مجلس الأمن يختص قطر ببيان إشادة.. ما السبب؟

مجلس الأمن يختص قطر ببيان إشادة.. ما السبب؟
تميم بن حمد أمير قطر ( الإنترنت)
القاهرة: أحمد كامل

اختص مجلس الأمن الدولي قطر بالإشادة بجهودها الدبلوماسية التي وصفها بـ«الحثيثة»، من أجل التوصل إلى وقف للأعمال القتالية في قطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين وتوسيع نطاق المساعدات الإغاثية وتسهيل إيصالها إلى المدنيين في ظل الوضع الإنساني الكارثي وخطر المجاعة الذي يعيشه القطاع.

جاء ذلك في قرار اعتمده مجلس الأمن، اليوم، كان قد قدمه الأعضاء غير الدائمين في المجلس، للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، الأمر الذي يشير إلى أن هناك عدة أسباب دفعت مجلس الأمن لاعتبار قطر لاعب أساسي في المساهمة لإنهاء تلك الأزمة.

التفاعل الدائم

ومنذ اندلاع العدوان على غزة، تفاعلت قطر مع القضية كما لعبت دورًا كوسيط أساسي بين جميع الأطراف، وجزء فعّال دوليا بشأن ما يجري في غزة، مصحوبًا برفض وإدانة دائمَين للسياسة الإسرائيلية.

ودعت قطر منذ السابع من أكتوبر إلى التهدئة، محمِّلة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الأحداث، ففي بيان لوزارة الخارجية القطرية، صادر في اليوم نفسه، جاء: «تعرب دولة قطر عن قلقها البالغ إزاء تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وتدعو جميع الأطراف إلى وقف التصعيد والتهدئة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس».

وأضاف البيان:«وتحمل وزارة الخارجية إسرائيل وحدها مسؤولية التصعيد الجاري الآن بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، وآخرها الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك تحت حماية الشرطة الإسرائيلية».

بيانات متتالية

ولم تكف قطر عن إصدار البيانات في كل المناسبات الدولية، إذ كان البيان الرئيسي الذي أظهر وجهة نظر قطر كان على لسان رئيس الوزراء القطري، في 13 أكتوبر، والذي قال فيه إن «التزام دولة قطر بدورها كشريك في صناعة السلام ووسيط في فض النزاعات لا يجب أن يتم استغلاله للإساءة لسمعتها عبر كيل الاتهامات والتي أثبتت التجارب زيفها وسوء نية المتاجرين بها».

دور قطر في صفقة الأسرى

ولعبت قطر دورًا هامًا في إعلان الهدنة بغزة لمدة أسبوعين في نوفمبر الماضي، وخلالها تمت عملية تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الفلسطينية حماس و الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد العدوان الإسرائيلي توسط الدوحة في ملف تبادل الأسرى، وخصوصاً إطلاق سراح أسيرات إسرائيليات مدنيات، وأسرى يحملون جنسيات أجنبية، منها الأميركية.

وفي يناير الماضي كشف الإعلام العبري وصول 6 من عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى العاصمة القطرية الدوحة، على أمل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى ما يؤكد قوة الوساطة القطرية وحالة الثقة داخل المجتمع الإسرائيلي في تأثيرها.

احدى السيدات تطالب بتنفيذ صفقة الأسرى

استقبال القيادات الأميركية

وتحولت الدوحة إلى محطة رئيسية للولايات المتحدة في جولاتها بالشرق الأوسط للوصول إلى حل لأزمة غزة، ففي 13 من أكتوبر 2023 استقبلت قطر وزير الخارجية الأميركي، بلينكن، وفي مؤتمر صحفي للطرفين، حدد رئيس الوزراء القطري، ووزير الخارجية، محمد بن د الرحمن آل ثاني، دور بلاده قائلا: «نؤمن في دولة قطر إيماناً راسخاً بالوساطة والحوار وهي جزء من سياستنا الخارجية ولطالما سعينا إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع مختلف الأطراف في مختلف ساحات الصراع وهو ما ساهم في ترسيخ مكانتنا الدولية كشريك موثوق في صناعة السلام».

وحددت قطر 3 أهداف أساسية عاجلة، أولها منع اتساع رقعة الحرب وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، وعودة الأسرى.

فيما قال بلينكن: «تتشارك الولايات المتحدة وقطر في هدف منع هذا الصراع من الانتشار. ناقشنا بالتفصيل جهودنا لمنع أي لاعب، دولة أو غير دولة، من خلق جبهة جديدة، وأضاف: «كما نعمل بشكل مكثّف معاً لضمان إطلاق الرهائن، بما في ذلك المواطنين الأميركيين، الموجودين لدى 'حماس‘ في غزة».

تميم بن حمد أمير قطر

كلمة قطر في محكمة العدل الدولية

وانطلقت قطر لتلحق بركب البلاد المدافعة عن غزة أمام محكمة العدل الدولية، ففي 23 من فبراير الماضي قال ممثل الدوحة أمام تلك المحكمة في لاهاي «نؤمن بأن إقرار السلام والعدل الدوليين ممكن فقط عبر القانون الدولي، ونرفض ازدواجية المعايير والقانون الدولي يجب أن يطبق على الجميع».

وأضاف ممثل قطر أمام جلسات استماع محكمة العدل الدولية، أن «مصداقية القانون الدولي تتوقف على قرار المحكمة ورأيها، لافتًا إلى أن ما تفعله إسرائيل يؤكد أن الوضع في فلسطين أكبر تهديد للأمن الدولي»، موضحًا أنه يجب على المحكمة النظر في تداعيات ممارسات إسرائيل، فإن الاحتلال الإسرائيلي يجب أن يتوقف.

وأشار إلى أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المخالفة للقانون ليست صدفة، ولدى المحكمة الولاية القضائية ولا سبب لرفض تقديم رأيها، فإن إسرائيل عرقلت كل الحلول السلمية وتواصل احتلال الأراضي الفلسطينية.

لقاءات مع قادة حماس

ومارست قطر سياسة إظهار حماس في الصورة الدولية كطرف أساسي له حق في اتخاذ القرار، إذ التقى أمير البلاد تميم بن حمد مع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، إسماعيل هنية، في 26 من فبراير الماضي لبحث التطورات في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.

و قال الديوان الأميري حينها إن عبر منصة «x» «أمير دولة قطر ناقش مع رئيس المكتب السياسي لحماس جهود قطر للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة».

وأضاف أن الشيخ تميم أكد خلال لقائه هنية، في مكتبه بقصر لوسيل، دعم قطر «للشعب الفلسطيني وقضيته وأهمية وحدة الصف الفلسطيني، لنيل حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

مطالب القرار

ويطالب القرار الذي جرى تبنّيه بغالبية 14 صوتاً مؤيّداً وامتناع عضو واحد عن التصويت، بـ«وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان» الذي بدأ قبل أسبوعين، على أنّ «يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم». كما يدعو إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن».

وبخلاف النص الأميركي الذي رفضته روسيا والصين يوم الجمعة الماضية، فإنّ القرار الجديد لا يربط المطالب التي ينصّ عليها بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر والولايات المتحدة ومصر، حتى لو «اعترف» بوجود المحادثات الرامية إلى هدنة يرافقها تبادل للرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين.

ورأى بعض المراقبين في ذلك المشروع تحولاً كبيراً في موقف واشنطن التي تتعرض لضغوط للحد من دعمها للاحتلال الإسرائيلي في وقت أسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل 32333 شخصاً في غزة وفق أحدث حصيلة أعلنتها وزارة الصحة بالقطاع.

وسبق للولايات المتحدة أن عارضت بشكل منهجي مصطلح «وقف إطلاق النار» في قرارات الأمم المتحدة، كما عرقلت ثلاثة نصوص في هذا الإطار. ولكنّ النص الأميركي الذي أُسقِط بالفيتو لم يدعُ بشكل صريح إلى وقف فوري لإطلاق النار، بل استخدم صياغة اعتُبرت غامضة من جانب الدول العربية والصين، وكذلك روسيا التي نددت بـ«نفاق» الولايات المتحدة.

وجاء مشروع القرار الذي جرى تبنّيه الإثنين، نتيجة لعمل الأعضاء غير الدائمين في المجلس الذين تفاوضوا مع الولايات المتحدة طوال نهاية الأسبوع في محاولة لتجنّب فشل آخر، وفقاً لمصادر دبلوماسية. ويدعو القرار أيضاً إلى «إزالة كل العوائق» أمام المساعدات الإنسانية التي من دونها بات سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2، 4 مليون نسمة معرضين لخطر المجاعة.

من جهة أخرى، يدين القرار الذي تمّ تبنّيه الإثنين "جميع الأعمال الإرهابية" لكن من دون الإشارة إلى عملية طوفان الأقصي في أكتوبر والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصاً. ولم يُدن أي قرار اعتمده المجلس أو الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر حماس على وجه التحديد، وهو أمر ووجه بانتقادات من إسرائيل.

إدانة إسرائيلية وإشادة فلسطينية

وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على منصة اكس «ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل سيكون أمراً لا يغتفر».

وبعيد تبنّي القرار أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّه لن يرسل وفداً إلى واشنطن، كما كان مقرّراً بناءً على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن.

وأكد بيان صادر عن مكتب نتنياهو أنّ امتناع واشنطن عن استخدام الفيتو لإحباط القرار «يضرّ بالمجهود الحربي وجهود إطلاق سراح الرهائن»، مشيراً إلى أنّه ┬في ضوء تغيّر الموقف الأميركي، قرّر رئيس الوزراء أنّ الوفد لن يغادر» إسرائيل.

وشدّد الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي من جهته على أن الامتناع عن التصويت «لا يشكّل تحوّلا في سياستنا»، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت لأن نصّ القرار لا يدين حماس. وأعرب عن «خيبة أمل شديدة لأنهم لن يأتوا إلى العاصمة واشنطن ليتسنى لنا إجراء نقاش وافٍ معهم بشأن البدائل الحيوية لهجوم برّي على رفح» في جنوب قطاع غزة.

ورحّبت حماس من جهتها بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف "فوري لإطلاق النار" في الحرب التي دمرت قطاع غزة وأوصلت سكانه إلى حافة المجاعة، معربة عن استعدادها للمضي قدماً في عملية تؤدي إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين.

وقالت الحركة في بيان «نرحّب بدعوة مجلس الأمن الدولي اليوم لوقف فوري لإطلاق النار، ونؤكد على ضرورة الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، يؤدي إلى انسحاب كافة القوات الصهيونية من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى بيوتهم التي خرجوا منها". وأضافت «كما نؤكد استعدادنا للانخراط في عملية تبادل للأسرى فوراً تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين».

أهم الأخبار