هل تسير مصر على نهج «قنصل البندقية» مع القاهرة التاريخية؟

هل تسير مصر على نهج «قنصل البندقية» مع القاهرة التاريخية؟
مجمع التحرير
القاهرة: أحمد كامل

حذر خبراء أثار من مخاطر تهدد تاريخية المنشئات الآثرية في مصر، نتيجة لفتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي في العاصمة التاريخية عبر صندوق التنمية الحضرية، لافتين إلى أن هناك محاولات لاستكمال رغبة قنصل البندقية في العصر المملوكي، بإنشاء فندق داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي والتي قوبلت بالرفض من السلطان المصري آنذاك.

وتختص مجموعة عمل شكلتها الحكومة باتخاذ إجراءات تيسير استخراج التراخيص اللازمة للمستثمرين الراغبين في الاستثمار بمناطق القاهرة التاريخية، حيث يقوم الصندوق بتنفيذ مشروع إعادة إحياء القاهرة التاريخية بها.

وتعد مدينة القاهرة التاريخية، إحدى أبرز المدن التراثية القديمة على مستوى العالم، فهى مدينة حية غنية بآثارها المعمارية والفنية التى ترجع إلى الفترة التاريخية الممتدة ما بين العصر الرومانى، وعصر أسرة محمد على.

وكانت وزارة الآثار، قد بدأت بالتعاون مع هيئة اليونسكو فى السنوات الأخيرة، بحملة قومية كبيرة، لصيانة وترميم آثار شارع المعز وعملية وتطوير الشارع نفسه، لإعادته إلى رونقه القديم بعد الانتهاء من تطوير البنية التحتية وجميع المرافق به، وإعادة المبانى إلى أصلها وبنائها بهوية بصرية تعيد للأذهان صورة مصر التى كانت عليها.

شارع المعز لدين الله الفاطمي

تحذير

ويحذر أستاذ الترميم وعضو اللجنة الدائمة للآثار الفرعونية السابق حجاجي إبراهيم من التعرض للمنشآت الأثرية، مشددًا على ضرورة «مراعاة الجانب الأثري قبل الاستثمار في أي مكان تاريخي».

ويقول حجاجي في تصريح إلى «خليجيون»:«ذلك النهج كما حاول قنصل البندقية في عهد السلطان المملوكي قنصوة الغوري، إذ أراد تخصيص وبناء فندق داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي، الأمر الذي قوبل بالرفض من السلطان المملوكي بل وطرد قنصل البندقية من اجتماع الحوش السلطاني داخل القلعه»

ويتابع: «ظلت الفكره التي باءت بالفشل حتى عهد الوزير فاروق حسني وصديقه المستثمر اسماعيل السيد».

تخوفات

وتخوف حجاجي من تكرار ما مررته الحكومات السابقة من تشييد فنادق ومنتجعات، بعد تدمير مواقع أثرية كما حدث في مدينة الجونة بالبحر الأحمر قائلا: «الجونه شيدت على أرض أثرية وهي موقع روماني بحري يطلق عليه (ميوس هورموس) كما كان به قلعه من الحجر الجيريقد أزيلت بالكامل».

مدينة الجونة في البحر الأحمر

ويدعو العالم الأثري إلى تشكيل لجنة أثرية تتابع أعمال أي مستثمر مقبل على إنشاء أماكن خدمية بمواقع أثرية، حتى لا يتم انتهاك المعلم الأثري.

ويشير إلى أن هذه المرحلة من الخطة تأتي تمهيدا لطرح المشروعات للمستثمرين الفترة المقبلة، بما في ذلك المراكز التجارية، مع استكمال تنفيذ المخطط العام.

تكلفة المشروع

وتبلغ التكلفة الإجمالية لإعادة تطوير القاهرة التاريخية والمناطق العشوائية، والتي تمتد على مساحة 10 آلاف فدان، تبلغ حوالي 317 مليار جنيه، حسبما قال رئيس صندوق التنمية الحضرية خالد صديق لإنتربرايز.

الاستثمار في القاهرة التاريخية يدر ملايين الدولارات

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع إن «الاستثمار الأجنبي أو المحلي بالأماكن الأثرية يصب في مصلة التنشيط السياحي خاصة وأن السائح الأجنبي يهمه الخدمات المقدمة له بالتوازي مع القيمة الأثرية التي غادر إليها» متوقًعا أن تدر مصر عبر مشروع القاهرة التاريخية ملايين الدولارات سنويا.

واستبعد نافع في تصريح إلى «خليجيون»، حدوث ما يتخوف منه العالم الأثري حجاجي قائلا: «المستثمر الأجنبي شيد الفنادق وفتح المطاعم وأماكن ترفيهية بجوار الأهرامات الثلاثة دون أن تتأثر معالهما»، لافتا إلى أن «اللجان المتخصصة الأثرية تتابع كل خطوة في المشاريع الاستثمارية بصفتها مشرف ومراقب».

وأضاف صديق أن هذا السعر يشمل 60-70 مليار جنيه للجزء التاريخي من القاهرة، والذي يجري تمويله من ميزانية وزارة الإسكان.

وجرى الانتهاء من 90% من خطة تطوير القاهرة التاريخية وإعادة المظهر الحضاري، بما في ذلك إصلاح واجهات المباني وتحديث البنية التحتية مثل إعادة رصف الطرق، حسبما قال صديق.

وكان صندوق مصر السيادي قد قدم خطة لإعادة استخدام مبنى مجمع التحرير في وسط القاهرة منذ حوالي عامين. سيشهد المشروع، الذي من المتوقع أن تبلغ تكلفته 200 مليون دولار، تحويل المبنى الأيقوني إلى فندق خمس نجوم جديد مكون من 450 غرفة.

وسيضم الفندق الجديد أكثر من 85 ألف متر مربع من مساحات الاجتماعات والفعاليات والعديد من أماكن الترفيه والمطاعم، وسيضم أكبر مساحة ترفيهية على السطح في العاصمة. وقع تحالف مكون من شركة جلوبال فينتشرز ومجموعة أوكسفورد كابيتال، ومقرهما الولايات المتحدة، وشركة العتيبة للاستثمار الإماراتية عقدا بقيمة 3.5 مليار جنيه لتولي المشروع في نهاية عام 2021.

اقرأ المزيد

«خليجيون»| «كارثة محتملة».. خبراء آثار يحذرون من «تبليط» الهرم الأصغر

أهم الأخبار