«خليجيون»| كيف أفلت مجلس التعاون من رياح التفكك 43 عاما.. ولماذا رفُضت فكرة قابوس؟

«خليجيون»| كيف أفلت مجلس التعاون من رياح التفكك 43 عاما.. ولماذا رفُضت فكرة قابوس؟
مجلس التعاون الخليجي ( أرشيفية)
القاهرة: نصر عبد المنعم

تحل اليوم السبت، الذكرى الثالثة والأربعون لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، في وقت يقلل محللون خليجيون من فرص الذهاب أكثر نحو اتحاد دول الخليج أو الوصول لعملة موحدة، فيما انتقد باحث خليجي رفض فكرة سابقة لسلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد كانت ستغير شكل العمل الخليجي.

تأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الـ25 من مايو 1981 في ظروف استثنائية نتيجة للتوترات الإقليمية في ذلك الوقت، وتحديات سياسية وأمنية واقتصادية كانت تواجه دول المنطقة. ومنذ انطلاق مجلس التعاون قبل أربعة عقود ونيف، لا ينقطع الجدل بشأن كفاءة الكيان الخليجي في مجابهة التحديات الإقليمية والدولية التي عاصرها، بداية من الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)، وحرب الخليج الثانية (1990-1991)، ثم الغزو الأميركي للعراق في العام 2002، وما تبعه من تمدد للنفوذ الإيراني في المنطقة.

مجلس التعاون قاوم التفكك

يرصد الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي عايد المناع ما عدها نقطة إيجابية في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، وهي أنه «ما زال متماسكا ولم يتفكك على غرار كيانات وحدوية عربية سرعان ما أطاحت بها الأزمات»، ضاربا أمثلة «بمجلس التعاون العربي والاتحاد المغاربي، وميثاق دمشق بعد حرب تحرير الكويت»، مضيفا إن المجلس «يعقد قممه السنوية ونصف السنوية على نحو منتظم، علاوة على المواقف السياسية العلنبة المتضامنة، وهذا مؤشر إيجابي».

ويلفت المناع في تصريح لـ«خليجيون» إلى أن المجلس حقق بعض المكتسبات مثل «انتقال المواطنين الخليحيين بالبطاقة المدنية وحرية التملك والاستثمار بين دول المجلس»، مشيرا إلى «العمل على طريق سكك حديدية يربط الدول الأعضاء».

لكن سقف التوقعات ما يزال منخفضا بشأن خطوة وحدوية أشمل بين دول المجلس، ففي القمة الخليجية (ديسمبر 2011)، دعا العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قادة دول الخليج إلى الاتحاد في كيان واحد، بدلاً من التعاون عبر المؤسسات القائمة حالياً. في إشارة وصفها خبراء بالمهمة وراهنوا أنها قد تغير من الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، إلا أنها لم تر النور حتى اللحظة.

ويقول الباحث الباحث الكويتي عايد المناع إن «الطريق لا يزال طويلا للوصول إلى اقتراح العاهل السعودي الراحل»، ضاربا مثالا «بعدم اكتمال الاتحاد الجمركي بالشكل النهائي، فيما لا يزال الطريق طويلا أمام العملة الموحدة والبنك المركزي الخليجي الموحد».

ويضيف المحلل الكويتي «لو أرادت هذه الدول أن تنتقل للاتحاد ستحتاج عملة موحدة، لكن الأهم أن هذا الاتحاد يعني وجود حكومة مركزية، إذ أن أية دولة كبيرة لها رأس وأطراف»، ويستدرك «دول المجلس تريد أن تكون رؤوس وليست أطراف».

هاجس أمني وراء إنشاء مجلس التعاون

ويحدد النظام الأساسي لمجلس التعاون الأهداف الرئيسة لإنشائه، من بينها تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دوله الأعضاء في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين.

في حين يرى الكاتب والمحلل السياسي العماني الدكتور محمد العريمي، بعدا أهم وهو «الهاجس الأمني» وليس الاقتصادي أو الاستثماري. ويضيف العريمي في تصريح لـ«خليجيون» إن «الحاجة ظهرت لتجمع خليجي بسبب الهواجس والثغرات الأمنية في دول الخليج وتحديدا من ناحية إيران والعراق والدول الكبيرة التي كانت تهدد هذه الدول الصغيرة في المساحة وعدد السكان».

مباركة أميركية وغربية لإنشاء مجلس التعاون

ويوضح المحلل السياسي العماني، رئيس جمعية الصحفيين العُمانية، أن «إنشاء مجلس التعاون الخليجي كان بمباركة غربية وأميركية في تلك الفترة»، وفجر الدكتور محمد العريمي مفاجاة بالقول إن «سلطان عمان الراحل قابوس بن سعي أطلق فكرة مشابهة لمجلس التعاون في السبعينيات وقبل إنشاء المجلس الحالي، لكنها لم تر النور وتم وأد الفكرة من قبل طرف معين الكل يعرفه»، وتحفظ العريمي عن الإسهاب في الحديث عن هذا الطرف.

ويفصل الأكاديمي العماني بالقول «إن السلطان قابوس كان يريد إنشاء مجلس أو تجمع خليجي من ثمان دول يضم العراق واليمن إلى جانب دول الخليج الست»، ويضيف «لو تم الاستجابة لفكرة سلطان عمان وقتها لتجنبت المنطقة صراعات وحروب كثيرة ولا وصلت الأمور في العراق واليمن إلى هذا الحد».

كان التطور الفارق في مسيرة العمل الخليجي هو قطع السعودية والإمارات والبحرين (علاوة على مصر) العلاقات مع قطر عام 2017، متهمة إياها بدعم الإرهاب، وهي الأزمة التي انتهت العام 2021 بإعلان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عودة العلاقات الكاملة بين قطر و دول المقاطعة الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي العماني محمد العريمي أن «مجلس التعاون الخليجي تحول لما يشبه الجامعة العربية خلال العشر السنوات الماضية»، وهو الآن «شبه مجمد»، مدللا على ذلك «بتنافر الأنظمة السياسية الست خاصة بعد أزمة قطر مع المملكة العربية السعودية والامارات والبحرين». ويستبعد العريمي «وصول مجلس التعاون الخليجي لفكرة الاتحاد الكامل خلال العشر سنوات القادمة»، مرجعا ذلك إلى «عدم تجانس الأنظمة في الدول الست وعدم وجود تفاهمات جماعية بين دول المجلس».

ويعيد مراقبون للمشهد الخليجي استدعاء ما تردد عن رفض عماني لدعوة الملك السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الرياض عام 2011 إلى انتقال المجلس من التعاون إلى الاتحاد، كما تصاعد حينها الخلاف العماني الإماراتي مع باقي دول المجلس فيما يتعلق بالعملة الموحدة والسياسة المالية للمجلس.

هل عطلت عمان صفقتي الاتحاد والعملة الموحدة؟

وينفي الأكاديمي والباحث السياسي العماني د.محمد العريمي وقوف سلطنة عمان عائقا أمام فكرة اتحاد دول الخليج أو في وجه العملة الخليجية المشتركة، قائلا «إن مسقط اتهمت بعرقلة المشروعين وهو غير صحيح»، مستشهدا بما سمعه شخصيا من السلطان قابوس قبل وفاته بـ 6 أشهر، إذ قال «لم نكن في يوم من الأيام حجر عثرة في أي مشروع يقرب الخليجيين وقلنا لإخواننا في الخليج إن سلطنة عمان ليست جاهزة للاتحاد الآن ولا للعملة الخليجية الموحدة وحينما تكون جاهزة ستلحق بكم».

ويرى المحلل السياسي العماني أن موقف بلاده كان منطقيا، موضحا أن «سلطنة عمان لم تكن جاهزة بالفعل للاتحاد أو العملة الموحدة، ولو حدث اتحاد وقتها فستسطير الدول ذات الاقتصاديات القوية على مقدرات القرار السياسي وهو ماترفضه السلطنة».

وبخصوص العملة المشتركة، يقول العريمي «هناك دول ذات ملاءة مالية كبيرة مقارنة بسلطنة عمان التي ستتضرر في غياب التكافؤ، لذا ارتأت أن تكون جاهزة قبل الإقدام على الخطوتين».

اقرأ أيضا:

«رفعت عيني للسما» أول فيلم مصري يفوز بجائزة في مهرجان كان

ما أجواء «الحج اليهودي» في تونس بعد حرب غزة؟

أهم الأخبار