الذكرى ال35 للغزو العراقي للكويت.. ملحمة صمود ووفاء

الذكرى ال35 للغزو العراقي للكويت.. ملحمة صمود ووفاء

تستذكر الكويت غدا السبت إحدى أهم الفترات في تاريخها وهي ذكرى الغزو العراقي الغاشم الذي وقع قبل 35 عاما والذي لم يكن مجرد اعتداء عسكري بل كارثة انسانية لم تشهد المنطقة لها مثيلا وكان بداية محنة وطنية هزت وجدان كل مواطن وتركت في النفوس جرحا لا ينسى وخلفت أثرا مأساويا في الذاكرة الوطنية والعربية والدولية.

وقد كانت تلك الذكرى شاهدة على صمود أبناء الكويت وتلاحمهم وتضحياتهم خلال الغزو الذي مثل انتهاكا صارخا للشرعية الدولية ولجميع المواثيق الإنسانية والدبلوماسية.

وستظل ذكرى ذلك اليوم الأسود في تاريخ البلاد حية في نفوس أبناء الكويت الذين عاشوا مرارة الغزو كما تظل حية في نفوس أبناء الجيل الجديد الذين لم يعيشوا تلك الفترة التي مرت على وطنهم لكنهم يعيشون أحداثه من خلال ذكريات الآباء والأجداد.

فأبناء هذا الجيل من الكويتيين تختلجهم مشاعر مختلطة مع ذكرى الغزو العراقي الغاشم بين مشاعر الحزن والألم مع بدء فصل الاحتلال والدمار في بداية رواية القصة عليهم وبين مشاعر الفرح والاعتزاز والفخر مع هبوب رياح التحرير ودحر الطغيان في نهايتها.

ولطالما آمن الكويتيون أن الوطن لا يقاس بمساحته بل بقيمة شعبه وإيمانه وأن وحدة الصف والوفاء للقيادة الحكيمة والثقة بعدالة القضية هي السلاح الحقيقي في مواجهة الظلم والطغيان.

ففي ساعات من الفجر الأولى في الثاني من أغسطس عام 1990 اجتاحت القوات العراقية أراضي الكويت في عدوان غادر استهدف احتلال البلاد بالقوة وسلبها حريتها ومحاولة القضاء على الشرعية فيها متبعة أبشع أساليب القتل والاعتقال والتعذيب بحق المدنيين وقصف المواقع المدنية والعسكرية ونهب الممتلكات وترويع الآمنين.

ورغم قساوة الحدث فإن الشعب الكويتي أثبت للعالم أجمع أن حب الوطن لا يهزم وأن الإيمان بالشرعية والوحدة الوطنية أقوى من كل قوة غاشمة فالوطن لا يمحى وصوت الكويتيين لم يخفت بل دوى في كل مكان يطالب بالحق ويستصرخ العالم لنجدة أرض السلام.

وقد تجلت أروع صور التضحية والبطولة في مقاومة الاحتلال وفي وقوف الشعب خلف قيادته الشرعية فيما بزغ نور المقاومة الكويتية لتوجيه ضربات موجعة للقوات الغازية وبث الذعر والرعب في نفوس عناصرها ورفع معنويات الشعب الكويتي وحمايته وتوجيه رسالة للخارج مفادها أن الشعب الكويتي يرفض الاحتلال العراقي ويقاوم وجوده فيها ويقاتل من أجل حريته وسيادة أرضه مهما كان الثمن.

وأظهر الكويتيون قيادة وشعبا شجاعة منقطعة النظير وأثبتوا أن حب الوطن لا يقاس بالكلمات بل بالأفعال والتضحيات من خلال معركة الصبر والثبات وسطروا صفحات مشرقة في تاريخ الوطن.

وسعى أبناء الشعب الكويتي إلى تشكيل فصائل ومجموعات عسكرية خاصة لمقاومة المحتل وإلحاق أكبر ضرر ممكن به في وقت كانت فيه مجموعات أخرى تتولى أمورا مهمة أيضا كالإعلام والتغذية والنظافة والصحة والدعم اللوجيستي والشعبي.

ولا ينسى التاريخ الدور المهم والفاعل للمرأة الكويتية في التصدي للمحتل العراقي إذ سجلت المرأة الكويتية ملحمة تاريخية في الذود عن تراب الوطن وشاركت في المقاومة بكل صورها وتوصيل المؤن والأسلحة لرجال المقاومة وحتى المشاركة في العمليات العسكرية وأسر جنود العدو وصولا إلى تحرير البلاد.

وبذلت القيادة الحكيمة للبلاد حينذاك جهودا جبارة من أجل حشد التأييد العربي والدولي للوقوف مع قضية الكويت العادلة إضافة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحرير البلاد وسيادتها وعودة الأمن والأمان إلى ربوعها.

وقد استجاب العالم لنداء الحق ووقفت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن موقفا موحدا إزاء العدوان العراقي على أرض الكويت وظهر ذلك بعيد وصول أنبائه إلى أروقة مجلس الأمن الذي اجتمع وأصدر بالإجماع القرار رقم (660) الذي دان فيه الغزو وطالب بانسحاب جميع القوات العراقية الغازية من الكويت فورا ومن دون أي شروط. وتطبيقا لقرارات مجلس الأمن الدولي توافدت قوات عربية ودولية إلى الأراضي السعودية لتشكل التحالف الدولي لتحرير الكويت من القوات الغازية حتى تم ذلك في فبراير عام 1991 في عملية (عاصفة الصحراء) لتعود الكويت حرة أبية ويعود علمها مرفوعا خفاقا.

وجاء ذلك الدعم من القوات الشقيقة والصديقة نتيجة المكانة التي اكتسبتها الكويت من خلال سياستها الحكيمة ومواقفها المشرفة وعلاقاتها المتوازنة مع دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية وتقديم المساعدات المتنوعة لها.

كما كان للكويت دور بارز في مد يد العون للمتضررين والمحتاجين من الفقراء في كل أنحاء العالم وتقديم المساعدات العاجلة لتخفيف الكوارث التي لحقت بالعديد من دول العالم من خلال الهيئات والمؤسسات الخيرية الكويتية.

ولن ينسى الكويتيون هذه الذكرى فهي لا تمر كغيرها بل تقف أمامها الكلمات احتراما لتضحيات الشهداء وصمود المقاومين ووفاء شعب لم ينحن بل حمل راية الكويت عاليا لتبقى الذكرى درسا للأجيال القادمة وعبرة في مواجهة الطغيان والدفاع عن الأوطان.

وها نحن اليوم نعيش في وطن مزدهر آمن كريم تحت راية قيادة حكيمة نستمد منها العزم لنكمل المسيرة وننقل دروس الماضي لأجيال المستقبل ونجدد العهد والولاء لهذا الوطن الغالي الذي سيظل دائما حرا أبيا لا تنكسر عزيمته ولا تطفأ رايته.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار