سياحة المؤتمرات في مصر.. كنز مهمل وفرصة ضائعة

"سياحة المؤتمرات" واحدة من أكثر أنواع السياحة نموًا وربحية في العالم، إذ تساهم في تنشيط الاقتصاد، ورفع إشغالات الفنادق، ودعم قطاع الطيران، وتحسين صورة الدولة على المستوى الدولي. وعلى الرغم من أن مصر تمتلك كافة المقومات لتصبح مركزًا إقليميًا في هذا المجال، إلا أن هذا النوع من السياحة لا يزال ضعيفًا ومهملًا نسبيًا، خاصة إذا ما قورن بتجارب دول مثل دبي التي تحوّلت إلى وجهة عالمية رائدة في سياحة المعارض والمؤتمرات.
ما هي سياحة المؤتمرات؟
سياحة المؤتمرات (MICE: Meetings، Incentives، Conferences and Exhibitions) تشير إلى تنظيم فعاليات تجارية أو علمية أو مهنية، تشمل مؤتمرات دولية، معارض تجارية، اجتماعات شركات، وفعاليات تحفيزية. وهي تجذب زوارًا ذوي إنفاق مرتفع وتُسهم في رفع دخل الدولة وتنشيط قطاعات حيوية.
مقومات مصر لسياحة المؤتمرات
تمتلك مصر العديد من العوامل التي تؤهلها للريادة في هذا القطاع، ومنها:
موقع جغرافي استراتيجي يربط بين إفريقيا وآسيا وأوروبا.
طقس معتدل أغلب شهور السنة.
بنية سياحية قوية من فنادق ومنتجعات عالمية في القاهرة، شرم الشيخ، الغردقة، والعلمين.
تاريخ وثقافة عريقة تضيف بُعدًا جذّابًا لأي فعالية دولية.
مطارات دولية حديثة وشركات طيران فعالة.
ورغم هذه العوامل، لا تزال مساهمة مصر في سوق سياحة المؤتمرات العالمي متواضعة للغاية.
مقارنة مع دبي: لماذا نجحت بينما تراجعت مصر؟
دبي تُعد نموذجًا عالميًا ناجحًا في سياحة المؤتمرات، وتستضيف سنويًا عشرات المؤتمرات العالمية والمعارض الكبرى مثل إكسبو دبي 2020، ومعرض جايتكس للتقنية، وغيرها. فما الأسباب؟
1. دعم حكومي مباشر ومستمر:
دبي تمتلك رؤية استراتيجية واضحة من القيادة السياسية لتعزيز مكانتها كمركز أعمال عالمي، وهو ما تفتقر إليه مصر حتى الآن في هذا القطاع تحديدًا.
2. بنية تحتية متقدمة:
قاعات مؤتمرات ومعارض ضخمة، نقل ذكي، وسائل لوجستية متطورة… كلها تجعل دبي وجهة جاهزة لأي حدث عالمي.
3. تسويق عالمي محترف:
دبي تروج لنفسها عالميا من خلال حملات تسويقية ذكية، ووجود مكاتب وهيئات متخصصة في جذب فعاليات عالمية.
4. تسهيلات إدارية وسرعة إجراءات:
سهولة استخراج التأشيرات، وسرعة التراخيص، وتوفير خدمات تنظيم الأحداث بكل كفاءة.
أسباب ضعف الاهتمام بسياحة المؤتمرات في مصر
رغم بعض المحاولات في السنوات الأخيرة مثل مؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ، ومؤتمرات الشباب، إلا أن القطاع لا يزال يعاني من:
غياب استراتيجية وطنية واضحة لتسويق مصر كمركز مؤتمرات إقليمي.
بيروقراطية وتداخل الجهات المنظمة دون وجود هيئة موحدة تدير هذا الملف.
ضعف البنية التحتية المتخصصة مثل مراكز المعارض الكبرى المتكاملة.
غياب الترويج الدولي الفعّال للفعاليات المقامة في مصر.
منافسة شرسة من دول أكثر جاهزية مثل الإمارات وقطر وتركيا.
كيف يمكن لمصر أن تنهض بسياحة المؤتمرات؟
تأسيس هيئة وطنية لسياحة المؤتمرات على غرار "دبي للسياحة".
تطوير مراكز مؤتمرات دولية متكاملة في القاهرة وشرم الشيخ والعلمين.
تدريب شركات تنظيم فعاليات ورفع كفاءتها لتواكب المعايير العالمية.
تسويق مصر في المحافل الدولية وخلق شراكات مع منظمي الأحداث العالميين.
إشراك القطاع الخاص وتقديم حوافز لجذب مؤتمرات دولية.
سياحة المؤتمرات ليست مجرد فعاليات عابرة، بل استثمار طويل الأجل يعزز مكانة الدولة سياسيًا واقتصاديًا وسياحيًا. ومصر، بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي، تستحق أن تكون في صدارة هذا المجال، لا أن تظل على الهامش. الرؤية واضحة، والإمكانات متوفرة… يبقى فقط القرار والاهتمام.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك