اكتشاف علمي من بريطانيا يفتح آفاقًا جديدة لمكافحة السل
في تقدم علمي وصف بـ"الثوري"، نجح فريق من الباحثين في جامعتي أكسفورد وساري البريطانيتين في كشف آلية دقيقة تستخدمها بكتيريا السل لضبط نموها والتهرب من الجهاز المناعي، ما قد يُحدث تحولًا جذريًا في طرق علاج المرض، لاسيما في مواجهة السلالات المقاومة للأدوية.
تعديل جيني دقيق ينظم حياة البكتيريا
وبحسب دراسة نُشرت في مجلة The EMBO Journal، فقد اكتشف العلماء أن بكتيريا السل العصوية تستخدم آلية نادرة تُعرف باسم "تعديل الحمض النووي عبر جزيئات ADP-ريبوزيل". وتعمل هذه الآلية كمفتاح بيولوجي دقيق يتيح للبكتيريا:
إبطاء وتيرة الانقسام والتكاثر
تعديل التعبير الجيني وفقًا للظروف
التكيف مع البيئات العدائية داخل الجسم
التحايل على استجابة الجهاز المناعي
نظام إنزيمي مزدوج.. السلاح السري للبكتيريا
يرتكز هذا النظام الحيوي على إنزيمين رئيسيين:
DarT: يبطئ نمو البكتيريا عبر تعطيل تضاعف الحمض النووي مؤقتًا.
DarG: يعمل عكسًا، إذ يعيد الحمض النووي إلى حالته الطبيعية، مما يسمح للبكتيريا بمواصلة نشاطها في التوقيت المناسب.
وصف الباحثون هذا الثنائي بأنه يشكل "ترموستات جزيئي" يتحكم في نشاط البكتيريا بدقة مذهلة، ما يمنحها القدرة على الاختباء داخل الجسم والاستمرار في المراوغة لسنوات.
أمل جديد لعلاج مقاومة السل
التجارب المخبرية أثبتت أنه عند تعطيل قدرة البكتيريا على تنفيذ هذا التعديل الجيني أو إيقاف عمل إنزيم DarG، فإن الخلايا البكتيرية تتوقف عن النمو وتفقد حيويتها بالكامل، ما يقدم هدفًا علاجيًا جديدًا ومبشرًا للقضاء على السلالات المقاومة للعقاقير التقليدية.
خطوة نحو كبح المرض القاتل
ويُعد هذا الاكتشاف بمثابة اختراق علمي بارز في جهود مكافحة مرض السل، الذي ما يزال يُصنّف ضمن أكثر الأمراض التنفسية فتكًا حول العالم، خصوصًا مع تنامي سلالاته المقاومة للعلاج.
ويأمل العلماء في أن يُسهم هذا الفهم الجديد في تطوير أدوية دقيقة تستهدف نقاط ضعف البكتيريا، بدلًا من التركيز فقط على قتلها بوسائل عامة قد تفقد فعاليتها بمرور الوقت.
خلاصة
بينما يستمر العالم في معركته مع الأمراض المعدية، يُعيد هذا الاكتشاف تسليط الضوء على قوة البحث العلمي في تفكيك أسرار الكائنات الدقيقة، وابتكار حلول ذكية تسد الطرق أمامها، في رحلة طويلة نحو عالم خالٍ من السل.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك
