«السادة الأفاضل».. كوميديا سوداء تخلع أقنعة المجتمع وتكشف عوراته

بجرأة غير معتادة، يطل المخرج كريم الشناوي بفيلمه الجديد «السادة الأفاضل»، الذي يصفه بنفسه بأنه «فيلم كل حاجة فيه غلط»، في إشارة ذكية إلى كسر النمط السائد في الكوميديا المصرية وتقديم تجربة مختلفة تمزج بين الضحك والفلسفة، وبين العبث والواقعية.
الفيلم، الذي أثار جدلاً واسعًا منذ طرحه، لا يكتفي بإضحاك المشاهد، بل يدفعه للتفكير في ما وراء النكتة. إذ يقدم الشناوي عملاً يعيد تعريف مفهوم الكوميديا الاجتماعية، لتصبح الضحكة أداة لكشف التناقضات لا للهروب منها.
تدور أحداث «السادة الأفاضل» في يوم واحد ومكان واحد، حيث تُجمع مجموعة من الشخصيات المتناقضة في ظرف غامض، يكشف تدريجيًا عن هشاشة الأقنعة التي نرتديها في حياتنا اليومية. من خلال هذا الموقف العبثي، يطرح الفيلم سؤالاً جوهريًا: من هم «الأفاضل» حقًا؟
هل هم من يملكون المال والمكانة، أم من يمتلكون ضميرًا حيًّا وقدرة على مواجهة ذواتهم؟
يمزج الشناوي بين الواقعية الرمزية والفانتازيا الخفيفة ليصنع عالمًا بصريًا ساخرًا أقرب إلى المرآة المشوهة للمجتمع. حركة الكاميرا البطيئة، الصمت المقصود، وتفاصيل الأداء الدقيقة، كلها أدوات إخراجية صاغت نغمة خاصة تميز الفيلم عن القوالب المعتادة للكوميديا المصرية التي طالما اعتمدت على الإفيه السريع أكثر من الموقف العميق.
السيناريو، الذي كتبه مصطفى صقر ومحمد عز الدين وعبد الرحمن جاويش، نجح في الحفاظ على إيقاع سريع رغم محدودية الزمان والمكان، فكل مشهد يدفع بالأحداث خطوة إلى الأمام دون ترهل أو تكرار.
على صعيد الأداء، يتألق محمد ممدوح، بيومي فؤاد، أشرف عبد الباقي، طه الدسوقي، ناهد السباعي، وانتصار في بطولة جماعية متجانسة، تُظهر براعتهم في تقديم شخصيات تتأرجح بين البراءة والدهاء، وبين الضحك والتراجيديا. كما أضفى الظهور الخاص لكل من أحمد السعدني وأكرم حسني لمسة طريفة أعادت التوازن لإيقاع الأحداث وأضافت عمقًا ساخرًا إلى المشهد العام.
«السادة الأفاضل» ليس مجرد فيلم كوميدي، بل لوحة اجتماعية سوداء تكشف كيف أصبح النفاق سلوكًا عامًا، وكيف يمكن للضحك أن يكون قناعًا آخر نخفي به وجوهنا الحقيقية.
إنه عمل يذكّرنا بأن الكوميديا الحقيقية لا تضحك فقط، بل تفضح وتُفكّر.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك



