مواسم جديدة تهدد كوكب الأرض.. الإنسان يعيد رسم خريطة المناخ فمتي يدرك حجم الكارثة؟

في تطور مقلق، حذّر باحثون من أن النشاط البشري المتزايد قد أوجد "مواسم جديدة" تتكرر سنويًا، وتعيد تشكيل الإيقاع الطبيعي للمناخ على الأرض، ما يشكّل تهديدًا للصحة العامة والنظم البيئية حول العالم.
وكشفت دراسة حديثة أجرتها كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، بعد تحليل بيانات الأقمار الصناعية وسجلات الطقس والمصادر المحلية عبر عقود، أن العالم لم يعد يعيش أربعة فصول فقط، بل يواجه أنماطًا موسمية جديدة ناتجة عن تدخل الإنسان، أبرزها "موسم الضباب" و"موسم النفايات".
الضباب السام في آسيا والنفايات العائمة في المحيطات
في جنوب شرق آسيا، يمتد موسم الضباب من يونيو حتى سبتمبر، حين تتسبب الحرائق الزراعية المتعمدة في إندونيسيا وماليزيا بسحب كثيفة من الدخان الخانق، تعبر الحدود وتخنق مدنًا مثل سنغافورة وتايلاند، مؤدية إلى أزمات صحية وبيئية متكررة.
وفي شمال الهند، تتكرر الظاهرة في الشتاء، حين يُحرق المزارعون بقايا المحاصيل، ويتفاقم التلوث بفعل الطقوس التقليدية وانخفاض حركة الرياح.
أما في الولايات المتحدة، فقد تمدد موسم حرائق الغابات في كاليفورنيا من الربيع حتى نهاية العام، فيما شهدت مناطق الشرق مثل نيويورك، في صيف 2023، سماءً برتقالية بسبب دخان حرائق كندا، وهو ما أصبح يهدد الأمن البيئي والصحي لملايين السكان.
وفي جزيرة بالي الإندونيسية، يظهر "موسم النفايات" من ديسمبر حتى مارس، حيث تغير الرياح الموسمية اتجاهها، فتدفع بأطنان من النفايات البلاستيكية من المحيط إلى الشواطئ. وقد بات هذا الموسم جزءًا متوقعًا من التقويم المحلي، إذ جمعت السلطات أكثر من 3000 طن من القمامة في مارس الماضي فقط.
ظواهر مماثلة تُسجل أيضًا في الفلبين وتايلاند والساحل الشرقي للولايات المتحدة، حيث تدفع الأمطار الغزيرة بالنفايات من اليابسة إلى البحر، مهددة السواحل والنظم البحرية.
مواسم تختفي وأخرى تتغير
في مقابل هذه المواسم "الطارئة"، رصد الباحثون اختفاء مواسم تقليدية أو تحوّلها. فمواسم الثلوج في جبال الأنديز وسلاسل روكي تراجعت بسبب قلة التساقط، ما أثر على السياحة الشتوية. وفي بريطانيا، تغيرت أنماط عودة الطيور البحرية للتكاثر، فلم تعد تهاجر في توقيتها المعتاد.
وفي أوروبا، يلاحظ العلماء بدء فصل الربيع باكرًا، وامتداد فصل الصيف لأشهر إضافية. كما باتت مواسم الأعاصير وحرائق الغابات في أمريكا الشمالية أكثر شراسة واتساعًا، ما يرفع منسوب القلق حول المستقبل المناخي للكوكب.
تصنيف علمي جديد للمواسم
قدم الباحثون إطارًا جديدًا لفهم هذه التحولات، صنفوا فيه المواسم إلى ثلاث فئات:
المواسم المتوقفة: التي اختفت كليًا، كشتاء الجليد في بعض المناطق الجبلية.
المواسم غير المنتظمة: التي تتغير مدتها أو توقيتها، مثل ربيع يأتي مبكرًا أو صيف يطول.
المواسم المتزامنة: لا تزال تأتي في موعدها، لكن بشدة وخطر متزايدين، مثل صيف أوروبا الذي بات أكثر حرارة وخطورة منذ موجة الحر القاتلة عام 2003.
تهديد عالمي يتطلب استجابة عاجلة
يرى الخبراء أن هذه التحولات الموسمية الناتجة عن النشاط البشري لا تهدد فقط التوازن البيئي، بل تؤثر مباشرة على صحة الإنسان والاقتصاد العالمي والأمن الغذائي. ومع تسارع التغير المناخي، يؤكد الباحثون أن التعامل مع هذه "المواسم الجديدة" بات ضرورة علمية وسياسية وأخلاقية لضمان مستقبل أكثر استقرارًا لكوكب الأرض.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك