اللحوم والأسلحة والمعادن.. وصفة تاكايشي لاستمالة ترامب وإحياء “العصر الذهبي” للتحالف الياباني الأمريكي

شكّلت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى طوكيو أول اختبار دبلوماسي حقيقي لرئيسة الوزراء اليابانية الجديدة، ساناي تاكايشي، التي لم يمضِ على توليها المنصب سوى أسبوع واحد.

تاكايشي، التي تُعرف بذكائها السياسي الحاد، استغلت المناسبة لتقديم مزيج مدروس من الوعود، والرمزية، والمصالح الاقتصادية، بهدف كسب ود الزعيم الأمريكي المتقلب المزاج.

"عصر ذهبي جديد" وجائزة نوبل للسلام

خلال لقائها بترامب، خاطبته تاكايشي قائلة: "لقد ألهمتني كثيرًا، وأتطلع إلى عصر ذهبي جديد للتحالف الياباني الأمريكي".

ولم تكتفِ بذلك، بل أعلنت صراحة نيتها ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها محاولة واضحة لمغازلة غرور ترامب السياسي.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام الحالي، لا يفوّت ترامب فرصة للتذكير بأنه “يستحق الجائزة” لدوره في حل النزاعات الدولية، رغم تشكيك خبراء في مدى واقعية تلك المزاعم.

دبلوماسية المائدة.. بين شريحة اللحم وريزوتو الأرز

حتى تفاصيل الغداء لم تكن عشوائية، فالقائمة جاءت مزيجًا من المكونات الأمريكية واللمسات اليابانية الدقيقة.

قُدم للضيوف طبق “ريزوتو الأرز بالجبن الأمريكي والدجاج”، تلاه “ستيك نيويورك” بالمرق والخضار من مدينة نارا، مسقط رأس تاكايشي.

اختيار الأطباق لم يكن ترفًا ذوقيًا بقدر ما كان رسالة سياسية، إذ حرصت طوكيو على دعم المنتجات الزراعية الأمريكية التي يعتمد عليها ترامب في تعزيز شعبيته لدى المزارعين.

الإنفاق الدفاعي.. طمأنة الحليف القوي

لطالما اشتكى ترامب من ضعف مساهمة الحلفاء في تمويل الدفاع، لكن تاكايشي سارعت إلى طمأنته قبل الزيارة، معلنة أن اليابان ستحقق هدفها بإنفاق 2% من الناتج المحلي على الدفاع خلال هذا العام، أي قبل عامين من الموعد المقرر.

كما جددت التزامها بشراء صواريخ "توماهوك كروز" الأمريكية ضمن صفقة وُقعت مطلع 2024، في خطوة تعكس رغبة طوكيو في ترسيخ التحالف العسكري مع واشنطن.

المعادن والسفن.. التحالف الاقتصادي الجديد

ولم تقتصر التحركات اليابانية على السياسة والأمن، إذ وقعت طوكيو اتفاقية رئيسية مع واشنطن لتأمين إمدادات المعادن النادرة والمواد الأساسية، في وقت تفرض فيه الصين قيودًا مشددة على صادراتها من هذه المواد الحيوية.

كما يُتوقّع توقيع اتفاق تعاون جديد في مجال بناء السفن، لمواجهة الهيمنة الصينية في هذا القطاع، بمشاركة محتملة من كوريا الجنوبية.

دبلوماسية الغولف.. واستدعاء إرث آبي

في نهاية الزيارة، لعبت تاكايشي على وتر العاطفة، مقدّمةً لترامب مضرب غولف كان يخصّ رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، الذي جمعته علاقة ودّ خاصة بترامب خلال ولايته الأولى.

كما أُعلن أن الرئيس الأمريكي سيلتقي بأرملة آبي لاحقًا، بينما تخطط طوكيو لإهدائه مجموعة من كرات الغولف المطلية بالذهب، في لفتة رمزية لا تخلو من الدهاء الدبلوماسي.

بهذا المزيج من اللحوم والأسلحة والمعادن والرمزية الذهبية، تسعى تاكايشي إلى ترسيخ صورتها كزعيمة براغماتية تعرف جيدًا كيف تكسب ود أقوى رجل في العالم، دون أن تفقد ملامح الدبلوماسية اليابانية الهادئة.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك