محمد رضا: الفوائض المالية الخليجية تجد فرصتها الذهبية في المشروعات السياحية العملاقة بمصر

أصبحت المشروعات السياحية العملاقة، التي تنفذها الشركات الخليجية بالتعاون مع الحكومة المصرية على سواحل البحرين الأحمر والمتوسط، نافذة حقيقية لتعزيز الاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة طويلة الأجل حيث تعد هذه المشروعات ليست مجرد تطوير عقاري أو سياحي، بل هي جزء من رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي للسياحة والاستثمار، وتعزيز علاقاتها الاقتصادية والجيوسياسية مع دول الخليج بما يضمن استدامة النمو وتحقيق التكامل الإقليمي في هذا القطاع الحيوي.
حيث يعد الإعلان الأخير عن مشروع "مراسي البحر الأحمر"، المشروع الاستثماري السياحي الأكبر على ساحل البحر الأحمر باستثمارات تصل إلى 900 مليار جنيه، أو مايقارب 18.5 مليار دولار أمريكي امتدادًا للنجاح الكبير الذي حققته الحكومة المصرية بإبرام صفقات عملاقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع السياحي والتطوير العقاري بعد صفقة رأس الحكمة المشروع الاستثماري السياحي الأكبر رأس الحكمة بين على البحر الأبيض المتوسط والتي بلغت استثماراتها نحو 35 مليار دولار، ويعكس قدرة الدولة المصرية على جذب تدفقات رأسمالية ضخمة في وقت تسعى فيه الحكومة لاستقطاب 42 مليار دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي الحالي والتي تدعم أيضاً خطة الدولة لمبادلة القروض القائمة باستثمارات أجنبية مباشرة، ما يسهم في تحقيق مستهدفها في السردية الوطنية التي أطلقتها منذ أيام بتخفيض الدين الخارجي لتحسين هيكل الاقتصاد المصري على المدى الطويل.
كما تشير التقديرات أن مشروع مراسي رد سي سيؤدي إلي توفير ما بين 150 إلى 170 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة أثناء مرحلة إنشاء المشروع على مدار أربعة سنوات بالإضافة إلي مايقارب من 25 ألف وظيفة دائمة بعد التشغيل في الفنادق والمتاجر والمطاعم وتشغيل المراسي وغيرها من مرافق المشروع، كما إنه مع استكمال هذا المشروع سيضيف 11 ألف غرفة فندقية إلى قدرات مصر السياحية والفندقية من خلال أنشاء 12 فندقاً وهو ما يُتوقع أن يسهم في زيادة أعداد السياح العرب والأجانب مما يعزز مكانة البحر الأحمر كمركز جذب سياحي ينافس الوجهات الإقليمية والدولية والتي بدورها تزيد من تدفقات موارد النقد الأجنبي من السائحين الوافدين لمصر حيث أن السياحة الفاخرة المستهدفة عالية الإنفاق ستضاعف متوسط الدخل من السائح الواحد إلى مستويات غير مسبوقة، ولاتقتصر على ذلك بل تمتد إلى تعظيم عائدات الدولة الدولارية عبر الرسوم والضرائب والخدمات المرتبطة بتشغيلها، مثل رسوم تراخيص المراسي الدولية لليخوت، وخدمات المطارات والموانئ، والضرائب المفروضة على الفنادق والأنشطة الترفيهية والتجارية.
بالإضافة إلى الزخم الذي سيحدثه هذا المشروع لمطار الغردقة وميناء سفاجا والقطاعات اللوجستية بمنطقة البحر الأحمر سيفتح أيضاً الباب أمام تنمية قطاعات صناعية وخدمية محلية وجذب استثمارات أجنبية مباشرة في هذه القطاعات أبرزها صناعات مواد البناء مثل الأسمنت والحديد والصلب وغيرها إضافة إلى قطاع الإنشاءات وقطاع التكنولوجيا الخضراء مثل تحلية المياه بالطاقة الشمسية وإدارة المخلفات، فضلاً عن فرص كبيرة في مجالات اللوجستيات والنقل البحري والجوي والبري وكذلك الخدمات الترفيهية والأنشطة التجارية والعقارية، حيث ستخلق شبكة مصالح اقتصادية متكاملة تمتد من السياحة إلى الصناعة والخدمات، ما يدعم الاقتصاد الوطني ويوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
كما يعد اهتمام الشركات الخليجية بالشراكة مع الحكومة المصرية بهذه المشروعات العملاقة يعكس توجهًا استراتيجيًا لدول مثل السعودية والإمارات نحو تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، بما يتوافق مع رؤية السعودية 2030 ورؤية الإمارات 2050. وأصبحت مصر تمثل وجهة مثالية لهذه الاستثمارات لما تتمتع به من موقع جغرافي فريد، حيث تقع مناطق الساحل الشمالي والبحر الأحمر على مسافة قصيرة من أسواق أوروبا الشرقية والوسطى، إضافة إلى مناخ دافئ على مدار العام يتيح موسمًا سياحيًا ممتدًا، إلى جانب توافر مطارات وموانئ متطورة بهذة المناطق مثل مطار الغردقة ومطار العلمين الدولي وميناء سفاجا، مما يعزز القدرة على جذب السياح من مختلف أنحاء العالم، كما تمثل فرصة تاريخية لبناء منظومة سياحية متكاملة قادرة على منافسة الوجهات الإقليمية والدولية، وتحويل مصر إلى مركز رئيسي للسياحة العالمية، بما يعزز استقرار الاقتصاد المصري ويدعم الروابط الاستراتيجية بين مصر ودول الخليج كشركاء في صياغة مستقبل السياحة العالمية.
كما يعد المشروع ضمن استراتيجية وطنية أوسع تستهدفها الدولة المصرية لتوسيع الرقعة العمرانية ونقل الكثافة السكانية من الوادي الضيق إلى مجتمعات جديدة مستدامة بما يعزز من قدرة الدولة على خلق مجتمعات عمرانية متكاملة على طول سواحلها، لأن المشروعات العملاقة التي أبرمتها في راس الحكمة ومؤخراً في مراسي البحر الأحمر ليست مجرد مشروعات سياحية أو عقارية وإنما هو إقامة مجتمعات عمرانية متكاملة بمعايير عالمية على ساحلي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر في بيئة متوازنة تجمع بين رفاهية السكن والمحافظة على الطبيعة بما يسهم في وضعها على خريطة السياحة المستدامة.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك