إيران تستدعي باكستان إلى ملعب التوترات.. المشهد إلى أين؟

إيران تستدعي باكستان إلى ملعب التوترات.. المشهد إلى أين؟
إيران وباكستان تتقاسمان حدودا بطول ألف كيلومتر
القاهرة: «خليجيون»

أرغمت إيران الجارة باكستان على دخول على خط التوترات التي تزداد توسعًا يومًا بعد الآخر، كامتداد للصراع في الشرق الأوسط الذي تتدخل طهران بثقلها في مجمل الملفات التي تترك آثارًا سلبية على الأوضاع السياسية والاقتصادية.

التوتر بين إيران وباكستان يمكن أن يتطور إلى مواجهات مباشرة تجعل المنطقة الجيوسياسية ملتهبة، خاصة مع استدعاء التوترات الحدودية بين الجارتين، رغم شعور المجتمع الدولي بمزيد من المخاطر.

غارات متبادلة بين إيران وباكستان

وتفيد الأنباء الواردة من إيران بمقتل 9 أشخاص على الأقل، في حصيلة للغارات التي نفذتها باكستان صباح الخميس، على مواقع لمسلحين في إقليم سيستان وبلوشستان.

وقالت الخارجية الباكستانية إن الغارات «تمت بدقة عالية»، واستهدفت «مواقع عسكرية محددة في إيران». في حين الجيش الباكستاني في بيان إن «المخابئ التي كانت تستخدم من قبل منظمات إرهابية، تم ضربها بنجاح في عملية بنيت على أسس استخباراتية».

جاءت هذه الغارات الباكستانية، بعد ساعات من غارات إيرانية مشابهة على مواقع قالت إنها لجيش العدل، في الأراضي الباكستانية، وقُتل طفلان على إثرها بحسب الخارجية الباكستانية، استدعت باكستان على إثرها سفيرها لدى إيران للتشاور بعد الغارات الإيرانية.

ورغم تبادل الغارات في أراضي كل منهما تصر باكستان وإيران على أن الطرف الآخر ليس مستهدفاً من جانبها، بينما يتحدث البلدان عن هجمات موجهة ضد مسلحين يهددون البلدان.

وتصر إيران على ربط الأحداث بإسائيل، حيث قالت إنها استهدفت قواعد لمسلحين «على صلة بإسرائيل» داخل باكستان. وتنتمي المجموعتان المستهدفتان إلى البلوش، لكن من غير الواضح إذا كان هناك تعاون بينهما.

واستدعت تلك التوترات مشهد العلاقات المضطربة بين البلدين في الماضي، لكن هذه الضربات كانت الأكثر عمقًا عبر الحدود في السنوات الماضية.

دبابات للجيش الباكستاني خلال مناورة عسكرية
دبابات للجيش الباكستاني خلال مناورة عسكرية

باكستان تجري مراجعة للأمن القومي

وأعلنت باكستان عن موقف يشير إلى احتمالية تفجر الأوضاع، حيث قال وزير الإعلام الباكستاني، مرتضى سولانغي، لوكالة «رويترز»، إن رئيس حكومة تصريف الأعمال، أنوار الحق كاكار، دعا كبار القادة المدنيين والعسكريين للمشاركة في اجتماع، الجمعة، «لإجراء مراجعة للأمن القومي» في ظل التوتر مع إيران.

الجيش الباكستاني يقول إنه جمع معلومات استخباراتية، عن قواعد لتنظيم جيش تحرير بلوشستان وجبهة تحرير بلوشستان داخل الأراضي الإيرانية، وهما تنظيمان متهمان بممارسة الإرهاب في باكستان.

واستخدم الجيش مسيرات انتحارية، وصواريخ وأسلحة أخرى في غاراته التي تمت بدقة عالية لتفادي «الأضرار الجانبية»، في رسالة على ما يبدو تشير غلى رغبته في عدم افتعال صدام بعيد المدى مع إيران.

جذور التوتر الحدودي بين إيران وباكستان

من جانبه قال نائب مدير أمن إقليم سيستان وبلوشستان الإيراني، علي رضا مرحمتي، إن الهجمات تمت بعد دقائق من الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، واستهدفت مواقع في قرية قرب مدينة سارافان، القريبة من الحدود مع باكستان.

كانت عدة تنظيمات انفصالية تابعة للبلوش، تنشط في المنطقة الواقعة داخل الحدود الباكستانية مع إيران على مدى عقود، وتبنت هجمات استهدفت عناصر الأمن في باكستان.

أكبر هذه التنظيمات، جيش تحرير بلوشستان، بزعامة بشير زاب، وجبهة تحرير بلوشستان التي يتزعمها الدكتور نزار البلوش. وزعمت السلطات الباكستانية لسنوات أن المسلحين المرتبطين بالانفصاليين البلوش يتخذون من الأراضي الإيرانية مقراً لهم.

ومع أن الهجمات الخارجة من الأراضي الإيرانية تشير إلى خلفيتها النظامية، أو بمعنى أدق شنتها القوات المسلحة الإيرانية، فإن جبهة تحرير بلوشستان أصدرت بياناً قالت فيه إنها لا تمتلك أي قواعد أو مقاتلين داخل الأراضي الإيرانية.

ومن المعروف أن الجبهة تنشط في المنطقة القريبة من مدينة مكران في إقليم بلوشستان، وتبنت العديد من الهجمات التي استهدفت قوات الأمن الباكستانية.

ومطلع عام 2022، استهدفت الجبهة المحظورة في باكستان، نقطة تفتيش في مدينة غوادار الباكستانية، وقتل 10 جنود خلال الهجوم.

ونشأت الجبهة في سبعينات القرن الماضي، إثر تمرد شعبي ضد الحكومة الباكستانية في الإقليم الحدودي، إبان فترة حكم ذو الفقار علي بوتو الأولى. وبعد انقلاب الجنرال ضياء الحق، دخل البلوش في مفاوضات مع الحكومة الباكستانية ما أدى لفترة هدوء مؤقتة للتمرد المسلح.

وعاد الصراع للاشتعال مرة أخرى في ظل حكم الجنرال برفيز مشرف، وجرى اعتقال قائد القوميين البلوش، نواب خير بخش، بتهمة قتل قاض في المحكمة العليا، وبدأت بعدها سلسلة من الهجمات على القوات والأهداف الأمنية الباكستانية منذ بداية الألفينات، وانتشر العنف في مختلف أنحاء بلوشستان.

وتبنت جبهة تحرير بلوشستان غالبية تلك الهجمات، فيما أدرجت الحكومة الباكستانية الجبهة في قائمة المنظمات الإرهابية عام 2006.

وي المنطقة تنشط حركة جيش العدل، المعارضة للحكومة الإيرانية، وتصف نفسهت بأنه «تدافع عن حقوق الشهب البلوشي» داخل الأراضي الإيرانية، وقالت إيران إنها استهدفت مواقع تابعة له في غاراتها الأخيرة.

وتبنى جيش العدل العديد من الهجمات التي استهدفت قوات الأمن الإيرانية، والتي حدث أغلبها في إقليم سيستان وبلوشستان، الشق الواقع في الأراضي الإيرانية من إقليم بلوشستان.

وربطت الاستخبارات الأمريكية جيش العدل بالهجوم على الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد عام 2005.

خل تخوض إيران وباكستان حربا حدودية

ورغم التطورات السريعة السابق، فإن رئيس شركة فيزير للاستشارات السياسية والأمنية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا ومقرها نيويورك عارف رفيق قال لمجلة «نيوز ويك» إن البلدان لا يسعيان إلى خوض حرب على حدودهما المشتركة، فهما يواجهان تهديدات ذات حجم استراتيجي أكبر من أماكن أخرى. وأضاف: «لذلك، لدى كل من إيران وباكستان مصلحة واضحة في إيجاد سقف لهذا الصراع الصغير ومسار نحو وقف التصعيد، ولكن السؤال هو كيف».

ويعتقد مدير دراسات الخليج العربي في مركز الأبحاث العلمية ودراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية في طهران جواد هيرانيا أن الهدف الرئيسي الثاني من الضربات الصاروخية التي استهدفت مواقع في العراق وسوريا وباكستان كان موجها إلى الخارج، فالرسالة الأخرى لهذه الهجمات إلى أميركا وإسرائيل هي أن إيران ستتخذ إجراءات رادعة تتناسب مع التهديدات.

اقرأ أيضًا:

شاهد| عدوى توترات الشرق الأوسط تضرب حدود إيران وباكستان

خطاب الحرب يتصدر.. كوريا الشمالية تقطع آخر شريان مع الجنوب

إيران تصفي مشتبها بالتخابر مع «الموساد».. من هو رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي؟

أهم الأخبار