هل تنجح محاولة أوروبا بإعادة بناء استراتيجيات الردع التجاري في مواجهة أمريكا؟.. تفاصيل كاملة

هل تنجح محاولة أوروبا بإعادة بناء استراتيجيات الردع التجاري في مواجهة أمريكا؟.. تفاصيل كاملة

يبدو أن الاتحاد الأوروبي يقترب من لحظة حاسمة في مفاوضاته التجارية مع الولايات المتحدة، وسط جهود حثيثة لإعادة بناء أدواته الردعية في مواجهة السياسات التجارية الأميركية، والتي لطالما أثارت الجدل داخل القارة العجوز.

فبحسب أولوف غيل، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية لشؤون التجارة، فإن التوصل إلى اتفاق تجاري مع واشنطن بات "في متناول اليد"، ما يشير إلى تقدم ملموس في المفاوضات التي تجري بين الطرفين. وجاءت تصريحاته عقب لقاء جمع كبير المفاوضين الأوروبيين ماروش شيفتشوفيتش مع نظيره الأميركي هاورد لوتنيك، تزامنًا مع ما وصفه مسؤولون أميركيون بـ"تحقيق تقدم" في المحادثات الثنائية.

عرض أميركي وتوجّس أوروبي

وكشفت مصادر دبلوماسية أن الولايات المتحدة اقترحت حداً أدنى للرسوم الجمركية بنسبة 15%، مع استثناءات محتملة لقطاعات حيوية مثل الصناعات الدوائية والطيران. ومع ذلك، لا تزال بنود هذا العرض قيد الدراسة من الجانب الأوروبي.

وفي الوقت الذي تواصل فيه بروكسل العمل على المسار التفاوضي، أكدت المفوضية الأوروبية أنها تتحرك أيضًا على مسار موازٍ، يستعد لأسوأ السيناريوهات في حال تعثرت المحادثات. وقال غيل: "نمضي قدمًا على مسارين مزدوجين: التفاوض من جهة، والاستعداد لإجراءات رد من جهة أخرى".

خطوات تصعيدية قيد التنفيذ

وفي مؤشر واضح على جدية الاتحاد الأوروبي، أقرّت دول التكتل حزمة من الرسوم الجمركية الانتقامية تصل إلى 30%، تستهدف سلعًا أميركية بقيمة 93 مليار يورو (نحو 109 مليارات دولار)، على أن تدخل حيز التنفيذ في السابع من أغسطس إذا لم يُبرم الاتفاق المنتظر.

كما تعمل المفوضية الأوروبية على إعداد قائمة منفصلة تشمل خدمات أميركية، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والخدمات المالية، لوضعها تحت مجهر القيود التجارية لاحقًا، وإن لم تُعرض بعد بشكل رسمي على الدول الأعضاء.

فرنسا تتصدر جبهة الردع

في هذا السياق، تلعب باريس دورًا قياديًا في الدفع نحو تبني سياسة أوروبية أكثر صرامة، مع التركيز على تفعيل آلية مكافحة الإكراه الاقتصادي، وهي أداة ردع قوية لم يُسبق استخدامها حتى الآن. وتتيح هذه الآلية للاتحاد فرض قيود على الواردات والصادرات، ما يوفّر له غطاءً قانونيًا للرد على الضغوط الاقتصادية الخارجية.

ووصف غيل هذه الآلية بأنها "أقوى سلاح ردع بيد المفوضية"، في إشارة إلى تحول استراتيجي محتمل في السياسة التجارية الأوروبية بعد سنوات من التردد.

ملف تجاري بمذاق سياسي

بعيدًا عن الأرقام والرسوم، تتخذ هذه المفاوضات طابعًا سياسيًا عميقًا، إذ تسعى بروكسل لإثبات قدرتها على الوقوف بندّية أمام واشنطن في إدارة المصالح الاقتصادية، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة باستقلال استراتيجي أوروبي في ملفات التجارة، والتكنولوجيا، والدفاع.

ومع اقتراب الموعد النهائي، تبقى الأيام القليلة المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت أوروبا ستتمكن من التوصل إلى اتفاق يُنهي التوترات، أم أنها ستجد نفسها مضطرة لاستخدام أدوات الردع للمرة الأولى في تاريخها المشترك.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار