العلاقات المصرية الخليجية.. جبل ما يهزه «عبث الصغار»

العلاقات المصرية الخليجية.. جبل ما يهزه «عبث الصغار»
د.يوسف العميري
بقلم - د.يوسف العميري

اليوم سعدت باستضافة كريمة من برنامج «الشرق الأوسط»، عبر قناة القاهرة الإخبارية، للحديث عن العلاقات المصرية - الخليجية، في ظل توتر مصطنع، بل يمكن تسميتها بزوبعة في فنجان، يروج لها أهل الشر عبر لجانهم الإلكترونية في فضاء السوشيال ميديا.

ودعونا أولا نؤسس لشيء مهم ولا خلاف عليه، وهو أنه جغرافيا وتاريخيا وثقافيا وديموغرافيا لا يمكننا فصل الخليج عن مصر ولا فصل مصر عن الخليج، فكلاهما جسد واحد وروح واحدة.

وربما من هذا المنطلق سمعنا كثيرا من كل الزعماء في الخليج ومصر أن كلا منهما يمثل عمقا استراتيجيا للآخر، فأمن مصر من أمن الخليج وكذلك أمن الخليج من أمن مصر.

فهذه علاقة قائمة على الانتماء إلى أمة واحدة، ذات تاريخ مشترك وعقيدة دينية واحدة، تتعدى حدود التجاور الجغرافي إلى درجة التشابك الاجتماعي بين الأهل هنا وهناك.

ففي الخليج يوجد نحو ثلاثة ملايين مصري يعملون بكل جد وإخلاص ويلقون كل الترحاب، وفي المقابل يوجد في مصر عشرات الآلاف من أبناء الخليج الذين يعاملون معاملة أبناء البلد في أجواء كلها ود ودفء.. وذلك فضلا عن النسب والمصاهرة والعوائل الممتدة بين مصر والخليج، ففي الكويت وحدها هناك الكثير من الكويتيين أمهاتهم مصريات يشكلون تقريبا 15% من الشعب الكويتي.

إذا فمهما كانت اللغة التي نتحدث بها (سواء كانت لغة أخوة أو سياسة أو اقتصاد أو حتى مصالح)، فإن محاولة العبث في تاريخية وحتمية وقوة هذه العلاقة المتينة، إنما هو درب من «عبث الصغار» لا يليق بالكبار أن يعيروه اهتماما، لكن وإن كنا نتحدث ونوضح فإنما ذلك من أجل قطع الطريق على مثل هذه السخافات، التي قد تصور أن هناك ما يشوب هذه العلاقة الأبدية.

وعلى سبيل المثال، فإنّ العلاقات المصرية - الكويتية إنما هي علاقة دم.. نعم فلدينا 42 شهيداً كويتيا واراهم ثرى الإسماعيلية والسويس، في حرب 1967م و1973.. وفي المقابل لدينا شهداء كثر من مصر ضحوا من أجل دولة الكويت لتحريرها عقب الغزو.

وكذلك لا يمكن نسيان وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب مصر في العام 1956، وإعلانها التعبئة العامة لجنودها، لمواجهة العدوان الثلاثي، ثم المساندة الخليجية لمصر في حرب أكتوبر 1973 والضغط بسلاح النفط.

أما عن الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين وسلطنة عمان والعراق وقطر، فكيف لي أن أتحدث في عجالة عن تلك المواقف المشرفة، التي جمعت الأشقاء هنا وهناك، حيث العلاقات الإستراتيجية والاتفاقٍ التام والتنسيقٍ المتناغم حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وكذا العلاقات الاقتصادية والاجتماعية.

مصر التي كانت - ولا تزال - الداعم الأكبر لكل المواقف الخليجية تجاه مختلف القضايا الكبرى، هي أيضا الرافد الأساسي الذي فاض على كثير من الدول بمختلف الكوادر العلمية والطبية والتعليمية والفنية في مراحل مبكرة من تأسيس البنى التحتية والإنسانية.

ومن منا ينسى ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن «أمن الخليج العربي جزء لا يتجزأ من أمن مصر»، وهو تعزيز وتأكيد للعقيدة المصرية في مختلف العصور.

الخلاصة هي أن العلاقات المصرية الخليجية متينة ولها جذور وتاريخ متجذر وممتد، لكن المشكلة تكمن في منصات التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالسوشيال ميديا، وهو الأمر الذي أكد عليه كل من سمو الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية وأخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ومن هذا المنطلق، اقترح تكوين «شبكة عربية» في مصر تنشط للدفاع وإظهار الصورة الحقيقية لترد بكل صدق وتظهر هذه زيف الأكاذيب والترهات، التي تسوقها منصات وكيانات افتراضية «مدفوعة» وكذلك القنوات التي تدعي مصريتها وهي في الحقيقه عدوة لمصر.

وختاما، فإن علاقة مصر بالخليج شجرة ممتدة جذورها في الأعماق وفروعها ترفرف في السماء، أما محاولات الصغار تشويهها فإنما هي كما الهواء الناتج عن تحريك الذبابة جناحيها.

أهم الأخبار