هل يخطو ماكرون نحو الاعتراف بدولة فلسطين؟.. خطوة محفوفة بالتحديات وتحتاج أكثر من "رمزية"

هل يخطو ماكرون نحو الاعتراف بدولة فلسطين؟.. خطوة محفوفة بالتحديات وتحتاج أكثر من "رمزية"

يتجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نحو الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة جريئة قد تُعيد ترتيب أوراق السياسة الخارجية الفرنسية في الشرق الأوسط، لكن دبلوماسيين وخبراء يرون أن هذه الخطوة، رغم طموحها، قد تكون سابقة لأوانها ما لم تُرفق بإجراءات ملموسة تتجاوز الجانب الرمزي.

وبحسب مصادر مطلعة، يجري درس هذا التوجه داخل الدوائر الفرنسية تزامناً مع استعداد باريس لاستضافة مؤتمر دولي مشترك مع السعودية بين 17 و20 يونيو المقبل، لبحث آفاق حل الدولتين ووضع خارطة طريق تضمن أمن إسرائيل وحقوق الفلسطينيين.

وفي حال اتخاذها، ستكون فرنسا — الدولة الأوروبية الكبرى وعضو مجموعة السبع، وصاحبة أكبر تجمع لليهود والمسلمين في أوروبا — أول قوة غربية كبيرة تعترف بدولة فلسطينية. خطوة قد تعطي زخماً دولياً للمبادرات المماثلة التي اتخذتها دول أصغر مؤيدة لحقوق الفلسطينيين، لكن في المقابل، قد تفتح الباب أمام تصعيد سياسي مع إسرائيل.

ضغوط وتحذيرات.. وردود فعل متباينة

إسرائيل من جانبها لم تقف مكتوفة اليدين، فبحسب مصادر دبلوماسية، مارست تل أبيب ضغوطاً على باريس وصلت إلى التهديد بتقليص التعاون الاستخباراتي وتعقيد أي مبادرات فرنسية في المنطقة، بل والتلويح بضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو تحرك من شأنه أن يشعل الساحة السياسية والدبلوماسية أكثر.

الغضب الإسرائيلي تجلى في تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي اتهم باريس وكندا وبريطانيا — بعد بيان مشترك أبدت فيه الدول الثلاث استعدادها لفرض تدابير على إسرائيل والاعتراف بفلسطين — بـ"معاداة السامية"، في تصعيد لفظي يعكس حساسية اللحظة.

لكن وعلى الرغم من كل ذلك، يبدو أن باريس، بحسب تصريحات مسؤولين فرنسيين، تسعى لإحداث "تغيير حقيقي على الأرض"، وليس الاكتفاء بإعلان سياسي رمزي، وتربط الأمر بتطورات عدة منها إصلاح السلطة الفلسطينية، ونزع سلاح الفصائل المسلحة، وإعادة إعمار غزة.

تغير في الموقف الفرنسي

موقف ماكرون تجاه إسرائيل شهد تحوّلاً لافتاً منذ تصاعد الحرب على غزة. فبعد دعم قوي لإسرائيل في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023، الذي أودى بحياة 1200 شخص بحسب الإحصاءات الإسرائيلية، أخذت لهجة ماكرون في التصعيد ضد السياسات الإسرائيلية، خصوصاً مع تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في غزة حاجز الـ50 ألف بحسب مسؤولين صحيين هناك.

وقال الرئيس الفرنسي في مقابلة بتاريخ 9 أبريل:

"نحتاج إلى التحرك نحو الاعتراف، وخلال الأشهر القليلة المقبلة سنقوم بذلك".

لكن التصريحات ظلت مشروطة وغامضة، إذ أشار إلى رغبته في حشد دعم دولي وتفاهمات مع دول إسلامية للاعتراف بإسرائيل بالمقابل، وهو ما لم تظهر له مؤشرات فعلية حتى الآن، خاصة في ظل تحفظ سعودي واضح على أي تطبيع قبل إنهاء الحرب.

بين الواقع السياسي والإرث التاريخي

في الأوساط الأوروبية، لا يزال الانقسام قائماً. فبعض الدول ترى أن الاعتراف في هذا التوقيت قد يُضعف فرص استئناف المفاوضات ويُفقد الفلسطينيين أوراق ضغط، بينما يرى آخرون أن الوقت حان لفرض إجراءات ردعية ضد المستوطنات غير الشرعية ومسؤولي الاحتلال.

وفي باريس، يذهب البعض إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن ماكرون، الذي تنتهي ولايته في 2027، يسعى لترك بصمة تاريخية في ملف من أكثر الملفات تعقيداً على الساحة الدولية.

قال أحد كبار المسؤولين الفرنسيين:

"إذا كانت هناك لحظة ملائمة تاريخياً للاعتراف بالدولة الفلسطينية، حتى وإن كانت خطوة رمزية، فربما تكون الآن."

المشهد مفتوح على جميع السيناريوهات — وقد يتغير كل شيء في حال حدث اختراق تفاوضي أو تم التوصل لوقف إطلاق نار في غزة خلال الأسابيع المقبلة.

لكن المؤكد أن فرنسا تقف عند مفترق طرق، بين طموح القيادة السياسية وخشية الانقسام الدولي، وبين رمزيات السياسة وواقع الصراعات.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار