مرضى الفشل الكلوي بين سندان الحرب ومطرقة نقص العلاج.. مأساة في دارفور

مرضى الفشل الكلوي بين سندان الحرب ومطرقة نقص العلاج.. مأساة في دارفور
لاجئون سودانيون في جنوب السودان. (أ ف ب)
القاهرة: «خليجيون»

امتدت أثار وتبعات الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان إلى مرضي الأمراض المزمنة في البلد العربي المنكوب بالاقتتال الداخلي منذ شهور طويلة، وتعكس معاناة مرضى الفشل الكلوي وجها قبيحا للحرب في ظل نقص مستلزمات الغسيل الكلوي الضرورية لاستمرار الحياة.

يخشى المضوي يوسف أن تتأثر والدته المصابة بفشل كلوي بتقليص عدد جلسات غسل الكلى التي تخضع لها إلى جلسة واحدة أسبوعيا بدلا من جلستين بسبب نقص المستلزمات الطبية في مركز الكلى بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور في الإقليم المضطرب الواقع في غرب السودان.

وقال يوسف لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) «أمي عندها 6 فحوصات لوظائف الكلى يفترض أن نجريها كل شهر، لكن المرة الماضية لم نستطع سوى إجراء ثلاثة منها فقط ووقف نقص المال والمستهلكات الطبية بالمركز حائلا أمامنا».

تحتاج والدة يوسف إلى 40 ألف جنيه سوداني شهريا للخضوع لفحوص وظائف الكلى، لكن تعطل عجلة الحياة بالمدينة بسبب الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع يجعل عائلتها غير قادرة على توفير المبلغ المطلوب للعلاج.

وقلص المركز عدد جلسات غسل الكلى لوالدة يوسف إلى واحدة أسبوعيا في ظل نقص المستلزمات الطبية. وقال يوسف «ضروري إجراء الفحوصات في وقتها للتأكد من أن وظائف الكلى تؤدي دورها».

مراكز غسيل مهددة بالتوقف

تحصل والدة يوسف على العلاج بصورة منتظمة منذ عام 2017، لكن ما تبقى من المستلزمات الطبية في مركز الكلى في نيالا ر«بما يكفي أقل من شهر واحد»، بحسب يوسف. وقال إن المرضى يشترون بأنفسهم بعض المستلزمات الطبية، غير أن هناك أدوية تخلوا عنها بسبب الغلاء وندرتها في الأسواق.

وقال المتطوع في مركز الكلى في نيالا بخيت إبراهيم إن المرضى «عانوا كثيرا خلال فترة الحرب اللعينة، لأن نيالا من أكثر المناطق التي شهدت أحداثا مؤسفة».

وأضاف إبراهيم «إدارة المركز اتخذت قرارا بتقليص الجلسات حتى وصول مستهلكات (غسل الكلى) الأساسية من بورتسودان، وهذا ربما يطول كثيرا ولا يتحمله الكثير من المرضى خصوصا مع دخول فصل الصيف».

وقال وزير الصحة السوداني المكلف هيثم إبراهيم في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي الشهر الماضي إن هناك ثمانية آلاف مريض بالفشل الكلوي في السودان.

غياب الدعم

شكت الطبيبة في مركز نيالا للكلى عبير فضل السيد من عدم وجود أي جهة تدعم المركز، مشيرة إلى أن ديوان الزكاة يمنح العاملين مصاريف يوم أو يومين فقط.

وأضافت «الموضوع صعب بالنسبة للعاملين الذي يأتون بأرجلهم من بيوتهم إلى مركز غسيل الكلى الوحيد حتى لا يتوقف المرضى عن الحصول على الجلسات، لأننا نعلم أن توقفها سيجعل المريض يدخل في غيبوبة وبعدها سيموت».

وأكدت أن العاملين في المركز طالبوا حكومة ولاية جنوب دارفور بتوفير حوافز شهري مارس آذار وأبريل نيسان من العام الماضي التي تقدر بحوالي خمسة آلاف جنيه سوداني يوميا بالكاد تكفي وجبة واحدة في اليوم وتكاليف المواصلات. وقالت «المدير العام لوزارة الصحة في نيالا يعرف مطالبنا لكنه يقول إنه لا يملك شيئا».

وبحسب الطبيبة، تسلم العاملون في المركز قبل شهرين راتب نصف شهر عن مايو أيار ويونيو حزيران ويوليو من العام الماضي، وقالت إن المركز القومي لم يرسل الحوافز المالية للعاملين منذ سقوط ولاية جنوب دارفور بيد قوات الدعم السريع في أكتوبر تشرين الأول الماضي.

ويخطط العاملون في مركز نيالا للكلى إلى الدخول في إضراب مفتوح لحث حكومة الولاية ووزارة الصحة على دفع المستحقات المالية، بحسب الطبيبة عبير، التي استدركت قائلة إن الهم الأكبر هو توفير المستلزمات الطبية والوقود والمياه حتى لا يخرج المركز من الخدمة.

وتعاني نيالا أزمة مياه حادة مع دخول فصل الصيف بسبب تضرر شبكة المياه في المدينة وتوقفها عن العمل منذ عدة أشهر بفعل المعارك الضارية بين الجيش والدعم السريع.

كما حذر برنامج الأغذية العالمي أمس الجمعة من أن الوقت ينفد أمام منع حدوث مجاعة في إقليم دارفور مع تصاعد الاشتباكات في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بما يعيق الجهود الرامية لتوصيل المساعدات الغذائية الحيوية إلى المنطقة.

وقالت الطبيبة عبير «حاولنا نعمل مبادرات وناشدنا المنظمات ونفذنا وقفات احتجاجية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن لا حياة لمن تنادي. بهذه الطريقة سيتوقف المركز تماما وسيواجه مرضى الكلى الموت البطيء».

اقرأ أيضا: شيرين عبد الوهاب: حاسة إني صوت الكويت

قطر تدرس إغلاق مكتب حماس في الدوحة ومصير الوساطة

أهم الأخبار