سلامة قلبك يا بايدن
كسر الرئيس الأميركي جو بايدن أسباب الصمت وموانع الكلام، ليخبر العالم أن قلبه يعتصر ألمًا، بعد وفاة مواطن أميركي في غزة، وهي مناسبة لا يمكن لأحدٍ أن يتخطاها بالمزايدة على روح قُدِّر لها أن تموت دون ذنب.
لكن بايدن الذي قال من البيت الأبيض «انفطر قلبانا أنا وجيل (بايدن) بسبب مقتل الأميركي غادي حجاي»، هل تحرَّكت نبضات قلبه - ولو قليلاً - لتخبره أن اضطرابًا في المواقف وتناقضًا يصيب قلبه وعقله.
بينما كان قلبه يعتصر على وفاة مواطن يبلغ من العمر 73 عامًا، فإن الاحتلال الإسرائيلي قتل أكثر من 20 ألف شهيد فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال، وجميعهم أبرياء، مدنيين، يختبئون في بيوتهم والخوف يملأ قلبهم، قبل أن تسقط القنابل الحارقة على منزلهم فتحوِّله إلى رماد.
الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل يوميًا مئات الفلسطينيين الأبرياء، لم يُحرِّك قلب بايدن، ولم يمنع يده عن التوقيع على حزم الدعم العسكري واللوجيستي لقوات الاحتلال لتنفيذ جرائمها تجاه أبرياء غزة.
قلب الرئيس الأميركي لا يسع حزنًا وفرحًا غير طرف واحد، والبقية هامشيون على أطراف الحياة، موتهم وحياتهم غير مهمة لمن يزعمون أن الديمقراطية غطاء رأسهم السياسي
اقرأ أيضًا: «غزة» تهدد مستقبل بايدن.. ونتنياهو قلق
لا أحد يريد الحرب، ولا إنسان على وجه الأرض يتمنى أن يرى مشاهد القتل، سوى من يتلذذ في دماء الأبرياء، وأيًّا كان الموقف فإنَّ قلب الرئيس الأميركي لا يسع حزنًا وفرحًا غير طرف واحد، والبقية هامشيون على أطراف الحياة، موتهم وحياتهم غير مهمة لمن يزعمون أن الديمقراطية غطاء رأسهم السياسي.
مرة واحدة فقط شعر العالم أن إدارة بايدن يمكن أن تنزع رداء الدعم اللامحدود عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يوم قال الرئيس الأميركي إن حكومة نتنياهو بدأت تفقد الزخم الغربي حولها، حينئذ بدت تصريحات بايدن كأنها تغيُّرًا بارزًا في الموقف تجاه الاحتلال، لكن عندما علمنا أن نظره يمتد ليرقب الانتخابات المنتظرة ويعلم حجم الرصيد الذي فقده لدى الرأي العام، أصبح ما قاله دعايا انتخابية لا فائدة لها.
الحزن الذي يملأ قلب الرئيس الأميركي حاليًا تزامن مع تصريحات عبّر فيها عن موقف متشدد، رافض لكافة دعوات وقف إطلاق النار في غزة.
اقرأ أيضًا: «ليس الآن».. بايدن يستبعد اتفاقا سريعا لـ «هدنة غزة الثانية»
الغريب أن الحزن الذي يملأ قلب الرئيس الأميركي حاليًا تزامن مع تصريحات عبّر فيها عن موقف متشدد، رافض لكافة دعوات وقف إطلاق النار في غزة، فضلاً عن امتناع واشنطن عن التصويت لصالح قرار في مجلس الأمن الدولي الجمعة بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لسكان غزة، وهو أقصى حدود العبث بمدركات البشر تجاه عقلانية المشهد.
كان الأجدى لكبير البيت الأبيض أن يشعر بالحزن على قتل الأبرياء كعلامة على أن قلبه لا يزال ينبض تجاه أي إنسان، ولا يخصص الحزن لجنسيات، لكن على أية حال طالما أنه يعيش حالة انفطار الآن فلا يسعنا إلا أن نقول له: سلامة قلبك يا بايدن.