خليجيون| ما حقيقة الضغوط الأميركية على السعودية لوقف اتفاق خليجي مع الصين؟

خليجيون| ما حقيقة الضغوط الأميركية على السعودية لوقف اتفاق خليجي مع الصين؟
محمد بن سلمان مع الرئيس الصيني. أرشيفية (الانترنت)
القاهرة: نصر عبد المنعم

قللت مصادر تحدثت إليها «خليجيون» مما تداولته وسائل إعلام غربية من تسريبات بشأن ضغوط مباشرة تمارسها واشنطن مباشرة على السلطات السعودية لعرقلة اتفاقية تجارة حرة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر لم تسمعها القول إن مفاوضات باتفاق للتجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تعثرت، نتيجة تحفظات سعودية من تأثير محتمل للواردات الصينية الرخيصة على طموحات المملكة في التحول إلى قوة صناعية.

مبرر يؤيده الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي المصري، مؤكدا أن الأسواق السعودية تعاني بالفعل من إغراق السلع الصينية الرخيصة وذات الجودة في نفس الوقت بكل المنتجات.

ويضيف الخبير الاقتصادي في تصريح لـ«خليجيون» أن المنتجات الصينية «قادرة على وأد أي مشروع صناعي سعودي أو خليجي لعدم القدرة على مواجهة المزيد من المنتجات الصينية في حالة وجود اتفاقية تسمح بتدفق المنتجات دون رسوم».

ويستبعد المحلل الاقتصادي وجود ضغوط أميركية مباشرة على الرياض لعرقلة اتفاقية التجارة الحرة، ويؤيد الأسباب السعودية، شارحا أن «الرياض لديها خطط وبرنامج تصنيعي بمليارات الدولارات ترعاه صناديق سيادية ويحتاج للحماية، لافتا «أن الواردات الصينية قادرة على تدمير البرنامج الصناعي السعودي قبل أن يبدأ»، مضيفا «أن الصين استطاعت تحقيق المعادلة الصعبة في وفرة التصنيع وجودته وتلبية احتياجات الأسواق الدولية على حسب كل دولة وبالأسعار التي تناسبها».

حماس سعودي قبل تبدل المواقف

ودعمت المملكة جهود مجلس التعاون الخليجي على مدى العامين الماضيين لإبرام اتفاق طال انتظاره مع الصين.

لكن 5 مصادر مطلعة على المفاوضات قالت لوكالة رويترز إن الجانبين وصلا إلى طريق مسدود فيما يتعلق بتحفظات سعودية على قائمة من السلع، طرحتها بكين لإعفائها من رسوم الاستيراد الخليجية.

وأضافت المصادر أن السعودية قلقة من تضرر برنامجها الصناعي جراء منتجات صينية منخفضة التكلفة، تشبه تلك التي تأمل المملكة في تصنيعها محليا.

ولم يرد مركز التواصل الحكومي السعودي والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ووزارة التجارة الصينية على طلبات رويترز للتعليق على المفاوضات التجارية.

قطاع تصنيعي ناشيء

ولدى المملكة -أكبر مُصدّر للنفط في العالم- قطاع تصنيعي ناشئ تأمل الحكومة أن يتمكن في المستقبل من صناعة كل شيء من الرقائق الإلكترونية إلى الإطارات، وذلك في إطار برنامج تحول اقتصادي أوسع، يهدف إلى خلق قطاع خاص حيوي.

وتنفق المملكة تريليونات الدولارات لتطوير اقتصادها في إطار البرنامج المعروف باسم رؤية 2030، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ولا يسعى الأمير محمد بن سلمان إلى تقليل اعتماد المملكة على عائدات النفط من خلال إنشاء قطاع خاص قوي فحسب، بل أيضا إلى تحويل المملكة إلى مركز تجاري عالمي.

شراكات جريئة

وتعقد المملكة شراكات مع شركات أجنبية، من بينها شركات صينية، من أجل بناء صناعة تحويلية في البلاد، بهدف تطوير قدرات وخطوط تصنيع محلية.

من جهته حصر الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي المخاوف السعودية من الاتفاق التجاري مع الصين والخليج في عدم القدرة على المنافسة مع الأسعار الصينية.

وعن سبب دعم الرياض للاتفاقية في بداية المفاوضات ثم تعثرها يرجح الخبير الاقتصادي لـ «خليجيون» أن تكون دراسات الجهات الاقتصادية قد توصلت إلى خطورة المنتجات الصينية على القطاع الصناعي الصيني، ولم يستبعد جاب الله وجود «تحريض ما» من الخارج عن طريق إظهار مساوئ الاتفاقية على الاقتصاد السعودي وليس تحريضا مباشرة.

ليس مستبعدا

ورغم ذلك، قالت مصادر لرويترز أن اتفاقا للتجارة بين الصين والخليج ليس مستبعدا، لكن إتمامه يحتاج إلى أن يتوصل السعوديون والصينيون لتسوية.

وأشار مسؤولون خليجيون في أكتوبر الماضي إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق في وقت قريب، كما نقلت وسائل إعلام محلية عن السفير الصيني لدى السعودية تشن وي تشينغ قوله في يناير الماضي إن هناك قضايا صعبة تحتاج إلى حل رغم إحراز تقدم.

وبدأت الصين ودول مجلس التعاون الخليجي محادثات تجارية منذ ما يقرب من 20 عاما. لكن لم ينجز سوى القليل من الاتفاقيات، ووقع التحالف اتفاقية للتجارة الحرة مع كوريا الجنوبية في ديسمبر الماضي.

والصين من أبرز المستوردين لموارد الطاقة الخليجية، وبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج، وفقا لبيانات الجمارك الصينية، نحو 286.9 مليار دولار في 2023، فيما تستحوذ السعودية على ما يقرب من 40% من حجم التبادل التجاري بين الخليج والصين.

وعززت الصين ودول الخليج التعاون الاقتصادي في السنوات القليلة الماضية، مما أثار قلق الولايات المتحدة، التي تعد منذ فترة طويلة الشريك الأمني الأساسي لدول الخليج العربية.

وحسب رويترز، فإن الولايات المتحدة تضغط بشكل متزايد بغية عرقلة التعاون بين الصين ودول الخليج، ويشمل ذلك تحديد مواعيد نهائية للمفاضلة بين التكنولوجيا الأميركية والصينية.

اقرأ أيضا: مسيّرات هجومية وصواريخ (إس- 5) روسية.. ماذا يحدث في جنوب لبنان؟

مصر إلى قرض جديد من صندوق النقد.. الحكومة توضح

أهم الأخبار