الرعاية والخدمات الصحية في الكويت تدخل عصرا جديدا مع ثورة الذكاء الاصطناعي في العالم

الرعاية والخدمات الصحية في الكويت تدخل عصرا جديدا مع ثورة الذكاء الاصطناعي في العالم

مع الانتشار المطرد لتقنيات الذكاء الاصطناعي حول العالم واستخدامها في مختلف المجالات بادرت الكويت ممثلة بوزارة الصحة باستخدامها في التشخيص والعلاج وغيرهما وتدريب كوادرها على مواكبة تلك التطورات المتقدمة وصولا إلى أفضل الخدمات والرعاية الطبية والصحية.

ولم تغفل الوزارة عن وضع خطط لإدخال أدوات الذكاء الاصطناعي في مستشفياتها لتحسين سرعة ودقة التشخيصات والكشف عن الأمراض والمساعدة في الرعاية السريرية وتعزيز البحوث الصحية وتطوير الأدوية والعمليات الإدارية.

وشملت أبرز المبادرات التي أطلقتها مستشفيات الوزارة بمجال استخدام الذكاء الاصطناعي مجالات الطب على اختلافها لاسيما في التشخيص بالأشعة والعمليات الجراحية والأبحاث العلمية بعد أن أثبتت تقنيات الذكاء الاصطناعي أهميتها في تقليل الأخطاء الطبية وتسهيل إجراء العمليات الجراحية المختلفة بوقت أقل من العمليات التقليدية علاوة على نتائج أكثر دقة.

ومن ضمن ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في مستشفى جابر في مجال العمليات والمناظير وأجهزة تدفق الدم باستخدام تقنية ICG وجهاز الروبوت وفي تخصصات كالجراحة العامة والمسالك البولية وأمراض النساء والولادة.

وقد ترأست وزارة الصحة الكويتية مؤخرا ورشة عمل خليجية بعنوان (الابتكار والذكاء الاصطناعي في المجال الصحي) عنيت بتوظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير المنظومة الصحية بما يسهم في تحسين جودة الخدمات الطبية وتعزيز التعاون الخليجي المشترك.

وتبدي الكويت حرصا على تبني الابتكار الطبي من خلال الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الرد على استفسارات المرضى وشرح نتائج الفحوصات الطبية ومناقشة الوصفات العلاجية والمساعدة في اختيار التخصص المناسب لحالتهم الصحية.

وفي موازاة ذلك تشهد الرعاية الصحية في الكويت تحولا جذريا بفضل دمج الذكاء الإصطناعي الذي أحدث تغيرا نوعيا في طريقة تقديم الرعاية الصحية في مختلف مجالات الطب والتشخيص والعلاج وغيرها.

فالذكاء الاصطناعي يفتح صفحة جديدة في مسيرة الطب والبحث العلمي بعدما تحول من فكرة نظرية إلى أداة واقعية تغير ملامح الرعاية الصحية بدءا من التشخيص المبكر عالي الدقة وتسريع اكتشاف الأدوية وصولا إلى علاجات شخصية مصممة خصيصا لكل مريض.

ويقوم هذا التحول على ما يعرف بـ "الذكاء المعزز" (Augmented Intelligence) الذي يجعل الذكاء الاصطناعي شريكا للطبيب لا بديلا عنه إذ يتولى المهام الروتينية وتحليل البيانات الضخمة فيما يركز الأطباء والباحثون على اتخاذ القرار الإكلينيكي والتواصل الإنساني.

ومما يعكس هذا التكامل أبحاث معهد دسمان للسكري والتطورات النوعية في طب الأسنان وصولا إلى إسهامات الطب النووي في تحسين جودة الصور الطبية وتطوير العلاجات الموجهة "الثيرانوتكس" (Theranostics) علاوة على جودة البيانات وحمايتها بما يجعل الرعاية الصحية أكثر دقة وكفاءة.

وبهذا الشأن قال الباحث العلمي في قسم الأبحاث الانتقالية بمعهد دسمان للسكري التابع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي الدكتور أنور محمد لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الجمعة إن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة محورية في تطوير العلوم الطبية والبحثية إذ أحدث نقلة نوعية في التنبؤ بالبنى الجزيئية للبروتينات وتفاعلاتها مع الحمض النووي (DNA) و(RNA) بفضل تقنيات مثل (AlphaFold) ما فتح آفاقا لتسريع اكتشاف الأدوية عبر تحديد الأهداف العلاجية بدقة وفهم آليات الأمراض على المستوى الجزيئي وتصميم أدوية أكثر فاعلية.

وأضاف الدكتور محمد أن الذكاء الاصطناعي يختصر الوقت والجهد في اكتشاف الأدوية وتطوير علم الجينوم من خلال تحليل كم هائل من البيانات البيولوجية بدقة تفوق الطرق التقليدية ويساعد في رسم خرائط التفاعلات بين الجينات لفهم أمراض مزمنة مثل السكري.

وأشار إلى مساهمته أيضا في التشخيص المبكر عبر تحديد مؤشرات حيوية دقيقة على المستوى الجيني أو البروتيني يمكن رصدها في الدم للتنبؤ بقابلية الإصابة بأمراض مثل السكري من النوع الثاني قبل ظهور الأعراض.

ولفت إلى تكييف تقنيات التنبؤ بالبنى البروتينية لتفسير بيانات عينات المرضى (نتائج المختبرات والجينوميات) وربط التغيرات الجزيئية بالمخرجات الطبية بما يعزز دقة التشخيص ويقود إلى رعاية صحية فردية أكثر تخصيصا.

وبين أن التحديات تشمل ضرورة توافر بيانات عالية الجودة ومتنوعة وصعوبة تفسير النماذج المعقدة وربطها بالممارسة الإكلينيكية إضافة إلى الاعتبارات الأخلاقية وحماية خصوصية بيانات المرضى.

وأكد أن أكثر التخصصات المتوقع استفادتها في السنوات المقبلة هي الغدد الصماء وأمراض التمثيل الغذائي لا سيما السكري كذلك الطب الجيني والطب الشخصي المعتمد على العلاج المتمحور حول الجينات فضلا عن الأورام السرطانية مع ما قد يتيحه الذكاء الاصطناعي من تطوير جيل جديد من العلاجات المحددة.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يعزز الطب الدقيق (Precision Medicine) بتحليل البيانات الجينومية والطبية لتصميم خطط علاجية مخصصة تقلل الآثار الجانبية مستشهدا بتطبيقات (Mayo Clinic) في كشف ضعف عضلة القلب من تخطيط القلب الكهربائي (ECG) قبل ظهور الأعراض وبالدعم الذي يقدمه لعمليات الجراحة الروبوتية مثل (Da Vinci) لزيادة الدقة وتقليل التدخل الجراحي.

وبين أن التحديات تشمل خصوصية بيانات المرضى والتحيز الخوارزمي وبطء الأطر التنظيمية إضافة إلى صعوبة تفسير بعض قرارات الذكاء الاصطناعي مؤكدا أن المستقبل يقوم على تكامل الذكاء الاصطناعي مع الخبرة البشرية لتعزيز التفكير النقدي والتواصل الإنساني مع المرضى.

من جانبه أكد طبيب الأسنان في وزارة الصحة الدكتور عبد الله معرفي لـ(كونا) أن الذكاء الاصطناعي ينقل طب الأسنان إلى عصر جديد يقوم على الرعاية التنبؤية (Predictive Care) والشخصية (Personalized Care) والدقيقة (Precise Care) والتشاركية (Participatory Care) موضحا أن التقنية أصبحت بمثابة "مساعد طيار إكلينيكي" (Clinical Co-pilot) يعزز دور الطبيب في جميع مراحل العلاج.

وقال الدكتور معرفي إن الذكاء الاصطناعي يسهم في الكشف المبكر عن تسوس الأسنان وقياس مستويات عظم الفك بدقة تصل إلى 4ر94 في المئة عبر تحليل الصور الإشعاعية بخوارزميات التعلم العميق متفوقا على دقة الأطباء البالغة 1ر91 في المئة مستشهدا بمنصة (Overjet) المعتمدة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

وأضاف أن التقنية تمتد إلى تشخيص أمراض اللثة بدقة تفوق 90 في المئة باستخدام الصور الفوتوغرافية كما تدعم زراعة الأسنان من خلال تحليل الأشعة المقطعية ثلاثية الأبعاد (3D Cone-Beam CT) لتحديد مواقع الأعصاب وحجم العظم ووضع المسار الأمثل للزرع باستخدام أنظمة روبوتية مثل (Yomi).

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يطور تقويم الأسنان عبر الأتمتة (Automated Analysis) ومحاكاة حركة الأسنان في تقنيات مثل (Invisalign) بما يتيح عرض النتائج النهائية قبل بدء العلاج إضافة إلى تحسين إدارة العيادات من خلال تنظيم المواعيد وتسريع الإجراءات الإدارية.

وأشار إلى أن أبرز التحديات تشمل كلفة التطبيق والحاجة إلى برامج تدريبية متخصصة مؤكدا أن المستقبل يعتمد على تعزيز دور الطبيب عبر تحريره من المهام الروتينية ليتفرغ للتفكير النقدي والتواصل الإنساني مع المرضى داعيا إلى تطوير المناهج الأكاديمية لإعداد أطباء أسنان متمكنين بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

من جهتها أكدت رئيسة جمعية اختصاصيي وممارسي تكنولوجيا الطب النووي الكويتية عهود العنزي لـ(كونا) أن الذكاء الاصطناعي يقود ثورة في الطب النووي من خلال تحسين التشخيص وتطوير علاجات دقيقة تستهدف الأمراض مثل السرطان بفاعلية أكبر.

وقالت العنزي إن الذكاء الاصطناعي يعمل كشراكة متكاملة مع الطب النووي عبر تحليل صور الفحوصات مثل (PET) و(SPECT) بدقة عالية ما يساعد على تشخيص الأمراض بسرعة مشيرة إلى أن الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والمعتمدة من (FDA) ارتفعت من ستة أجهزة عام 2015 إلى 221 جهازا في 2023.

وأضافت أن التقنية تحسن جودة الصور الطبية عبر أنظمة مثل (Clarify DL) من شركة (GE HealthCare) إذ تقلل الإشعاع المستخدم بنسبة تصل إلى 50 في المئة وتوفر دقة أعلى في تحديد الأورام وقياس نشاطها بما يوفر الوقت والجهد على الأطباء مبينة أنه يدعم أيضا نهج "الثيرانوتكس" (Theranostics) الذي يجمع بين التشخيص والعلاج.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار