تحوّلات كبرى في الاقتصاد العالمي.. "بريكس" تدفع باتجاه نظام مالي متعدد الأقطاب وتقلّص اعتمادها على الدولار

تحوّلات كبرى في الاقتصاد العالمي.. "بريكس" تدفع باتجاه نظام مالي متعدد الأقطاب وتقلّص اعتمادها على الدولار

تستعد دول مجموعة "بريكس" لإحداث تغيير جذري في المشهد الاقتصادي العالمي، من خلال تعزيز تجارتها البينية بالعملات المحلية، كجزء من توجه استراتيجي يهدف إلى تقليص الهيمنة التاريخية للدولار الأميركي. ومع اقتراب قمة "بريكس 2025" المرتقبة في ريو دي جانيرو يومي 6 و7 يوليو، تُكثف الدول الأعضاء خطواتها نحو بناء نظام مالي بديل أكثر توازناً وتعددية.

بريكس بالأرقام: قوة دافعة للاقتصاد العالمي

تضم المجموعة حالياً دولاً تمثل نحو 48.5% من سكان العالم، وتحقق ناتجاً محلياً إجمالياً يتجاوز 28.5 تريليون دولار، ما يعادل ربع الاقتصاد العالمي، و24% من التجارة الدولية. ووفق بيانات صندوق النقد الدولي، ارتفعت حصة "بريكس" من الناتج العالمي إلى 36.8% في 2024، متجاوزة مجموعة السبع (G7) التي تراجعت حصتها إلى أقل من 29%.

المجموعة تتحكم أيضًا في:

72% من احتياطي المعادن النادرة عالميًا

43.6% من إنتاج النفط العالمي

36% من الغاز الطبيعي

78.2% من إنتاج الفحم

العملات المحلية بدلاً من الدولار.. واقع يتشكل

لم يعد مشروع "فك الارتباط بالدولار" مجرد طموح، بل أصبح توجهاً عملياً تتوسع فيه دول "بريكس" من خلال:

منصات دفع مستقلة

اتفاقيات ثنائية

بنك تنمية متعدد العملات

بحسب تقارير دولية، انخفضت نسبة المعاملات داخل "بريكس" التي تتم بالدولار إلى 33% فقط، في مقابل 67% تُسوى بالعملات الوطنية مثل اليوان، الروبل، الروبية، والراند.ومن المتوقع أن تتجاوز هذه النسبة 70% بنهاية 2025، مدفوعة باتفاقيات جديدة ومنصات رقمية بديلة.

"بريكس باي".. منصة الدفع القادمة

واحدة من أهم أدوات هذا التحول هي منصة "BRICS Pay"، والتي يجري تطويرها منذ 2024 لتكون بديلًا عن نظام "سويفت" الغربي. وتعمل على تحقيق التكامل بين الأنظمة الوطنية للدفع مثل PIX البرازيلية وSFMS الهندية.

كما تُعد منصة mBridge، التي طورها بنك التسويات الدولية بالتعاون مع البنوك المركزية في الصين وتايلاند والإمارات، حجر أساس للبنية الرقمية الجديدة لتسوية المعاملات بعملات البنوك المركزية، مع استبعاد الدولار تمامًا من المنظومة.

بنك التنمية الجديد.. بديل تمويلي من داخل "بريكس"

يواصل بنك التنمية الجديد (NDB)، الذي تأسس عام 2015، أداء دورٍ محوري في تمويل مشروعات البنية التحتية والطاقة بالدول الأعضاء. وقد بلغت استثماراته حتى الآن 39 مليار دولار في 122 مشروعًا، معظمها مقوّم بالعملات المحلية. وفي أكتوبر 2024، أعلنت رئيسة البنك ديلما روسيف عن توجه جديد نحو تمويل القطاع الخاص ضمن رؤية توسعية تركز على الاستدامة والطاقة المتجددة.

هل نرى "عملة بريكس" قريباً؟

ورغم تزايد الحديث عن "عملة بريكس"، إلا أن التحديات السياسية والتقنية تحول دون إصدارها في المدى القريب. الخبراء يرون أنها ستكون افتراضية وليست مادية، وستستخدم داخل منصة "mBridge" فقط. ويتوقع أن تكون مدعومة بنسبة 40% من الذهب و60% من سلة عملات الأعضاء.

لكن وجود الصين كمحرك اقتصادي يمثل 69% من الناتج المحلي لبريكس يثير مخاوف من هيمنة اليوان على العملة الموحدة، ما يسبب تحفظاً واضحاً من الهند ودول أخرى داخل التكتل.

الغرب يراقب والردود تتصاعد

التحول نحو تقليص الاعتماد على الدولار لم يمر مرور الكرام. فقد لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على الدول التي تستبدل الدولار في تجارتها، في إشارة واضحة إلى تصاعد القلق الغربي من فقدان العملة الأميركية لدورها المركزي.

في المقابل، تظهر نتائج استطلاع لرويترز أن 38% من البنوك المركزية حول العالم تخطط لزيادة احتياطياتها من الذهب أو اليوان، مقارنة بـ26% فقط ما زالت تفضل الدولار.

نحو عالم متعدد الأقطاب

في ظل هذا المشهد المتغير، يتجه النظام المالي العالمي نحو تفكيك أحاديته التاريخية، حيث لم يعد الدولار اللاعب الوحيد على الطاولة. ومع تنامي دور "بريكس" ومؤسساتها، يبدو أن السنوات القادمة ستشهد إعادة رسم للخريطة المالية العالمية، تقودها اقتصادات ناشئة تتشارك في هدف واحد: استعادة السيادة المالية وبناء نظام أكثر عدالة وتوازناً.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار