قرار الصين بمنع تصدير المعادن النادرة.. .كيف قلب موازين الصناعة العالمية في شهرين؟

قرار الصين بمنع تصدير المعادن النادرة.. .كيف قلب موازين الصناعة العالمية في شهرين؟

قبل شهرين فقط، وتحديدًا في 4 أبريل الماضي، فجّرت الصين مفاجأة مدوية بإيقاف شبه كامل لصادراتها من سبعة أنواع من معادن الأرض النادرة، بالإضافة إلى مغناطيسات فائقة القوة تدخل في صناعات دقيقة. القرار لم يمرّ بهدوء، إذ بدأ تأثيره سريعًا وواسعًا، مع ارتفاع الأسعار عالميًا وتعطّل خطوط إنتاج حيوية في الغرب.

سيطرة صينية مطلقة على السوق

رغم أن معادن الأرض النادرة — وعددها 17 عنصرًا — ليست نادرة فعليًا، إلا أن استخراجها يتطلب تقنيات معقدة وتكلفة بيئية عالية، وهو ما جعل الصين تتربع على عرش الإنتاج العالمي. فهي تملك أكثر من 70% من الإنتاج الخام، وتُعالج كيميائيًا نحو 90% من الكميات المنتجة عالميًا، بما يشمل دولًا أخرى مثل ميانمار وحتى نصف إنتاج الولايات المتحدة.

المعادن التي أوقفت الصين تصديرها، ومنها الديسبروسيوم والتيربيوم والساماريوم، تُعرف بأنها "ثقيلة"، ويصعب فصلها. وتُستخدم في إنتاج مغناطيسات مقاومة للحرارة تُعد مكونات أساسية في السيارات الكهربائية، الطائرات، أنظمة التوجيه، وحتى الأسلحة المتطورة.

مغناطيسات خارقة وأزمة مصانع

المغناطيسات المصنوعة من معادن نادرة تُعد أقوى بنحو 15 مرة من المغناطيسات العادية بنفس الوزن، وهي عنصر لا غنى عنه في الصناعات المتطورة. وغيابها تسبب في تعطّل مصانع مثل فورد في شيكاغو، التي تعتمد على هذه المواد في الإنتاج. الأمر لم يتوقف عند السيارات، بل طال قطاعات الإلكترونيات، الطيران، المعدات الطبية، والدفاع.

بين دوافع الصين وردود الغرب

تُبرّر بكين قرارها باعتبارات "الأمن القومي"، إذ تعتبر أن هذه المعادن مزدوجة الاستخدام (مدني وعسكري)، خصوصًا أن بعضها يدخل في تصنيع الصواريخ بعيدة المدى والليزر العسكري. لكن مراقبين يرون أن القرار ردّ مباشر على الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، رغم أن التصدير متوقف حاليًا لجميع الدول، وليس واشنطن فقط.

واللافت أن تراخيص التصدير لم تُستأنف، ما زاد الطين بلّة. فشركات أوروبية مثل فولكسفاغن حصلت على كميات محدودة، بينما تُعاني الشركات الأمريكية من نقص حاد.وهو ما دفع الغرب للمطالبة بـ"تراخيص طويلة الأجل" بدلاً من التصاريح الفردية لكل شحنة.

تداعيات اقتصادية وصناعية ضخمة

القرار الصيني حمل آثارًا زلزالية على سلاسل الإمداد العالمية. إذ أدى إلى:

ارتفاع أسعار معادن نادرة مثل التيربيوم والديسبروسيوم.

تضرر إنتاج السيارات الكهربائية، والطائرات بدون طيار، والرادارات.

تهديد مباشر للمخزونات العسكرية لبعض الدول.

خسائر محتملة في الوظائف بالقطاع الصناعي بسبب تعطل خطوط الإنتاج.

حتى المعادن غير المشمولة بالحظر مثل النيوديميوم شهدت ارتفاعًا في الأسعار، نتيجة المخاوف من توسيع نطاق الحظر لاحقًا.

الغرب في سباق مع الزمن

ردّ الفعل الغربي جاء سريعًا، وإن بدا حتى الآن غير كافٍ. فالدول الصناعية بدأت في:

البحث عن مصادر بديلة مثل أستراليا وكندا.

تعزيز المخزونات الاستراتيجية كما فعلت اليابان.

التعاون مع شركات مثل "Lynas" الأسترالية، المتخصصة في المعادن النادرة.

التفكير في تطوير بدائل تقنية قد تُقلل الاعتماد على المعادن المحظورة، رغم أنها أقل كفاءة.

أزمة توريد أم ورقة ضغط سياسية؟

بغض النظر عن الدافع المعلن، فإن خطوة الصين تُعد ورقة ضغط استراتيجية تستخدمها بكين بمهارة في معركة نفوذ صناعي وتجاري متصاعدة. وهي رسالة واضحة بأن السيطرة على المواد الخام النادرة يمكن أن تكون أقوى من أي تعريفة جمركية أو اتفاق تجاري.

والنتيجة: العالم يدخل سباقًا جديدًا من أجل المعادن النادرة، وملامح معادلة القوة الصناعية يعاد رسمها الآن، بكل ما يحمله ذلك من تحديات.. .وفرص أيضًا.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار