صحيفة سعودية: محاولات العالم للخروج من مأزق التضخم لا تزال متعثرة

صحيفة سعودية: محاولات العالم للخروج من مأزق التضخم لا تزال متعثرة

أكدت صحيفة "الاقتصادية" السعودية أن العالم اليوم بحاجة إلى استثمارات مختلفة، للخروج من مأزق التضخم حاليا. وقالت الصحيفة - في افتتاحيتها اليوم /الاثنين/ بعنوان (الحلول لا تزال متعثرة) - إن المشكلة في التضخم ليستفي ارتفاع مستويات السيولة فقط التي قادت بعد أحداث أزمة فيروس كورونا بل لأن المستهلكين الذين لديهم فوائض مدخرات من فترات الإغلاق أصبحوا قادرين الآن على إنفاق هذه الفوائض بشكل أسرع من قدرة المنتجين على زيادة الإنتاج، فلا تزال المشكلة كامنة في جانب العرض والإنتاج الذي يعاني مشكلات في سلاسل الإمداد فالحرب الروسية - الأوكرانية أفرزت مشكلات لا حصر لها والعمال عالقون في الدول التي أغلقت أبوابها أو أغلقها العالم وحاويات الشحن لا تزال قليلة أمام حجم الطلبات، مع عدم قدرة الموانئ على إفراغ حاويات السفن بسرعة، ولن تعود الصين إلى كامل طاقتها الإنتاجية ليس بسبب سياسات الإغلاق فقط بل لمشكلات لوجستية وعمالية، ووصلت الاقتصادات المتقدمة إلى مرحلة التشغيل الكامل ومع ذلك فالإنتاج لا يكفي لمقابلة الطلب بسبب نقص قوة العمل.

وتتابع الصحيفة: هذه هي الصورة التي تعكس قصورا في نشر فهم الواقع الاقتصادي اليوم وفعالية رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، ومن هذه الصعوبات الكامنة في بنية الاقتصاد العالمي فإن العالم يركز على اتجاهات الفائدة الأمريكية، والسبب هو الإدمان طوال عقد ونصف تقريبا على الاستثمارات المباشرة في الأسهم والعقار، والسندات الحكومية خالية المخاطر، وظلت هذه الأدوات الاستثمارية تدر تدفقات نقدية كافية لإرضاء المستثمرين، وتجعل الرؤساء التنفيذيين في أزهى عصورهم، لكن هذا الوقت مضى وقد لا يعود في المدى المتوسط القريب.

توصف أسعار الفائدة بالسلاح الأقرب للحكومة الأمريكية الذي يمنع الآخرين من إلقاء اللوم عليها، خاصة عندما تقترب انتخابات منتصف المدة، وعقد الرئيس الأمريكي جو بايدن اجتماعا مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ووزيرة الخزانة لمناقشة ارتفاع معدلات التضخم المتصاعد في الولايات المتحدة التي لم تشهدها من قبل، لكن الجميع يعرف أنها لقاءات قد تكون سياسية أكثر منها اقتصادية، فالفيدرالي الأمريكي يتمتع بحوكمة تمنع أي رئيس من الدفع بتحريك الفائدة تحقيقا لأغراض سياسية، ففي الولايات المتحدة يقع جزء كبير من مسؤولية التحكم في التضخم على عاتق لجنة الاحتياطي الفيدرالي، التي تضع السياسة النقدية لتحقيق أهداف الاحتياطي الفيدرالي المتمثلة في استقرار الأسعار وزيادة فرص العمل، والفائدة المرتفعة تمثل حقوقا لآخرين لن يفرطوا فيها الآن، ولأنه لا يوجد دليل حتى على أن التضخم بلغ ذروته بعد، فمن المؤكد أن هناك مزيدا من الزيادات المتوقعة في أسعار الفائدة عالميا، ولأن رفعها يستهدف استعادة الأموال وتقليص حجم الإقراض.

وتتبع تقرير "الاقتصادية" القطاعات الأكثر تأثرا من خلال آراء الخبراء الذين يرون القطاع العقاري أبرز الخاسرين من ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، لعدد من الأسباب أولها أن أسعار المساكن ارتفعت على مدى العامين الماضيين بشكل واضح، الثاني هو ارتفاع أسعار الفائدة، ما يجعل أسعار المساكن أكثر تكلفة والتمويل أغلى نتيجة ارتفاع قيمة القسط الشهري الواجب سداده للبنك، والقطاع الثاني الأكثر تعرضا للخسارة هو قطاع البطاقات الائتمانية، حيث يدعو الخبراء إلى سرعة سداد الديون قبل أن تصبح أكثر تكلفة، والقطاع الثالث هو أسواق الأسهم وفي هذا يعلق خبير مالي في بورصة لندن مستشهدا بنشاط كثير من العملاء الذي كانت تقوده الفائدة البنكية الصفرية في أسواق الأسهم، ما يتيح لهم تحقيق الأرباح المحققة بعد سداد القروض، لكن هذا تغير الآن في ظل ارتفاع الفائدة بشكل ربعي ما يزيد من تكلفة التمويل ما سيشكل أزمة للأسواق المالية قبل أن تعكس الأسعار هذه التغيرات، ولذا يرى المحللون الماليون في بورصة لندن أن الأوقات السعيدة لسوق الأسهم ستتراجع.

وتوضح صحيفة الإقتصادية أنه إذا كان رفع أسعار الفائدة ليس وصفة مضمونة بنسبة 100 في المائة للسيطرة على التضخم، بل إن الأمر ذاته قد يختلف من اقتصاد إلى آخر. فإن تعرض هذه القطاعات لتقلبات شديدة سيكون أيضا مختلفا بين اقتصاد وآخر بحسب دقة بيانات التضخم، وآليات استجابة الاقتصاد، ولذا يطالب البعض باتخاذ مجموعة من العوامل المشتركة للسيطرة على الوضع على المستوى العالمي، وهنا نعود إلى المسألة الأساس وهي عودة الإنتاج العالمي إلى مستويات تتناسب مع قوة الطلب، مع ضرورة معالجة سلاسل الإمداد حاليا وتوسيع حجم الاستثمارات، إضافة إلى العودة للسلام العالمي، لهذا فإن الاستثمار سيبقى أحد أهم الحلول الأساسية لمواجهة التضخم، لكن توجيه هذه الأموال هو الفيصل بين الخروج سريعا والبقاء في عنق الزجاجة.

للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك

أهم الأخبار