الحرب تُبقي برتقال اليمن على الأشجار

الحرب تُبقي برتقال اليمن على الأشجار
يمني يقصف ثمرة البرتقال (الإنترنت)
القاهرة: «خليجيون»

أصابت الحرب اليمنية القطاع الزراعي الذي شهد تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، وبات محصول البرتقال - أحد أشهر المحاصيل اليمنية - يحصد الآثار السلبية الأكبر على الصعيد المحلي، في ظل مواجهة المزارعين صعوبات جمة في نقل ثمارهم إلى مناطق اليمن الذي قطعت الحرب أوصاله، مما جعلهم يؤخرون جني جانب من المحصول ويتركون الثمار على الأشجار.

ورصدت وكالة أنباء العالم العربي جانبًا من مأساة مزاعي البرتقال اليمنيين، مع حلول فصل الشتاء الذي يحول وديان البلاد إلى اللون البرتقالي، حيث تثمر أشجاره، ويمثل مصدر دخل رئيس للعديد من الأسر.

صعوبة نقل المحاصيل

تنقل الوكالة عن المزارع محمد الحبيشي تعبيره عن الاستياء بسبب صعوبة نقل شحنة من الفاكهة من محافظة مأرب بوسط اليمن، التي تنتج نحو ثلاثة أرباع محصول البلاد من البرتقال، إلى صنعاء بالشمال، في رحلة محفوفة بالمخاطر مع بداية موسم الشتاء في مزارع مأرب، ومساحتها نحو ستة آلاف هكتار تمتد على طول واديها الذي يلامس أطراف صحراء الربع الخالي.

وتشتهر محافظة مأرب بزراعة البرتقال، وتمثل النشاط الأول لغالبية السكان، حيث تنتج كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية التي يجرى نقلها إلى السوق المحلية والخارجية، وسط مخاطر أمنية وأخرى لوجيستية.

جانب من المشهد يلتقطه التقرير، حيث يجني الرجل الثمار بسرعة بالطريقة التقليدية وبجواره شابان آخران لاستكمال تحميل شاحنته بسلال البرتقال السكري في مزرعة ممتدة وسط وادي مأرب لنقل فاكهة شتوية طال انتظارها.

محصول البرتقال في اليمن (الإنترنت)
محصول البرتقال في اليمن (الإنترنت)

والحبيشي يعمل منذ أكثر من 15 عامًا في تجارة ونقل البرتقال من المزارع في محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي شمال وغرب اليمن.

سائقو الشاحنات يواجهون مخاطر في الصحراء ومناطق التماس بين طرفي الحرب شرق مدينة الحزم الخاضعة لسيطرة الحوثيين

يقول الحبيشي إن تجار البرتقال من مأرب إلى صنعاء يواجهون مشكلات متعددة، ومنها المخاطر التي تواجه سائقي الشاحنات في الصحراء ومناطق التماس بين طرفي الحرب شرق مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ويضيف أن سائقي الشاحنات يواجهون عوائق ورمالا متحركة توقف أحيانا سير الشاحنات لأيام، مما يؤدي الى تلف الخضروات والفواكه المحملة على متنها ويكلف تجار الفاكهة مبالغ كبيرة.

يظهر حجم المأساة عندما يشير إلى أن الشاحنة كانت تقطع المسافة من مأرب إلى صنعاء في ساعة ونصف الساعة، لكن الأمر يتطلب الآن عشر ساعات حتى تصل الشاحنة إلى مدينة الحزم في محافظة الجوف الواقعة على بعد حوالي 400 كيلومتر من مأرب عبر طريق بديل وعر يخترق الصحراء، ثم تنتقل إلى صنعاء.

محصول البرتقال في اليمن (الإنترنت)
محصول البرتقال في اليمن (الإنترنت)

النهب والسرقات

هذه ليست المشكلة الوحيدة، «فقد تتعطل ماكينة الشاحنة أو تنفجر الإطارات أو تتعرض الشاحنة للنهب والسرقة من قبل مسلحين مجهولين في المنطقة في أثناء الأعطال وانتظار قدوم مهندس لإصلاحها قد يأتي إلى مكان توقفها في عمق الصحراء بعد يومين أو ثلاثة».

أطراف الحرب في اليمن قطعت شرايين القطاع الزراعي، عندما جرى قطع الطريق الرئيسي بين مأرب وصنعاء، وهو ما يُكلِّف تجار الفواكه خسائر كبيرة بسبب تأخر النقل لمدة قد تصل إلى خمسة أيام، كما يكلفهم وقودًا إضافيًا للشاحنات ومصاريف الطريق وتكلفة قطع غيار الشاحنات ودفع إتاوات لنقاط تفتيش تتبع هذا الطرف أو ذاك على طول الممر الصحراوي.

الحرب وضعت أعباء إضافية على كاهل المزارعين والتجار، بعدما ارتفع سعر الديزل الجالون (20 لترا) إلى 26 ألف ريال يمني (49 دولارا تقريبا) فيما كان سعره قبل الحرب لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال، وبالتالي فإنَّ الشاحنة المتوسطة من مأرب إلى صنعاء تحتاج حوالي 13 جالونًا من الديزل، وكل تلك التكاليف تضاف قيمتها إلى قيمة فاكهة البرتقال التي يدفعها مكتملة ويتحملها المواطن اليمني.

تباين الأسعار من منطقة إلى أخرى

هذه الفجوة تظهر أيضًا بشكل أكثر وضوحًا في تباين الأسعار من منطقة إلى أخرى، حيث يسعل سعر سلة البرتقال زنة حوالي عشرة كيلوجرامات 12 ألف ريال في مناطق سيطرة الحكومة، فيما تباع في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين بسعر 5 آلاف ريال نتيجة اختلاف قيمة صرف الدولار في صنعاء عنها في عدن ومناطق سيطرة الحكومة، بحسب الحبيشي.

وتنتج محافظة مأرب حوالي 74% من إنتاج اليمن من البرتقال، ويصل حجم إنتاجها السنوي حوالي 130 ألف طن من البرتقال بأنواعه كالسكري وأبو سرة والمعنق والعادي، فضلا عن اليوسفي.

20% من المزارع ما زالت تحمل ثمرة العام، ولم تُجنَ بعد بسبب الحرب التي أدت إلى قطع الطُّرق بين مأرب والمحافظات الأخرى

وتحتل محافظة مأرب المرتبة الثالثة بعد محافظتي الحديدة وصنعاء في إنتاج المحاصيل الزراعية المختلفة والتي تعاني ذات المشكلات في التسويق بعد الحرب.

المأساة أن 20% من المزارع ما زالت تحمل ثمرة العام، ولم تُجنَ بعد بسبب الحرب التي أدت إلى قطع الطُّرق بين مأرب والمحافظات الأخرى، وبقي البرتقال على الأشجار.

أهم الأخبار