ثروات السودان.. كنوز دفنتها الحرب

ثروات السودان.. كنوز دفنتها الحرب

يمتلك السودان واحدًا من أغنى المخزون الطبيعي في القارة الأفريقية، من ذهب ونفط ويورانيوم وزراعة وحيوان، إلا أن نيران الحرب المشتعلة منذ عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع حولت هذا الثراء المحتمل إلى موارد معطلة، وجعلت البلاد تعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في تاريخها الحديث.

فقد أدى الصراع إلى تدمير البنية التحتية وتعطيل عجلة الإنتاج، وأجبر أكثر من 12.5 مليون سوداني على النزوح داخل البلاد وخارجها، لتتوقف بذلك عجلة التنمية وتتآكل قدرات الدولة تدريجيًا.

ثروات ضخمة بلا استغلال

بحسب بيانات وزارة المعادن السودانية وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يمتلك السودان رصيدًا هائلًا من الموارد الطبيعية التي تجعل منه مؤهلًا لأن يكون قوة اقتصادية أفريقية كبرى.

فاحتياطيات اليورانيوم تُقدَّر بنحو 1.5 مليون طن، ما يضع السودان في المرتبة الثالثة عالميًا في هذا المعدن الاستراتيجي، بينما يحتل المرتبة الثالثة أفريقيًا والـ13 عالميًا في إنتاج الذهب باحتياطي يتجاوز 1550 طنًا موزعًا على أكثر من 40 ألف موقع تعدين.

كما يمتلك السودان نحو خمسة مليارات برميل من النفط، إلى جانب خمسة ملايين طن من الحديد والنحاس و1500 طن من الفضة. وفي قطاع الزراعة، تبلغ المساحة الصالحة للزراعة 73.5 مليون هكتار، يُستغل منها أقل من النصف، بينما تتجاوز الثروة الحيوانية 103 ملايين رأس من الأبقار والإبل والأغنام والماعز.

ورغم هذه الأرقام الهائلة، تشير التقديرات إلى أن السودان فقد أكثر من 250 مليار دولار في عام 2023 فقط، نتيجة تعطل الإنتاج وتراجع الاستثمارات وانعدام الأمن في مناطق الموارد.

الذهب.. المورد المنقذ الذي أرهقته الفوضى

منذ انفصال جنوب السودان عام 2011 وخسارة الخرطوم 75% من عائداتها النفطية، أصبح الذهب المصدر الأول للنقد الأجنبي، لكن الفوضى الأمنية وتوسع التعدين الأهلي غير المنظم قلصا العائدات الحقيقية.

تنتشر مناجم الذهب في معظم الولايات، أبرزها منجم أرياب (هساي) في شمال شرق السودان، الذي يعد من أقدم مواقع التعدين، ويشارك في تشغيله مستثمرون سودانيون ومصريون. كما يُعد منجم جبل عامر في شمال دارفور من أكبر المناجم في القارة، بإنتاج سنوي يقارب 50 طنًا من الذهب.

وتعمل شركات أجنبية في مناطق أخرى مثل شركة مناجم المغربية في مشروع بلوك 15 وشركة بيرسيوس الأسترالية في بلوك 14 بصحراء النوبة شمال البلاد.

لكن الحرب الأخيرة أوقفت مشاريع عديدة وأغلقت عشرات المناجم، خصوصًا في مناطق التعدين الأهلي التي كانت تؤمن مصدر رزق لعشرات الآلاف من الأسر.

بلد غني يعيش الفقر

تختصر مأساة السودان معادلة مؤلمة: ثروات هائلة بلا أمن، وموارد ضخمة بلا استغلال. فبينما تمتلك البلاد مقومات تجعلها سلة غذاء أفريقيا، يواجه شعبها اليوم أزمة معيشية خانقة بسبب الحرب التي تلتهم الإنسان قبل الحجر، وتترك خلفها بلدًا ثريًا بالكنوز.. .فقيرًا بالحياة.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار