رسوم ترامب تُربك سوق الألماس الأمريكي.. وطفرة المختبرات تُعيد رسم ملامح الصناعة

رغم أن الألماس يُعد من أصلب المواد على وجه الأرض، إلا أن سلسلة توريده الهشة وجدت نفسها في مرمى نيران السياسات الجمركية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ما أدى إلى اضطراب كبير في واحدة من أكثر الصناعات حساسية على المستوى العالمي.
فبحسب تقرير لشبكة CNBC، تواجه واردات الألماس إلى الولايات المتحدة رسوماً جمركية أساسية بنسبة 10%، وسط تحذيرات من فرض رسوم إضافية في حال انتهاء مهلة الـ90 يومًا التي منحها ترامب دون التوصل لاتفاقيات تجارية جديدة. وتكتسب هذه الرسوم أهمية بالغة نظرًا لأن الولايات المتحدة تمثل أكثر من نصف الطلب العالمي على الألماس المصقول.
وفي هذا السياق، قالت كارين رينتميسترز، المديرة التنفيذية لمركز أنتويرب العالمي للماس، إن "صناعة الألماس تواجه عاصفة من التحديات، وإن هذه الرسوم قد تُشكل ضربة قاضية لسوق الألماس في أمريكا"، خاصة في ظل سلاسل التوريد المعقدة التي تمر عبر عدة قارات قبل وصول الحجر الكريم إلى واجهات العرض.
وعلى خلاف الذهب والنحاس، لم تُستثنَ واردات الألماس من الرسوم الجمركية، ما أثار احتجاجات من قطاع المجوهرات الفاخرة الذي يعتبر الألماس فيه مادة خام أساسية، وإن كانت تُباع في صورة خواتم أو أقراط.
ضغط مزدوج: تباطؤ اقتصادي وطفرة المختبرات
وتأتي هذه الأزمة في وقت يُعاني فيه سوق السلع الفاخرة من تباطؤ عام بعد طفرة ما بعد جائحة كورونا، وركود اقتصادي ملحوظ في الصين، التي تُعد من أكبر أسواق الاستهلاك في العالم.
لكن التأثير الأكبر على صناعة الألماس لم يكن وليد الرسوم الجمركية فقط، بل بدأ قبل ذلك مع الانتشار المتسارع للألماس المصنّع في المختبرات (LGD)، الذي يُباع بخصومات قد تصل إلى 80% مقارنة بالألماس الطبيعي.
فبحسب استطلاع أجرته منصة "The Knot" الأمريكية لحفلات الزفاف، فإن أكثر من نصف الأزواج في الولايات المتحدة اختاروا خواتم خطوبة مرصعة بألماس مختبري. وقد مثّل عام 2021 نقطة تحول مهمة حين أعلنت شركة "باندورا" - أكبر شركة مجوهرات في العالم - عن توقفها نهائيًا عن استخدام الألماس الطبيعي في منتجاتها.
وأكد ألكسندر لاسيك، الرئيس التنفيذي لباندورا، أن حجم الألماس المصنّع في المختبر تجاوز نظيره الطبيعي في السوق الأمريكي منذ أكثر من عام ونصف، قائلاً: "إذا كان هناك شك في وجود تحول، فقد أصبح واضحًا الآن، ونحن نرى أنه سيستمر في النمو".
الأسعار تحت الضغط
بفعل المنافسة الحادة من الألماس المختبري وسوء الأحوال الاقتصادية، انخفض سعر الألماس الطبيعي بنسبة 60% منذ ذروته في مارس 2022، ما يشكل تهديدًا مزدوجًا لمنتجي الألماس المستخرج من المناجم.
ورغم التراجع العام، لا تزال المجوهرات الفاخرة تشكّل نقطة مضيئة في قطاع السلع الكمالية، إذ تستقطب الطبقة الثرية التي غالبًا ما تكون أقل تأثرًا بالتقلبات الاقتصادية.
ألماس طبيعي أم مختبري؟
من الناحية التقنية، لا فرق تقريبًا بين النوعين من حيث التركيب الكيميائي أو الصلابة أو اللمعان. فكلاهما يسجل 10 درجات على مقياس موهس للصلابة، ويصعب تمييزهما بالعين المجردة.
لكن الفرق الجوهري يكمن في ندرة الألماس الطبيعي وتكلفة استخراجه العالية، مقارنة بعملية تصنيع الألماس في المختبرات التي تُنجز خلال أسابيع، باستخدام تقنيتين: إما محاكاة الضغط والحرارة الطبيعيين، أو من خلال تبخير غاز الكربون وترسيبه لصنع نواة الماسة.
وفي خضم هذه التحولات، يبقى مستقبل صناعة الألماس مرهونًا بتكيفها مع واقع اقتصادي جديد، تتقاطع فيه التكنولوجيا مع السياسات التجارية والتغيرات في سلوك المستهلكين.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك