لوجه الكويت لا المصالح.. تفكك الجبهة الداخلية معركة الكل فيها خاسر

لوجه الكويت لا المصالح.. تفكك الجبهة الداخلية معركة الكل فيها خاسر
بقلم - د.يوسف العميري

قديما حكت لنا الجدات قصة رجل حكيم على فراش الموت، جمع أبنائه وأعطى لكل واحد منهم حزمة من العصي وطلب منهم أن يكسروها، فلم ينجح أي منهم في ذلك، لكن حين فرق الرجل العصي على ابنائه وطلب منهم أن يكسروها فعلوا ذلك بكل سهولة وتحطمت العصي المتفرقة.

أراد الرجل بكل بساطة أن يخبر أبنائه أن في اتحادهم قوة وفي فرقتهم ضعف.

قد تبدو الحكاية ساذجة بما تحمله من رسالة مباشرة، خصوصا بالنسبة للأجيال الصغيرة، التي تدمن مشاهدة الأفلام الأجنبية التي تتطلب قدرا عاليا من الوعي لفهم رسالتها.

ومع ذلك، فإن بيننا من لا يعي تلك الحكمة البسيطة، فبتنا فرقا وشراذم تتصارع وتتراشق بالكلمات الحادة وتتبادل الاتهامات، وأصبحنا حتى في البيت الواحد طوائف وجماعات.. هذا يؤيد فلان وذاك يناصر علان، ولا نكتفي بذلك بل صرنا نشيطن الآخر طالما لا يتفق معنا.

صحيح أن «الاختلاف» في وجهات النظر لا يفسد للود قضية.. لكن «الخلاف» الحاصل في وطننا الآن، ووجود هذا الشقاق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، من شأنه أن يشق الصف ويوسع الصدع الداخلي ويفكك الجبهة الداخلية، التي هي عماد الأمن والسلامة لأي دولة.

وقد يقول قائل إن الخلافات بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية هو أمر طبيعي وأنه حاصل في كل بلاد العالم، لكن ما يشهده الكويت من أزمات متتالية بين هاتين السلطتين على مر العقود الماضية، إنما هو أمر يفوق الحد، ولا يمكن رؤيته من منظور الخلافات السياسية الطبيعية، خاصة وأن من يدفع الثمن هو الوطن وبالطبع المواطن.

يأتي ذلك، بينما ساحة «السوشيال ميديا» مشتعلة بالاستقطاب، فهذا يتبع فلان وذاك يناصر علان كما ذكرت، والأخطر في الأمر أن هذا الاستقطاب ليس وليد وجهات النظر واختلاف الانتماءات السياسية، لكنه خلاف «مصنوع» وراءه «لجان إلكترونية» وحسابات مزيفة، تصب المزيد من الزيت على النار كي لا تنطفئ أبدا.

أنا رجل من هؤلاء الذين تخطوا السبعين، وقد علمتني الحياة الكثير من الدروس والحقائق، وكغيري ممن هم في سني أميل إلى حل المشكلات بالعقل، لا بالتهور واتهام الآخرين بما ليس فيهم، فأنا وجيلي لا نبتغي سوى الوطن.. خصوصا ونحن نرى من حولنا أوطان تشتعل وتتمزق.. والمتهم الأول هو أبنائها، الذين قد تحول السواد الأعظم منهم إلى لعبة في يد الشيطان، يتحدث بلسانه ويتحرك بأمره.

يا شباب ورجال الكويت، لا تكونوا أنتم وقود معركة الكل فيها خاسر، حكموا عقولكم وتحدثوا بالعقل والمنطق، فالقضية ليست قضية خلاف سياسي أو انتماء فكري، لكنها قضية وطن.

وأما الساسة وأصحاب المناصب، فاجعلوا من اختلافكم «نعمة» تثري الحياة السياسية، لا «نقمة» تفقر المجتمع وتهدد سلامته. اختلفوا كما شئتم لكن اجعلوا غايتكم «الوطن» لا «المصالح» و«المواطن» لا «المناصر»، فلسنا في مباراة فيها الفائز والخاسر، فمثل هذه الصراعات «المريضة» التي لا تراعي الصالح العام.. الكل فيها خاسر.

وللحديث بقية..

أهم الأخبار