ترامب يعود للخليج.. زيارة تتجاوز البروتوكول نحو صناعة التغيير

في مشهد يعيد إلى الأذهان زيارته التاريخية الأولى عام 2017، يعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، وهذه المرة إلى السعودية والإمارات وقطر، في زيارة تحمل دلالات عميقة وتوقّعات كبرى، وتأتي في وقت حرج تمر به المنطقة العربية والشرق الأوسط بل والعالم ككل.
زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية ليست مجرد جولة بروتوكولية، بل تأتي في إطار إعادة تشكيل الحضور الأمريكي في الشرق الأوسط عبر بوابة الحلفاء الاستراتيجيين.
والعلاقة بين الرياض وواشنطن، والتي تعززت خلال ولايته السابقة، تبدو مرشحة اليوم لصيغة أكثر نضجا وتوازنا، خصوصا في ظل التغييرات الجذرية التي تشهدها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الرجل الذي يحمل على عاتقه رؤية جديدة ومختلفة.
لقد تحققت خلال الأعوام الماضية إنجازات هائلة في المملكة، سواء على المستوى الاقتصادي من خلال رؤية 2030، أو على المستوى السياسي والدبلوماسي، حيث باتت الرياض لاعبا رئيسيا في معادلات المنطقة، بل والعالم. وليس أدل على ذلك من الدور المحوري الذي لعبه الأمير محمد بن سلمان في التوصل إلى تفاهمات أدت إلى رفع العقوبات عن سوريا، وهو إنجاز كبير بكل المقاييس، يعكس حكمة القيادة السعودية في احتواء الأزمات والسعي لتقريب وجهات النظر بين القوى المتنازعة.
أما زيارة ترامب إلى كل من الإمارات وقطر، فتحمل في طياتها العديد من المفاجآت، سواء على مستوى الاتفاقيات الاقتصادية أو المشاريع الاستراتيجية. فمن الواضح أن الرجل يسعى لاستعادة حضوره السياسي كرئيس للولايات المتحدة للمرة الثانية، من خلال تثبيت حضوره في المنطقة التي لطالما اعتبرها حجر الأساس في استقرار السوق العالمي للطاقة والتجارة.
الإمارات بما تملكه من قدرة على بناء جسور سياسية واقتصادية عابرة للقارات، وقطر بما لها من دور محوري في ملفات إقليمية معقدة، كلاهما يشكلان بيئة خصبة لعقد تفاهمات قد تغير شكل العلاقات الأمريكية-الخليجية في المرحلة المقبلة.
في ظل هذه التطورات لا يمكن إلا أن نرفع التحية والتقدير إلى الأمير محمد بن سلمان، قائد التحول وصانع الرؤية، وإلى قادة الخليج في الإمارات وقطر والكويت والبحرين وعمان، الذين أثبتوا قدرة فائقة على الحكمة السياسية والحفاظ على استقرار بلدانهم وسط إقليم مشتعل كما نرى بأعيننا.
كما نأمل أن تحقق القمة الخليجية الأمريكية والمنتدى الاقتصادي الخليجي الأمريكي النجاح المأمول، وأن يتمخض عنها ما يعزز الشراكات الاقتصادية ويطلق مشاريع تنموية تعود بالنفع على شعوب المنطقة.
كما لا يمكن تجاهل ما يحدث في غزة من حرب إبادة بشعة تمارس ضد المدنيين العزل. وهنا تسلط الأنظار على ترامب وعلى ما يمكن أن يسهم به في وقف هذا النزيف الدموي، خصوصا إذا ما أراد أن يقدم نفسه مجددا كصانع سلام.
إننا ننتظر موقفا واضحا من الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس ترامب تجاه ما يجري من جرائم، ونأمل أن تكون هذه الزيارة بداية لتحرك دولي حقيقي نحو وقف العدوان وتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
إن زيارة ترامب للخليج ليست عابرة بل تأتي في وقت بالغ الحساسية، وتفتح أبوابا عدة لإعادة رسم المشهد الإقليمي. يبقى الأمل أن تتوج هذه الجهود بسلام شامل ورخاء لشعوب المنطقة.
حفظ الله أوطاننا وحمى شعوبنا ووفق قادتنا لما فيه خير البلاد والعباد، وجعلهم ذخرا للأمة وسندا للحق، وبناة للسلام والاستقرار.
د/ يوسف العميري
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك