فرنسا على أعتاب ثورة مالية.. مشروع قانون لإنشاء احتياطي وطني من "البيتكوين" ودفع الضرائب بالعملات المشفّرة

في خطوة وُصفت بأنها الأجرأ في التاريخ المالي الفرنسي الحديث، تقدّم حزب اتحاد اليمين من أجل الجمهورية بقيادة السياسي إيريك سيوتي، بمشروع قانون جديد يهدف إلى إدخال فرنسا رسمياً إلى عصر الاقتصاد الرقمي عبر تبنّي البيتكوين والعملات المشفّرة ضمن منظومتها المالية.
وبحسب ما أوردته محطة BFM الفرنسية، فإن مشروع القانون لا يقتصر على إضفاء الشرعية على التعامل اليومي بالعملات الرقمية، بل يتجاوز ذلك نحو إنشاء احتياطي وطني من البيتكوين، في خطوة ترمي إلى وضع باريس في موقع مالي منافس للولايات المتحدة على المدى الطويل.
احتياطي رقمي على غرار الذهب
يقترح المشروع تأسيس هيئة عامة تتولى تجميع ما يصل إلى 2% من إجمالي البيتكوين المتداول عالمياً — أي ما يعادل نحو 420 ألف بيتكوين خلال سبع إلى ثماني سنوات — وذلك من خلال التعدين المحلي والشراء الاستراتيجي في الأسواق الثانوية، بالإضافة إلى قبول دفع الضرائب بالبيتكوين واستخدام العملات المصادرة قضائيًا.
كما يتضمن المشروع تخصيص 25% من أموال حسابات الادخار الشعبي مثل Livret A وLDDS لشراء البيتكوين، بما يعادل نحو 15 مليون يورو يوميًا، أي ما يقارب 55 ألف بيتكوين سنويًا. ويهدف ذلك إلى بناء احتياطي رقمي يشبه احتياطي الذهب الفرنسي، لكن بأدوات القرن الحادي والعشرين.
العملات المستقرة في المدفوعات اليومية
الشق الثاني من المشروع يسمح باستخدام العملات المستقرة المقوّمة باليورو في المدفوعات اليومية حتى 200 يورو دون ضرائب أو رسوم إضافية، في خطوة من شأنها تقليص الاعتماد على الوسطاء الماليين مثل فيزا وماستركارد، وتخفيض كلفة المعاملات على المستهلكين والشركات.
ويرى معدّو المشروع أن دمج العملات المشفّرة في الاقتصاد الوطني قد يضخ مليارات اليوروهات في الأسواق الفرنسية، ويساهم في خلق وظائف جديدة وزيادة الإيرادات الضريبية. كما يفتح الباب أمام إدراج البيتكوين ضمن خطط الادخار في الأسهم (PEA) عبر أدوات مالية منظّمة، وهو امتياز متاح في الولايات المتحدة عبر صناديق ETF.
موقف حازم من "اليورو الرقمي"
يدعو النص الحكومة الفرنسية إلى معارضة مشروع البنك المركزي الأوروبي لإطلاق "اليورو الرقمي" بحلول 2029، معتبراً أن العملة الرقمية المركزية قد تتحول إلى أداة رقابية تحد من حرية المدفوعات وتتناقض مع فلسفة اللامركزية التي تقوم عليها العملات المشفّرة.
فرص النجاح لا تزال محدودة
ورغم الطابع الطموح للمشروع، إلا أن فرص تمريره في الجمعية الوطنية تبدو محدودة في الوقت الراهن، إذ يحظى بدعم 16 نائبًا فقط دون تحالفات سياسية واسعة أو إدراج رسمي ضمن مشروع الموازنة العامة. ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أن تحالفات مستقبلية محتملة مع حزب التجمع الوطني قد تمنح المشروع دفعة سياسية جديدة، خاصة بعد تجاربهما المشتركة في دعم مشروعات تعدين البيتكوين داخل فرنسا.
ويرى محللون أن مجرد طرح هذا القانون على طاولة البرلمان يمثل تحولاً فكريًا جذريًا في السياسة الاقتصادية الفرنسية، وينذر ببدء نقاش وطني واسع حول موقع فرنسا في النظام المالي العالمي الجديد الذي تفرضه ثورة العملات الرقمية.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك







