اختبارات الخارجية الكويتية.. «لأ مش أنا اللي أبكي»

اختبارات الخارجية الكويتية.. «لأ مش أنا اللي أبكي»
بقلم - دكتور - يوسف العميري

يقول موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب: «لأ مش أنا اللي أبكي ولا أنا اللي اشكي لو جار عليا هواك.. »، وهذا هو لسان حال أبنائنا المتقدمين لاختبار وزارة الخارجية للعمل كملحق دبلوماسي وقنصلي في مارس الماضي.. فما الحكاية؟

في هذه الاختبارات التي أعلنت عنها وزارة الخارجية، في يناير، من أجل اختيار 30 كادرا من أبنائنا لشغل وظائف ملحق دبلوماسي وقنصلي، لم ينجح سوى اثنين من أصل نحو ألف متقدم.. وهذه صدمة كبيرة لو تعلمون..

صدمة لأن هذه النتائج لا تعكس حقيقة مستوى أبنائنا، الذين تلقوا تعليما على أعلى مستوى، سواء داخل الكويت أو خارجها في كبريات الجامعات العالمية العريقة.. إذا أين المشكلة.. وما هو سبب خروج نتائج الاختبارات بهذا الشكل الذي أحبط هؤلاء الشباب والشابات في مقتبل العمر، بل وقتل الأمل في قلوبهم.

لكن قبل الخوض في حقيقة ما حدث، دعونا ننوه ونشيد بقرار معالي وزير الخارجية الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، بإعادة إجراء الاختبارات عبر إعلان جديد، بل ووعد بأنه ستكون هناك مراجعة دقيقة لكافة الجوانب المتعلقة بالاختبار القادم من اللجنة المختصة في ضوء الملاحظات التي وردت للوزارة ونتائج الاختبار السابق.

لهذا يطيب لي تقديم الشكر إلى معالي وزير الخارجية الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، وكذلك سعادة السفير منصور عياد العتيبي، نائب وزير الخارجية، على هذا القرار الذي يعكس تجاوب القيادة الجديدة للوزارة وتفاعلها مع نبض الشارع.. ولكن!

وعن «لكن» هذه حدث ولا حرج.. فالحقيقة المرة مرارة الحنظل هي أن هذه الاختبارات لو أجريت ألف مرة لن تتغير النتيجة، ولا يعني ذلك ضعف مستوى المتقدمين للاختبارات، ولكن لأن ما درسوه يختلف تماما عما يسألون عنه في الاختبار..

هؤلاء الخريجون تعلموا منذ الصغر في مدارس أميركية وإنجليزية وغيرها، لهذا تعلموا التاريخ الأميركي والإنجليزي.. لم تعلمهم وزارة التربية والتعليم الكويتية تاريخ الكويت ولا حضارة الكويت، صحيح أننا كآباء حاولنا تعريفهم بالكويت وتاريخه وحضارته، لكن ذلك لم يكن بالقدر الكافي لأن يجتازوا اختبارات وزارة الخارجية المتعمقة في تاريخ وحضارة الكويت.

ومن العقل ألا نعيد «التجربة» بنفس معطياتها ونحلم بالحصول على نتائج مختلفة، فالمنطق يقول إن المقدمات تقود إلى النتائج.

صدقا، لو كان الأمر بيدي لانتقيت أفضل العناصر من بين المتقدمين، ليس على أساس ما يحفظ من معلومات، ولكن على أساس جوهر هذا الشاب من حيث مستوى لباقته ولياقته الاجتماعية وثقافته العامة وقدرته على التعلم، وهنا أستشهد بالتجربة الأميركية في اختيار دبلوماسييها.

في النموذج الأميركي، تركز وزارة الخارجية على اختبار المتقدم لشغل الوظيفة في ثلاث نواحِ، وهي: معرفته بمواضيع عامة مثل الأحداث العالمية والاقتصادية والتعامل مع الزملاء في العمل، ثم التعبير عن الرأي من خلال الكتابة حول مواضيع سياسية أو ثقافية محددة، وأخيرا، سيرته الذاتية عن طريق طرح أسئلة حول عاداته الشخصية في الدراسة والعمل وتجربته السابقة في تكييف نفسه على مواقف جديدة والتعايش مع الأجانب.

يا سادة لسنا بصدد اختيار أشخاص في شكل موسوعة تحفظ معلومات، أو ببغاوات تردد أشياء لا تفهمها، لكننا نحتاج إلى كوادر شابة قادرة على التعلم والتعامل مع الآخر، ومن ثم يمكننا تدريبهم بشكل لائق، لخدمة هذا الوطن.

وهنا أعيد ما قلته في مقال سابق، عن تحويل سفاراتنا في الخارج إلى أكاديمية لتخريج الكفاءات الشابة، وذلك من خلال تعيين أبنائنا الخريجين النابهين في سفاراتنا وقنصلياتنا حول العالم وفي مختلف التخصصات، فنعلمهم ونرتقي بمستواهم ليكون لدينا صفوف جديدة وكوادر شابة مؤهلة لقيادة مستقبل الكويت.

----------------

إذ أعجبتك هذه المقالة فشاركها مع أصدقائك عسى نستفيد منها جميعا

أهم الأخبار