أوروبا تحرك «المدخرات النائمة».. خطة طموحة لتعبئة 1.2 تريليون يورو لدعم الاقتصاد

في خطوة استراتيجية تهدف إلى إنعاش الاستثمارات وتعزيز الاستقلال المالي للقارة، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة جديدة لتعبئة المدخرات "النائمة" لدى الأسر الأوروبية، والتي تقدر بنحو 10 تريليونات يورو، بهدف ضخ ما يصل إلى 1.2 تريليون يورو في الاقتصاد الأوروبي خلال السنوات العشر المقبلة.
ووفقًا لصحيفة لوفيغارو الفرنسية، تسعى الخطة إلى تطوير أدوات ادخارية واستثمارية موحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي، وتشجيع المواطنين على تحويل أموالهم من الحسابات البنكية ذات العوائد المنخفضة إلى منتجات مالية تسهم في تمويل النمو، ودعم الشركات الأوروبية في منافستها للأسواق الأمريكية والآسيوية.
أموال مكدسة لا تُستثمر
تشير تقديرات المفوضية إلى أن نحو 70% من مدخرات الأوروبيين تظل حبيسة حسابات التوفير الآمنة منخفضة العائد، ما يجعلها عرضة لتآكل القيمة بفعل التضخم. وترى بروكسل أن تحويل جزء من هذه الأموال إلى الاستثمارات المنتجة يمكن أن يتحول إلى محرك رئيسي للتنمية وفرص العمل.
حساب ادخار واستثمار جديد
ومن أبرز بنود الخطة، إنشاء حساب جديد تحت اسم «حساب الادخار والاستثمار الأوروبي» (CEI)، يتيح للمواطنين بدء الاستثمار بمبالغ بسيطة لا تتجاوز 10 يوروهات شهريًا، مع تقديم حوافز ضريبية من الحكومات لتشجيع الادخار طويل الأمد في الأسهم والسندات والصناديق الأوروبية.
استثمارات إضافية بـ1.2 تريليون يورو
وقالت المفوضة الأوروبية ماريا لويس ألبوكيركي إن تعزيز مشاركة الأفراد في أسواق المال الأوروبية يمكن أن يولد استثمارات إضافية تقدر بـ1.2 تريليون يورو خلال عقد واحد، ما سيسهم في تقوية الشركات المحلية ورفع قدرتها التنافسية أمام نظيراتها الأمريكية والآسيوية.
التحدي الأكبر: تجزئة السوق الأوروبية
غير أن أكبر العقبات التي تواجه الخطة تتمثل في تجزئة أسواق رؤوس الأموال داخل الاتحاد، حيث تختلف القوانين الضريبية والتنظيمية من بلد إلى آخر، مما يصعّب تمويل الشركات الناشئة والمتوسطة.
هذا الوضع دفع عددًا من الشركات الأوروبية الواعدة مثل Qonto وMistral AI إلى البحث عن تمويل في الولايات المتحدة، في ظاهرة وصفتها بروكسل بـ"هجرة رؤوس الأموال"، تسعى الخطة الجديدة إلى وقفها.
🇫🇷🇸🇪 نماذج وطنية تلهم أوروبا
وتستلهم المفوضية تجربتين ناجحتين:
فرنسا التي تمتلك خطة الادخار بالأسهم (PEA) بقيمة أصول تتجاوز 114 مليار يورو.
السويد التي يعد فيها حساب (ISK) الأكثر شعبية بين العاملين بفضل بساطته ومرونته الضريبية.
وتسعى بروكسل إلى توحيد هذه النماذج في إطار أوروبي شامل قائم على إعفاءات وضوابط موحدة.
كبح نزيف الأموال إلى وول ستريت
وتشير الصحيفة إلى أن أوروبا تخسر سنويًا نحو 300 مليار يورو من مدخرات مواطنيها التي تتجه نحو الأسواق الأمريكية، إذ تستحوذ الأسهم الأمريكية على 80% من صناديق الاستثمار العالمية (ETF)، مقابل 10% فقط للأسهم الأوروبية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وصف هذا الوضع بـ"المفارقة العبثية"، مؤكدًا في خطابه بجامعة السوربون عام 2024 ضرورة توجيه الثروة الأوروبية لخدمة اقتصادها لا الاقتصادات الأخرى.
ومع إطلاق هذه الخطة، يبدو أن بروكسل استجابت أخيرًا لتلك الدعوات، واضعة نصب عينيها هدفًا واضحًا: تحريك المدخرات الراكدة وتحويلها إلى وقود يعيد تنشيط الاقتصاد الأوروبي.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك