اقتصاد فرنسا في مفترق طرق.. البنك المركزي يخفض توقعاته ويحذر من تبعات "فوضى ترامب التجارية"

اقتصاد فرنسا في مفترق طرق.. البنك المركزي يخفض توقعاته ويحذر من تبعات "فوضى ترامب التجارية"

وسط أجواء من الغموض العالمي والتوترات التجارية المتصاعدة، خفّض بنك فرنسا، للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، توقعاته للنمو الاقتصادي، في خطوة تعكس حجم التحديات التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وأعلن البنك المركزي الفرنسي، الأربعاء، أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 لن يتجاوز 0.6%، مقارنة بتوقعاته السابقة التي تراوحت بين 0.9% و0.7%، مشيرًا إلى تصاعد السياسات الحمائية، وخصوصًا من جانب الولايات المتحدة، بوصفها أبرز العوامل المُثبطة للنمو.

تحذيرات من عواقب متوسطة المدى

البنك دعا إلى "جهد جماعي عادل"، يبدأ من الشرائح الأكثر ثراءً، لمواجهة التأثيرات السلبية للفوضى التجارية العالمية. وقال المحافظ فرانسوا فيليروي دي غالو إن السياسات التجارية التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب "تُلقي بظلالها الثقيلة على النمو العالمي، وتُفاقم من هشاشة الاقتصادات الأوروبية".

أستاذ في السوربون: الاعتماد المفرط على الصادرات أصبح عبئًا

من جانبه، اعتبر البروفيسور جان مارك دوراند، أستاذ الاقتصاد بجامعة السوربون، أن التباطؤ الحاصل لم يكن مفاجئًا، مؤكدًا أنه "نتيجة طبيعية لاعتماد فرنسا على بيئة تجارية مستقرة تتعرض الآن لهزات عنيفة".

وشدد دوراند على أن التركيز المفرط على ضبط الميزانية قد يُضعف فرص الانتعاش، داعيًا إلى دعم الابتكار، وتعزيز الاستهلاك الداخلي، وتوجيه الإنفاق العام نحو إعادة هيكلة الاقتصاد بدلًا من تجميده.

التحديات تتراكم.. والدين يتضخم

تواجه الحكومة الفرنسية فجوة مالية تُقدّر بـ40 مليار يورو، يتعين سدّها بحلول 2026، في محاولة لخفض العجز إلى 4.6%، ومن ثم إلى أقل من 3% بحلول 2029. في المقابل، يُتوقع أن يرتفع الدين العام إلى 120% من الناتج المحلي بحلول عام 2027، مع تجاوز تكلفة خدمته 100 مليار يورو بحلول 2030.

التضخم يتراجع.. والطلب المحلي يتقدم

ورغم الصورة القاتمة للنمو، فإن البنك المركزي أشار إلى بادرة أمل متمثلة في تراجع التضخم إلى 1% في 2025، بعد أن بلغ 2.3% في 2024، مدفوعًا بانخفاض أسعار الطاقة. كما يُتوقع تحسن القدرة الشرائية وزيادة الاستهلاك، بدعم من ارتفاع الأجور وانخفاض معدلات الفائدة.

تحديات النمو بين 2025 و2027

يتوقع البنك أن يبقى النمو محدودًا عند 0.1% في النصف الأول من 2025، وأن يحقق متوسطًا لا يتجاوز 1% في 2026 و1.2% في 2027، مع تقديرات بخسارة 0.4 نقطة من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة، نتيجة الرسوم الأمريكية وحالة عدم اليقين التي تخيم على الأسواق.

ختامًا.. معادلة صعبة في أفق مشوش

فرنسا، اليوم، في مواجهة معادلة اقتصادية شائكة: كيف تحفز النمو وتخفض العجز في وقتٍ واحد؟ وكيف تواكب التغيرات العالمية دون أن تدفع ثمنها وحدها؟ إجابات هذه الأسئلة، وفق الخبراء، تتطلب توازنًا دقيقًا بين الانضباط المالي والسياسات التحفيزية، بعيدًا عن الوصفات الجاهزة أو التقشف المفرط.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار