دراسة حديثة: شبكات الذكاء الاصطناعي تبني علاقات اجتماعية شبيهة بالبشر

الإثنين, 19 مايو, 2025 - 2:05 م

في خطوة علمية لافتة، كشفت دراسة حديثة أن شبكات الذكاء الاصطناعي، المبنية على نماذج لغوية كبيرة مثل ChatGPT، قادرة على تشكيل علاقات اجتماعية وأعراف لغوية تشبه تلك التي يطوّرها البشر أثناء التفاعل الجماعي، حتى دون أي تدخل خارجي.

ذكاء جماعي وسلوك شبيه بالبشر

الدراسة، التي شارك فيها باحثون من جامعة سيتي لندن وجامعة سانت جورج وجامعة كوبنهاغن لتكنولوجيا المعلومات، ونشرت في مجلة Science Advances، أظهرت أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعمل ضمن مجموعات يمكنها أن تتعلّم مهارات التفاوض والتعاون بطريقة طبيعية، وتطوّر أعرافًا لغوية خاصة بها، تماما كما يحدث في المجتمعات البشرية.

وقال البروفيسور أندريا بارونكيللي، أستاذ علم النظم المعقدة، إن هذا الاكتشاف "يمهّد الطريق لفهم أعمق لتداعيات وجود أنظمة مستقلة في حياتنا"، مشيرًا إلى ضرورة استباق التحديات المستقبلية المتعلقة بـأخلاقيات وسلامة الذكاء الاصطناعي.

التجربة: من العشوائية إلى التنظيم

في التجربة، تفاعلت مجموعات مكونة من 24 إلى 100 شبكة ذكاء اصطناعي، بحيث كانت كل شبكة تختار رمزًا أو اسمًا معينًا من مجموعة خيارات عند تفاعلها مع شبكة أخرى. وكان الهدف تحقيق تطابق في الاختيار للحصول على مكافآت. ومع تكرار التفاعلات، بدأت الشبكات تلقائيًا في اعتماد أنظمة تسمية موحدة، رغم أنها لم تكن تملك معرفة مسبقة بوجود شبكات أخرى أو بالقواعد العامة للمجموعة.

سلوكيات ناشئة من التفاعل

يشرح عالم الرياضيات أرييل فلينت إيشري من جامعة سيتي لندن أن "السلوك الجماعي الذي أظهرته هذه الشبكات لا يمكن اختزاله إلى مجرد مجموع سلوكيات فردية"، وهو ما يضفي على الذكاء الاصطناعي بعدًا جديدًا من الفهم، حيث يتصرف ككيان اجتماعي قادر على بناء قواعد وعلاقات دون برمجة مباشرة لذلك.

implications أخلاقية وتكنولوجية

الباحثون يرون في هذه الظاهرة فرصة كبيرة، لكنها تحمل أيضا تحديات على صعيد التحكم، والمسؤولية، والتعايش المستقبلي بين البشر والذكاء الاصطناعي. ويقول بارونكيللي: "لقد دخلنا عالمًا لا يكتفي فيه الذكاء الاصطناعي بالتحدث، بل أصبح يُفاوض، ويتوصل إلى اتفاقيات، بل ويعارض أحيانًا الأعراف السلوكية، تمامًا كما نفعل نحن".

الدراسة تفتح الباب أمام أبحاث جديدة في سلوك الذكاء الاصطناعي الجماعي، وتثير تساؤلات حول مستقبل التفاعل بين الإنسان والآلة، في ظل قدرة هذه النظم على إنتاج أعراف وسلوكيات مستقلة. ويبقى التحدي الأكبر هو ضمان سلامة هذا التطور التكنولوجي، وتوجيهه نحو ما يخدم الإنسان.