المؤتمر الدولي لحماية الصحفيين في النزاعات المسلحة يختتم أعماله بـ"إعلان الدوحة"

اختتمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ومركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة الإعلامية، اليوم، أعمال المؤتمر الدولي لحماية الصحفيين في النزاعات المسلحة، بإصدار "إعلان الدوحة"، والذي تضمن عددا من التوصيات والأفكار، التي تسهم في تعزيز سلامة الصحفيين في مناطق النزاعات.
وشهد المؤتمر، الذي انعقد على مدى يومين، مشاركة واسعة لخبراء من هيئات وآليات ووكالات الأمم المتحدة، واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، وممثلين عن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بتعزيز حرية التعبير وحرية الصحافة وحماية الصحفيين، والاتحادات، والمؤسسات الإعلامية، إلى جانب الخبراء والأكاديميين.
وتوجه المشاركون بالشكر للجهات المنظمة، مثمنين عاليا أدوار دولة قطر وجهودها الحثيثة واهتمامها وحرصها على تحقيق بيئة آمنة وتمكينية لعمل الصحفيين، خصوصا في مناطق النزاعات المسلحة.
وأكدوا على أن مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والصكوك الدولية ذات الصلة، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقواعد القانون الدولي الإنساني واجبة التطبيق في أوقات النزاعات المسلحة.
وشدد المشاركون على أهمية القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، بهدف حماية الصحفيين وضمان سلامتهم، مجددين دعمهم لإعلان الدوحة حول حماية الصحفيين في الحالات الخطرة الصادر في العام 2012، ومشروع الإعلان العالمي لحماية الصحفيين - إعلان الدوحة، الصادر في مارس 2016، وإعلان فنلندا لعام 2016، وغيرها من الإعلانات المعنية بتعزيز حماية الصحفيين.
وثمن المشاركون في المؤتمر المهام والمسؤوليات والتضحيات التي يضطلع بها الصحفيون، معربين عن أسفهم البالغ لاستمرار جرائم القتل والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الصحفيون في سياق النزاعات المسلحة، ولا سيما في مناطق النزاعات الأكثر خطورة، وفي مقدمتها قطاع غزة، وأوكرانيا والسودان، مع استمرار إفلات الجناة من العقاب، وغياب المساءلة والإنصاف وجبر ضرر الضحايا.
وفي هذا الإطار، أكد سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي، الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، في البيان الختامي للمؤتمر، على الأدوار المعترف بها للصحفيين بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقلق العميق إزاء تفاقم الانتهاكات الممنهجة وواسعة النطاق والمستمرة التي يتعرض لها الصحفيون، وفي ظل التآكل الخطير لقواعد القانون الدولي.
وأوضح سعادته أن المشاركين في المؤتمر توجوا جهودهم خلال يومين بالخروج بسبعة توصيات، منها، مطالبة الدول بتفعيل الإرادة السياسية الشاملة لضمان التنفيذ الفعال لقرارات مجلس الأمن، وقرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة، وتوصيات خطة الأمم المتحدة بشأن أمن وسلامة الصحفيين، وضمان وضع سلامة الصحفيين كأولوية أممية، ووضع وتنفيذ الاستراتيجيات والسياسات الوطنية ذات الصلة.
وأشار إلى أن المؤتمر أوصى بضرورة إنشاء آلية للرصد والإبلاغ فيما يتعلق بالجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ترتكب ضد الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة، لقياس الالتزام وتحديد الانتهاكات، وترتيب المسؤوليات القانونية، والتشديد على وجوب احترام دور الصحفيين والمراسلين في مناطق النزاعات المسلحة، وضمان سلامتهم، وتمكينهم من حرية الحركة وسهولة الوصول، واحترام استقلاليتهم المهنية، والسعي إلى إدراج حماية الصحفيين كبند دائم في مفاوضات السلام.
كما نوه الجمالي إلى التوصية بدعم إصلاح الآليات والهيئات والمحاكم الدولية، عن طريق الدفع باتجاه إبرام صك دولي ملزم لحماية الصحفيين، بما في ذلك ضمان سلامتهم في ظروف النزاعات المسلحة، والعمل على تطوير النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية للنص صراحة على تجريم استهداف الصحفيين، وتحديث التعليقات العامة لهيئات المعاهدات المعنية، وتهيئة الظروف للتواصل الفعال بين الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وهيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة.
وبين أن من توصيات المشاركين في المؤتمر، حث الحكومات والمؤسسات الوطنية والشركات التجارية على العمل من أجل تعزيز الامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني ومقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان، في جميع استخدامات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة، بما في ذلك العمل على اتخاذ تشريعات وسياسات عامة بهدف إلزام شركات التكنولوجيا بالامتناع عن تطوير الأنظمة غير الأخلاقية التي تستخدم في الانتهاكات وأعمال الانتقام والترهيب ضد الصحفيين.
ولفت إلى دعوة المشاركين في المؤتمر، لإنشاء صناديق دولية ووطنية لتعويض ومساندة الصحفيين ضحايا النزاعات المسلحة وذويهم، وتطوير برامج الحماية الاجتماعية لضمان حصول الضحايا وأسر الشهداء على معاشات تقاعدية مستدامة، إضافة إلى إطلاق حملة عالمية مستمرة بهدف تعزيز الوعي بحماية الصحفيين في أوقات النزاعات المسلحة، وتحقيق المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب، وتخليد ذكرى شهداء الصحافة، وتفعيلها بالتزامن مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، والتأكيد على أهمية توحيد المبادرات وتعزيز التضامن والعمل المشترك بين المؤسسات الإعلامية والحقوقية والرسمية والصحفيين لأجل تحقيق هذه الغايات.
واختتم سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، البيان الختامي للمؤتمر بالقول: "إن المشاركين والمشاركات توجهوا بالشكر للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ولمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان في شبكة الجزيرة الإعلامية، ويعلنون التزامهم بالعمل من أجل تنفيذ هذه التوصيات، بالتعاون مع الحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الإعلامية، والاتحادات والنقابات والهيئات والآليات، والمنظمات الدولية، والإقليمية".
من جانبه، قال السيد سامي الحاج رئيس مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان: "إن شبكة الجزيرة الإعلامية ليست بناقل للأخبار ولا وعاء للبرامج، فهي صوت من لا صوت له، ونحن في مركز الجزيرة للحريات العامة نتابع ونوثق جرائم القتل ضد الصحفيين، وإني لأؤكد أن أي اعتداء على صحفي هو اعتداء على الحقيقة، وعلى حق العالم في المعرفة".
وأضاف أن "شبكة الجزيرة الإعلامية لم تقف مكتوفة الأيدي، فقد أحالت الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لتأكيد أن العدالة ممكنة، وأن الإفلات من العقاب لن يكون خيارا، فمحاسبة المسؤولين ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي حماية للصحفيين اليوم، وللحقيقة غدا".
وأردف الحاج "نناشد المجتمع الدولي التحرك فورا لضمان سلامة الصحفيين وحماية حرية التعبير ووضع حد لكل من يسعى لإخفاء الحقيقة، فالصحفيون في الميدان ليسوا أعداء، بل هم مرآة للواقع، وهم الذين يضحون بحياتهم ليضطلع العالم على ما يحدث، ونؤكد اليوم، وبصوت عال وواضح، أن الصحافة ليست جريمة".
وشدد على الاستمرار في العمل بجد وإخلاص لحماية الصحفيين، معربا عن ثقته بأن الشركاء الاستراتيجيين في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والمنظمات الحقوقية والمعنية بحماية الصحفيين سيظلون كما كانوا دوما سندا في حمل هذه الرسالة الإنسانية النبيلة.
وقبيل صدور البيان الختامي، عقدت ضمن فعاليات المؤتمر جلسة ختامية تناولت أهم النقاشات التي تمت خلال يومي المؤتمر، وذلك بمشاركة رؤساء جلسات المؤتمر.
وقد شارك في الجلسة الختامية رؤساء الجلسات التي عقدت بالمؤتمر على مدار يومين، وهم، السيد محمد كريشان المذيع بقناة الجزيرة، والسيد جيانفرانكو فاتوريني الممثل القانوني لمركز جنيف الدولي للإعلام، والسيد عبد الفتاح فايد محرر الشؤون المصرية في شبكة الجزيرة، والسيد رون فريبيرغ رئيس قسم الإعلام بمركز دعم الإعلام الدولي (IMS)، والسيد روبرت جيمس الصحفي المستقل، وممثل حملة شعار الصحافة.
وأكد المشاركون خلال الجلسة، أن حماية الصحفيين باتت أولوية إنسانية وقانونية لا تحتمل التأجيل، في ظل ما يواجهه الإعلاميون من مخاطر جسيمة أثناء تغطيتهم للأحداث الميدانية في مناطق الصراع.
وشددوا على أن الاعتداء على الصحفيين هو اعتداء على الحق في المعرفة وحرية التعبير، وأن صون أرواحهم ومسؤوليتهم المهنية يمثل واجبا أخلاقيا على المجتمع الدولي بأسره.
وأشاروا إلى أن ارتفاع وتيرة الانتهاكات ضد الصحفيين، خاصة في مناطق الحروب والاحتلال، يتطلب تحركا دوليا عاجلا لحماية المراسلين الميدانيين وضمان عدم إفلات المعتدين من العقاب، داعين إلى تصعيد جرائم استهداف الصحفيين إلى المحاكم الدولية باعتبارها جرائم حرب تمس جوهر العدالة والإنسانية.
ودعا المشاركون إلى إنشاء منصة دولية خاصة بالصحفيين المستهدفين، تكون مهمتها توثيق الانتهاكات ونشر قصص الصحفيين الذين فقدوا حياتهم أو تعرضوا للأذى أثناء أداء واجبهم المهني، لتعريف العالم بحجم المأساة، وتسليط الضوء على معاناة العاملين في الميدان، بما يسهم في بناء رأي عام ضاغط يطالب بمحاسبة الجناة وحماية من تبقى من الصحفيين في خطوط النار.
كما شددوا على أهمية تعزيز التعاون بين المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، من أجل تنسيق الجهود وتوحيد المواقف في الدفاع عن حرية الصحافة، وتوفير الدعم القانوني والنفسي للصحفيين وعائلاتهم، وتطوير برامج تدريبية لرفع كفاءتهم في التعامل مع المخاطر الميدانية.
واختتم المشاركون مداخلاتهم بالتأكيد على أن حماية الصحفيين ليست مسؤولية مهنية فحسب، بل التزام إنساني عالمي يجب أن تتبناه الدول والمنظمات الدولية على حد سواء، مؤكدين أن الإعلام الحر والآمن هو ركيزة أساسية لتحقيق السلام والعدالة، وأن استمرار الصمت على الجرائم ضد الصحفيين يشكل تهديدا مباشرا لحرية الإنسان وحق الشعوب في الحقيقة.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك