج، مهددة بأنه قرار ستكون له تبعات على العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن.

وفي تصريحات لا تقل وقاحة، قال متحدث الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن على استعداد للعمل مع الكونغرس من أجل إعادة النظر في علاقات الولايات المتحدة مع السعودية.

السيد جو بايدن، الذي يواجه انخفاضا حادا في شعبيته هذه الأيام مع اقتراب التجديد النصفي للكونغرس الأميركي، يريد العودة بنا إلى عقود خلت.. فيلوح بالعصا والجزرة.. وهو مشهد كاريكاتوري لعجوز في ثياب البلطجي.. وهو مشهد يبعث على الغثيان وليس الضحك.

فيما يمكننا رؤية القرار السعودي، المراعي للصالح العام، والقائم على أسباب اقتصادية بحتة، بمثابة التأصيل لواقع جديد.. ليس فيه العرب مجرد «دمى» يمكن تحريكها من وراء ستار، بل يظهر العرب كقوة اقتصاية وسياسية حقيقية وفاعلة.. فهذه «سعودية» الملك سلمان بن عبد العزيز، الرجل الحكيم، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، صاحب الرؤية الشابة المجددة.

وعلى الجانب الآخر، استرعى انتباهي الموقف العربي المشرف، إذ سارعت جل الحكومات العربية، معلنة تأييدها للموقف السعودي، ففي الكويت عبرت وزارة الخارجية - بوضوح - عن التضامن الكامل مع المملكة، مؤكدة أن القرار جاء بناء على دراسات اقتصادية خالصة.

ولم تكتف الوزارة الكويتية بذلك، بل أشادت بالدور السعودي وإسهامات المملكة في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية بما يحفظ المصالح المشتركة للدول ويصون الأمن والسلم الدوليين ويدعم توازن السوق النفطية والاستقرار الاقتصادي العالمي.

وفي رأيي، فإن هذه التصريحات، بهذا الوضوح وفي هذا الوقت تحديدا، إنما هي رسالة واضحة للعالم أجمع بأن الكويت والسعودية في جانب واحد.. وليست الكويت والسعودية وحدهما، بل الأمر أبعد من ذلك..

فقد تكرر الموقف في القاهرة، فقالت وزارة الخارجية المصرية إن بلادها تدعم الموقف الذي عبرت عنه السعودية في شرح الاعتبارات الفنية لقرار أوبك بلس، باعتباره يهدف في المقام الأول لتحقيق انضباط سوق النفط، وبما يكفل تعزيز قدرة المجتمع الدولي على التعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة.

وفي دبي، أعلنت دولة الإمارات عن تأييدها لبيان وزارة الخارجية السعودية بشأن مراجعة أوضاع الأسواق النفطية وخفض الإنتاج، بل و«زادت من الشعر بيت، حين قالت إن القرار جماعي وجاء بناء على تصويت مجموعة أوبك بلس وضمن هذه الاعتبارات.

بينما في البحرين، أعربت وزارة الخارجية عن تضامن المملكة الكامل مع السعودية، ورفضها القاطع لتسييس قرار مجموعة أوبك بلس أو اعتباره انحيازا في صراعات دولية.

ومن الخليج غلى المحيط، قال وزير خارجية المغرب، ناصر بوريطة، إن بلاده تؤكد وقوفها بشكل تام مع السعودية في كل القرارات التي تتخذها، وخاصة ما يخص أمنها واستقرارها وأمن واستقرار أسواق الطاقة.

هذا الموقف المشرف تكرر في السودان والجزائر وعمان والأردن وحتى جيبوتي، ما يعيد للأذهان الموقف العربي البطولي في العام 1973 الخاص بوقف تصدير البترول تضامنا مع مصر في حربها ضد إسرائيل.. فها هم العرب مجددا في نسخة حديثة «عرب بلس» في مواجهة العجوز البلطجي الأمريكي.

أهم الأخبار