بثمن بخس.. سوادنيون يقايضون سياراتهم بالغذاء

بثمن بخس.. سوادنيون يقايضون سياراتهم بالغذاء
مواطن سوداني أمام سياراته المدمرة جراء الحرب
القاهرة: «خليجيون»

هبطت أسعار السيارات في السودان، جراء اضطرار عدد من السودانيين إلى بيع سياراتهم بأسعار متدنية خوفا من تعرضها للنهب والسرقة ولتغطية تكاليف المعيشة، بعد أن فقدوا مصادر دخلهم ومدّخراتهم، نتيجة للصراعُ الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من تسعة أشهر مواطنين

وانخفضت أسعار سواق السيارات في السودان إلى 50%، في ظل حالة ركود أحدثتها الحرب، خاصة مع وصول المعارك إلى ولاية الجزيرة وسط البلاد ومنها إلى سنّار في الجنوب الشرقي والقضارف شرقا، حسب وكالة أنباء العالم العربي.

وجُبر السودانيون على بيع سياراتهم، إما لتغطية تكاليف السفر إلى خارج البلاد أو لسداد الإيجارات المرتفعة في الولايات الآمنة نسبيا شمال وشرق السودان وتلبية الاحتياجات الأساسية في ظل غلاء الأسعار.

تراجع حركة البيع والشراء بصورة كبيرة

ويقول السوداني أيمن بدوي، -الذي ينوي بيع سيارته لاستكمال إجراءات سفر عائلته إلى خارج البلاد، إن«الأسعار تشهد انخفاضا منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي، لكنها انخفضت أكثر مع تراجع حركة البيع والشراء بصورة كبيرة في أعقاب سقوط مدينة ود مدني في يد قوات الدعم السريع الشهر الماضي».

وأشار إلى أن «انخفاض الأسعار يعود إلى أسباب قد تبدو منطقية بعد تضرر قطاع كبير من المواطنين في ود مدني وقبلها العاصمة الخرطوم».

وقال «توالت الخسائر المادية للتجار الذين فروا من الخرطوم في المرة الأولى، ثم من مدينة مدني مرة أخرى، مما جعلهم يخسرون كل شيء».

صورة تعبيرية من السودان

صورة تعبيرية من السودان

أضاف «من تبقت معه سيارة، أصحبت (تلك السيارة) كل ما يملك، لذلك، ومع ضغط الحياة والحاجة المادية، فكر البعض في بيع سياراتهم من أجل تغطية تكاليف الإيجارات والمعيشة، وآخرون فكروا في البيع لبدء مشاريع جديدة».

أما هو، فقد قرر بيع سيارته حتى يتمكن من الهجرة إلى خارج البلاد ولكي لا يترك السيارة تُنهب، «فالمعارك قد تطال جميع مناطق البلاد»، بحسب وصفه.

وتابع «لا يوجد طلب كبير على السيارات بسبب المخاوف ذاتها التي جعلت البائع يعرض سيارته للبيع، فلن تجد مشتريا يطلب بصورة كبيرة سيارات، كما هو حال السيارات الأعلى قيمة، خصوصا ذات الدفع الرباعي، أما السيارات الصغيرة الأقل قيمة، فأحيانا تجد حظّها من البيع والشراء».

خوفا من النهب

ويعرض بن عمر عبد الله، هو الآخر سيارته في دلالة بمدينة بورتسودان شرقي البلاد خوفا من أن تُنهب، بعد أن تمكن من إخراجها من ود مدني بصعوبة في أعقاب اندلاع المعارك هناك.

ويقول إن «لجوء عدد كبير من المواطنين إلى التخلص من سياراتهم مرتبط بالعمليات العسكرية»، إذ يرى أن «أي شخص يفكر في البيع خوفا من النهب».

واعتبر عبد الله أن «اتساع نطاق المعارك يزيد من انخفاض أسعار السيارات بسبب كثافة العرض وقلة الطلب "على الرغم من تناقص عدد السيارات».

ويعرب أحمد صالح عن حيرته الشديدة تجاه كساد سوق السيارات، فهو يعرض سيارته للبيع منذ شهر كامل في مدينة بورتسودان، التي وصل إليها نازحا من جحيم الحرب في الخرطوم، ولم يجد من يشتريها حتى الآن.

وقال «سيارتي هي الشيء الوحيد الذي تبقى من مدخراتي.. .أرغب في بيعها لتوفير احتياجاتي من الأكل والشرب ولتغطية التكاليف العالية لإيجار المنزل الذي نسكنه، لكن نواجه فشلا كبيرا في تسويق السيارة».

وأضاف «انخفض سعر سيارتي بنسبة تزيد عن 50%، في حين هناك ارتفاع في أسعار السلع ومجمل الخدمات، خاصة إيجار المنازل».

من معارك السودان

من معارك السودان

5300 دولار أميركي

وتمكن مصطفى سعيد، تكّمن من إخراج سيارته من مدينة أم درمان غرب العاصمة إلى ولاية النيل الأبيض وسط البلاد في الشهر الثاني للحرب، وعرضها للبيع حتى يتمكن من توفير تكاليف سفر عائلته المكونة من ستة أفراد.

و قال سعيد «بعد أن فقدت كل مدخراتي، أصبحت سيارتي رأسمالي الأخير.. .عرضتها للبيع بخمسة ملايين جنيه (حوالي 5300 دولار أميركي)، لكن هنالك ركودا كبيرا في أسواق السيارات، وإذا لم أجد مشتريا بنفس المبلغ، سأكون مضطرا لبيعها حتى ولو بنصف هذا الثمن».

عرض كبير في السيارات

ويرى محمد الناير، الأستاذ المشارك في المحاسبة والخبير الاقتصادي، أن عمليات النهب والسلب التي صاحبت الحرب جعلت العديد من الناس يحاولون التخلص من سياراتهم خوفا من تعرضها للنهب، وهو الأمر الذي أدى إلى وجود عرض كبير في السيارات وبالتالي انخفاض كبير في أسعارها.

وقال «لم تعد السيارات بقيمتها التي كانت عليها قبل الحرب، (وهذا يظهر) من خلال الكمية المعروضة بنسبة تتراوح من 30- 40 بالمئة من القيمة السائدة في السابق».

وحذر من آثار أخرى سلبية، قائلا إن «الكثير منهم (الذين يبيعون سياراتهم) يفرون إلى الخارج، وربما بينهم عدد كبير من الكفاءات، وهذه مشكلة كبيرة تؤثر في المرحلة المقبلة أيضا من حيث الحفاظ على المال بعملة أجنبية، هذا قد يشكّل ضغطا على النقد الأجنبي وطلبا غير طبيعي وغير موضوعي عليه (لأغراض السفر)».

عناصر من الجيش وقوات الدعم السريع قبل الحرب
عناصر من الجيش وقوات الدعم السريع قبل الحرب

الألغام تفجر السيارات في السودان

وميدانيا قُتل 10 مدنيين بولاية نهر النيل السودانية شمال البلاد، في انفجار لغم أرضي بحافلة كانت تقلهم، بحسب وكالة أنباء «فرانس برس».

وقال مسؤول طبي -الذي رفض كشف هويته- «ُقتل 10 من المدنيين إثر انفجار لغم في حافلة كانت تقلهم من منطقة شرق الجزيرة متجهة إلى مدينة شندي بولاية نهر النيل»، والتي تبعد 150 كيلومترا شمال العاصمة الخرطوم.

والأسبوع الماضي تداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي تحذيرا نسب إلى الجيش السوداني لسكان شندي جاء فيه «جرى وضع متاريس حولية مزودة بألغام أرضية عالية الحساسية، ومزودة بمتفجرات بعيدة المدى، وعلى الجميع أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر وعدم المرور بهذه المناطق».

اقرأ أيضا

«البراميل المتفجرة» تعقد «الحل الأفريقي» في السودان

«خليجيون» خاص| من المسؤول عن انسداد الأفق السياسي في السودان؟

أهم الأخبار