العلاقات المصرية الإماراتية.. نموذج عربي فريد للتعاون والشراكة الإستراتيجية

تُجسِّد العلاقات بين مصر والإمارات نموذجًا استثنائيًا للتعاون العربي المتكامل، يمتد لخمسة عقود من الشراكة الوثيقة والمواقف المتبادلة التي تعكس عمق الروابط التاريخية والسياسية والاقتصادية بين البلدين. فعلى مدار أكثر من 50 عامًا، لم تكن هذه العلاقة مجرد تواصل دبلوماسي تقليدي، بل كانت مسارًا من الدعم المتبادل والتنسيق المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
جذور راسخة وبداية قوية
تعود بداية العلاقات الرسمية بين البلدين إلى عام 1971، مع تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي عُرف بحبه وتقديره الكبير لمصر ودورها المحوري في العالم العربي. ومنذ ذلك التاريخ، تطورت العلاقات لتصبح إحدى أقوى الشراكات العربية، مدفوعة بتقارب الرؤى ووحدة المصير والدعم الثابت في المواقف المصيرية.
تطور نوعي في العلاقات المعاصرة
شهدت السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة في العلاقات بين القاهرة وأبوظبي، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري، وتزايدت الاستثمارات الإماراتية في مصر، خصوصًا في مجالات البنية التحتية والطاقة والقطاع العقاري والتكنولوجيا المتقدمة. وقد انعكس هذا التعاون في مشاريع تنموية استراتيجية ومواقف سياسية متطابقة تجاه أزمات المنطقة.
توافق سياسي ومواقف موحّدة
يتجلى التقارب السياسي بين البلدين في التنسيق المستمر تجاه أبرز الملفات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمات في سوريا واليمن وليبيا والعراق. ويشدد الطرفان على أهمية الحلول السياسية ورفض التدخلات الخارجية، مع التأكيد على ضرورة مكافحة الإرهاب ووقف تمويله إعلاميًا وعسكريًا.
لقاءات رفيعة المستوى تؤكد عمق العلاقات
الزيارات واللقاءات المتبادلة بين قيادتي البلدين تعكس مكانة العلاقات الثنائية، ومن أبرز المحطات:
مارس 2024: الرئيس عبد الفتاح السيسي يستقبل الشيخ محمد بن زايد في القاهرة لبحث تطورات غزة وتعزيز العلاقات الثنائية.
أغسطس 2023: زيارة الشيخ محمد بن زايد لمصر وبحث آليات تطوير التعاون المشترك.
يناير 2023: مشاركة الرئيس السيسي في قمة أبوظبي إلى جانب قادة الخليج والأردن.
نوفمبر 2022: زيارة الشيخ محمد بن زايد لحضور قمة المناخ (COP27) في شرم الشيخ.
ديسمبر 2020: استقبال رسمي للشيخ محمد بن زايد بقصر الاتحادية، وتأكيد دعم الإمارات لمصر.
2015 - 2022: سلسلة زيارات متبادلة بحثت في معظمها التعاون الاقتصادي، وتنسيق المواقف الإقليمية، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية.
كما شهدت مصر حضورًا إماراتيًا بارزًا في افتتاحات مشروعات قومية كبرى مثل قاعدة "3 يوليو" البحرية، وقاعدة "برنيس"، وتجمّع "الشيخ محمد بن زايد"، في مشهد يُعبّر عن دعم إماراتي ثابت للتنمية المصرية.
ختامًا
العلاقات بين مصر والإمارات لم تعد مجرد شراكة تقليدية، بل أصبحت نموذجًا يُحتذى به في العمل العربي المشترك، يجمع بين وحدة الرؤية وقوة التنفيذ وصدق النوايا. ومع ما يشهده العالم من تحولات سياسية واقتصادية متسارعة، تظل هذه العلاقة أحد أعمدة الاستقرار في المنطقة، وركنًا أساسيًا من أركان الأمن العربي الجماعي.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك