الصحراء المغربية.. خطوة نحو سلام عربي طال انتظاره

في مشهد تاريخي طال انتظاره، صدقت الأمم المتحدة على أن الصحراء المغربية جزء لا يتجزأ من أراضي المملكة المغربية، على أن تدار بحكم ذاتي تحت إشراف الحكومة المغربية، وبهذا القرار تطوى واحدة من أعقد القضايا في العالم العربي، نزاع استمر لأكثر من سبعين عاما وشكل مصدر توتر دائم في شمال أفريقيا.
إن ما تحقق اليوم ليس وليد الصدفة، بل ثمرة مسار طويل من العمل الدبلوماسي الهادئ الذي قاده الملك محمد السادس بحكمة واتزان، فقد تمسك المغرب بالحلول السياسية، ورفض منطق التصعيد، مراهنا على الشرعية الدولية وعلى إيمانه بعدالة قضيته، حتى نالت الحقيقة اعتراف العالم.
بهذا القرار، تنتصر الرؤية المغربية القائمة على الحكم الذاتي كحل واقعي ومتوازن يحفظ كرامة الجميع ويضمن استقرار المنطقة، كما يعيد هذا الاعتراف الأممي الاعتبار للمغرب الذي أثبت أنه قادر على إدارة ملفاته الكبرى بعقلانية وبعد نظر، وأن الدبلوماسية الهادئة قادرة على تحقيق ما تعجز عنه الصراعات والمزايدات.
نحن في كل ربوع الوطن العربي الكبير، ومعنا كل من يؤمن بالعروبة ووحدة الصف، نبارك هذا الإنجاز الكبير للمملكة المغربية، ملكا وحكومة وشعبا، ونرى فيه بداية عهد جديد في تاريخ المنطقة المغاربية، فآن الأوان أن تغلق صفحة الخلاف بين الجارين الشقيقين، المغرب والجزائر، وأن يفتح باب التعاون والتكامل لما فيه خير الشعبين.. فالتاريخ والجغرافيا والمصير واحد، وما يجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما.
لقد أنهك هذا النزاع طاقات الأمة العربية لعقود، بينما العالم من حولنا يتقدم ويتوحد، ومن هنا فإن القرار الأممي لا يمثل فقط انتصارا سياسيا للمغرب، بل يمثل أيضا فرصة لإعادة بناء الثقة العربية - العربية، وإحياء حلم المغرب العربي الكبير الذي كان يوما مشروعا واعدا للتكامل الاقتصادي والسياسي.
إننا نتمنى أن تترجم هذه اللحظة التاريخية إلى واقع من الاستقرار والتنمية، وأن تتجه الجهود إلى ما ينفع الإنسان العربي في معيشته ومستقبله، فالأرض التي استعادت هدوءها اليوم تستحق أن تزهر سلاما وازدهارا غدا.
تهنئة صادقة للمملكة المغربية، ملكا وحكومة وشعبا، على هذا النصر التاريخي الذي يعيد الأمل بسلام دائم وعدالة عربية تنصف الحق وأصحابه.
حفظ الله شعوبنا وبلداننا ووفق ولاة أمورنا لما فيه خير البلاد والعباد.
د/ يوسف العميري
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك







