التعليم ركيزة أساسية للتنمية ورأس المال البشري الاستثمار الأجدى لبناء اقتصاد معرفي مستدام

تولي دولة الكويت التعليم اهتماما خاصا باعتباره ركيزة أساسية للتنمية المستدامة وأن الاستثمار في رأس المال البشري يمثل الطريق الأنجع والأجدى لمواكبة العصر وتحدياته وتحقيق التوجهات الطموحة وأبرزها رؤية (كويت جديدة 2035) في بناء اقتصاد معرفي متنوع ومستدام.
وإذ تصنف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) التعليم الجيد والشامل رابع أهداف التنمية العالمية المستدامة فقد قطعت دولة الكويت شوطا كبيرا في تطوير نظامها التعليمي إذ تخصص سنويا نحو 55ر3 مليار دينار كويتي (نحو 41ر8 مليار دولار) أي ما يعادل 15 في المئة من ميزانيتها العامة للتعليم.
وتمضي الكويت بثبات في سعيها لإعداد جيل من المتعلمين القادرين على الابتكار والمنافسة في سوق العمل إقليميا ودوليا ودعم هذه الجهود بمشاريع مثل تطوير المناهج الرقمية وإدخال التعليم التقني والمهني وتحسين جودة المعلمين بما يتماشى مع مؤشرات التنمية المستدامة وإعادة إعداد المناهج للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة.
وعن أهمية التعليم بمجمل أبعاده قال أستاذ المناهج في كلية التربية بجامعة الكويت الدكتور علي الجعفر لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن تحديث المناهج وتطويرها في البلاد هما في حالة مستمرة لمواكبة التطورات العالمية مع التركيز على المهارات التقنية والابتكار والذكاء الاصطناعي.
وأوضح الجعفر أن التطوير في جوهره يعني التحول النوعي القادر على الاستجابة لتحديات جديدة ومتغيرة وعندما نطبق هذا المفهوم على العملية التعليمية والمناهج الدراسية نجد أن التطوير لا يقتصر على تعديل الكتب المدرسية أو تحديث أساليب التدريس فحسب إنما يمتد ليشمل منظومة متكاملة تتفاعل عناصرها بعضها مع بعض بدءا بالمحتوى التعليمي ذاته مرورا بالمعلم الذي يقدم هذا المحتوى وصولا إلى البيئة التعليمية التي تحتوي الطالب وتؤثر على تجربته التعليمية مباشرة.
وذكر أن تطوير المناهج بهذا الشكل لا يسهم فقط في تحسين المعرفة الأكاديمية إنما يمتد ليشمل التطوير القيمي والاجتماعي للطلبة فالطالب الذي يتعلم موضوعا من خلال عدة زوايا يكون أكثر قدرة على تقدير القيم الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة بالموضوع ويصبح أكثر وعيا بدوره في المجتمع والعالم المحيط به.
وبين أن هذا النهج من شأنه أيضا المساهمة في بناء شخصية الطالب بشكل متكامل فهو لا يكتسب المعلومات بشكل منفصل بل يتعلم الربط بين المعرفة والقيم والفهم والتطبيق والمجرد والعملي ليصبح قادرا على مواجهة تحديات الحياة المعقدة بكفاءة ووعي.
وتابع الجعفر أن دمج مفاهيم التثقيف المالي والتدريب المهني في النظام التعليمي يعزز قدرة الطلبة على إدارة مواردهم المالية وزيادة وعيهم بالقضايا البيئية والاجتماعية ما يهيئهم لدخول سوق العمل ومواجهة تحديات المستقبل.
من جانبه قال أستاذ العلوم الإدارية في جامعة الكويت يوسف المطيري لـ(كونا) إن أبرز العوامل المهمة في منظومة التعليم ارتباط المناهج التعليمية في الكويت بسوق العمل من خلال مجموعة من السياسات التي تضعها وزارتا التربية والتعليم العالي بالتعاون مع جهات التخطيط والتنمية.
وعرض المطيري من ذلك إدخال التخصصات المطلوبة في المناهج من الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والتمريض كذلك الطاقة المتجددة إضافة إلى الشراكة من القطاع الخاص وتحديث المناهج دوريا وتعزيز التعليم الفني والمهني علاوة على دعم البعثات والمنح الدراسية نحو التخصصات النادرة والحديثة.
واستشهد بذلك على ما قدمته الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من برامج في مجالات التكنولوجيا والأمن السيبراني والهندسة مما يؤهل الطلبة للحصول على وظائف ذات أجور جيدة مثل برامج تدريب في صيانة الأنظمة الشمسية وتوفير فرص عمل بقطاعات الطاقة المتجددة.
وأشار إلى برامج مثل (إنجاز الكويت) ومركز ريادة الأعمال في جامعة الكويت بما يعلم الطلبة كيفية إنشاء مشاريع صغيرة ويوفر مصادر دخل مستقلة لهم إذ تمنح هذه المبادرات الأفراد القدرة على توفير فرص عمل خاصة بهم مما يقلل من الاعتماد على الدعم الحكومي.
وأفاد المطيري بأن العوامل تتضمن أيضا تمكين المرأة في عملية التنمية المستدامة من خلال التعليم فزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل عبر برامج مثل (منصة تمكين) المعتمدة من هيئة التطبيقي التي توفر برامج في المهارات الرقمية وإدارة الأعمال تساعد النساء في دخول سوق العمل ومجال التجارة الإلكترونية التي ساعدت الكثيرات في إطلاق متاجر إلكترونية صغيرة.
ولفت إلى أهمية تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من التعليم ليس باعتباره حقا إنسانيا فحسب بل أيضا هو عامل أساسي لتحقيق تنمية شاملة مستدامة من خلال دمجهم في التعليم لضمان فرص وظيفية متساوية في التعليم والعمل ما يعزز العدالة الاجتماعية ويطور مهاراتهم وقدراتهم ويمكنهم من المساهمة بفاعلية في المجتمع والاقتصاد ويقلل الاعتماد على الدعم الحكومي ويعزز الخطى نحو اقتصاد أكثر استدامة.
وقال المطيري إن مبادرات الوعي البيئي كذلك تشهد اهتماما واسعا في البيئة التعليمية مثل مبادرة (الكويت الخضراء) بدعم من وزارة التربية لتعليم الطلبة أهمية الحفاظ على الموارد ويتضمن أنشطة عملية مثل زراعة الأشجار في المدارس وورش عمل حول إعادة التدوير.
وأشار إلى حملات التوعية في المدارس مثل (يوم الأرض) لتعليم الطلبة تقليل استهلاك المياه والطاقة ما يساهم في الحد من البصمة الكربونية إضافة إلى تعزيز البحث والابتكار في جامعة الكويت التي تركز على بحوث الاستدامة كتقنيات تقليل البصمة الكربونية وإدارة الموارد.
وأوضح أن هذه الأبحاث تدعم أهداف رؤية الكويت في تحقيق اقتصاد أخضر إضافة إلى مركز ريادة الأعمال بجامعة الكويت الذي ينظم مسابقات مثل (مسابقة الأفكار الريادية) حيث يطور الطلبة مشاريع مثل تطبيقات للسياحة المستدامة أو حلول لإدارة النفايات.
وبين أن من أهم نتائج التعليم في الكويت لتحقيق التنمية المستدامة عموما محو الأمية وتعزيز جودة الحياة البيئة التعليمية والصحية وتمكين المرأة وإعداد كوادر وطنية مؤهلة وتعزيز قدراتهم ومواهبهم.
وقال المطيري إن ذلك من شأنه أيضا تعزيز الابتكار والبحث العلمي والمساهمة في التنويع الاقتصادي والوعي البيئي والمجتمعي والتحول التدريجي نحو التعليم الرقمي وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي وزيادة الإنتاجية الاقتصادية وتعزيز الثقافة الوطنية والهوية الكويتية.
وأشار إلى أهمية البنية التحتية التعليمية لتكون نموذجا للاستدامة مع مبان موفرة للطاقة وأنظمة إدارة الموارد المتقدمة وصولا إلى توفير بيئة تعليمية متطورة تدعم البحث والابتكار إضافة إلى المدارس الذكية وفق تقنيات حديثة مثل الفصول الذكية والمختبرات التكنولوجية لتعزيز التعليم التفاعلي.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك