وزير سابق: القاء اللوم على البنك المركزى و السياسات النقدية لن يحل المشكلة بل سيعمقها و يؤخر الخروج من الازمة

وزير سابق: القاء اللوم على البنك المركزى و السياسات النقدية لن يحل المشكلة بل سيعمقها و يؤخر الخروج من الازمة
البنك المركزي المصري (الانترنت)
نجلاء كمال

أكد المهندس حاتم صالح الوزير السابق للتجارة والصناعة على ضرورة وجود سياسات اقتصادية يمكن أن تكون ضمن الروءية الاقتصادية الشاملة التى نتحدث عنها و تترجم فى اليات و اهداف و برامج زمنية يشرف على تنفيذها ادارة محترفة لها قدرة على اتخاذ القرار و متابعة التنفيذ، لا تتأثر بجماعات و لوبيات الضغط و المصالح و تستهدف مضاعفة الصادرات، وعوائد السياحة، و استبدال الواردات لتحقيق فائض للميزان التجارى فى ٥ -٧ سنوات على الاكثر.

وقال صالح أن هذه السياسات و غيرها هى ما ستوفر الدولار و تحدث الوفرة فى السلع و تزيد من فرص العمل و الدخول و تسيطر على التضخم، منتقدا الاراء التى تلقى اللوم دائما على البنك المركزى و السياسات النقدية فلن يحل المشكلة بل سيعمقها و يوءخر الخروج من الازمة.

وقال صالح أنه عندما تحدث أى متاعب للاقتصاد او أزمات فى توافر الدولار يتوجه العامة بأصابع الاتهام دائما للبنوك المركزية باعتبارها المسئولة عن إدارة السياسة النقدية، و لكن عند المتخصصين فالموضوع له أبعاد أخرى و ليست السياسات النقدية وحدها هى المسئولة عن توافر الدولار، فالدولار لا يصنع فى البنوك المركزية و إنما يصنع فى المصانع و الحقول، أى أن البنوك المركزية لا تستطيع أن تولد دولارات لا يولدها الاقتصاد، ربما تستطيع ان تزيد المعروض موءقتا من خلال بعض السياسات او الاقتراض و لكن تظل هذه السياسات و هذا الاقتراض مجرد مسكنات موءقتة و ديون واجب ردها، حتى تتعافى روافد الاقتصاد الحقيقي التى تولد هذه الدولارات بشكل مستدام، و خطورة الافراط في هذه المسكنات و إدمانها انها تسكن الالم وقتيا مما يلهينا عن علاج مكامن المرض، فإذا غابت ( لأسباب داخلية أو خارجية ) صرنا نشعر بالخوف و التوتر ظنا منا انها العلاج بينما ينتشر و يستفحل المرض و يصبح علاجه صعبا مع مرور الوقت.

وأكد صالح أنه لا يقلل من أهمية السياسات النقدية و لكن أصل الداء هو فى ضعف السياسات الاقتصادية و ليس النقدية، السياسات الاقتصادية الرشيدة هى الاساس فى تحفيز الاقتصاد، لتحقيق الوفرة فى السلع و الخدمات و بالتالي السيطرة على التضخم، وتوليد مصادر متجددة للعملة الحرة، و توفير فرص العمل الخ.

وأكد صالح أن مصر تفتقر إلى روءية اقتصادية شاملة و جادة، تطبق بشكل منهجى و حازم لاخراج البلاد من الازمة.

وقال صالح أنه على سبيل المثال أعلنت الحكومة انها انفقت ٨ تريليون جنيه على المشروعات القومية فى السنوات الاخيرة و بقدر سعادتى بالمشروعات القومية الجديدة مثل العاصمة الادارية و الطرق و الكبارى و مشروعات الاسكان لتنمية العشوائيات و تجديد القطارات و المونوريل، إلا أن رقم ال ٨ تريليون حقيقة قد أصابنى بدهشة و ربما صدمة كبيرة و اسباب هذه الصدمة هى:

أولا: أن الرقم ضخم و هو يفوق بمراحل حجم اقتراض الدولة المصرية منذ عهد الخديوى اسماعيل و حتى الان و اغلبه قد أتى من مصادر تمويل داخلية و خارجية و بعض هذه القروض هى قروض قصيرة الاجل فى حين أن اغلب هذه المشروعات هى مشروعات طويلة الاجل، فكيف ستسدد هذه القروض.

ثانيا: أن هذا الرقم كان يستطيع أن يحل مشاكل كبيرة للدولة المصرية و التى نشتكى منها جميعا حتى الان، لو توافرت الروءية الاقتصادية الشاملة و الخطة المسبقة، و لكى نشرح هذه النقطة و حتى نستشعر دلالة الارقام التى ربما لا يعرف لغتها الكثيرون، دعونا نتخيل و بالارقام ماذا يمكن أن يفعل تريليون واحد فقط فى قطاعات مثل الزراعة و الصناعة و الصحة و التعليم و التشغيل:

- الزراعة: تريليون جنيه هى قيمة استصلاح ٤ مليون فدان بمتوسط ٢٥٠ الف جنيه للفدان، بما يعنى تحقيق زيادة فى الانتاج الزراعى بحوالي ٦٠٪، زيادة التصدير ١٥٪، زيادة فى الناتج القومي ١٠٪، ٨ مليون فرصة عمل جديدة.

- الصناعة: تريليون جنيه هى تكلفة انشاء ١٠ الاف مصنع جديد، بتكلفة ١٠٠ مليون جنيه للمصنع الواحد، تزيد الانتاج الصناعى ٣٠٪، تزيد التصدير ٢٠-٣٠٪، تضيف ٢٠٪ للناتج القومى، تضيف ٥ مليون فرصة عمل جديدة.

التعليم: تريليون جنيه هى تكلفة انشاء ٢٥ الف مدرسة حديثة جديدة بمتوسط تكلفة ٤٠ مليون جنيه للمدرسة الواحدة، تستوعب ١٥ مليون طالب تقضى على مشكلة تكدس الفصول نهائيًا و تحدث طفرة غير مسبوقة فى قطاع التعليم

- الصحة: تريليون جنيه هى تكلفة انشاء ١٠٠٠ مستشفى جديدة حديثة و متطورة بمتوسط تكلفة مليار جنيه للمستشفى الواحد، تضيف متوسط ٤٠ مستشفى جديد لكل محافظة و تنقل القطاع الصحى نقلة هائلة ليصبح قطاعا متطورا يضاهى الدول المتقدمة.

وأكد صالح أنه ب ٤ تريليون جنيه فقط كان يمكننا ايجاد حلول جذرية لمشاكل مثل البطالة، الصحة، التعليم، و ننشىء الاف المصانع و ملايين الافدنة التى تضيف للناتج القومي و التصدير و تغنينا عن الاقتراض و التعويم الذى يزيد من التضخم و الفقر هذه الارقام بافتراض أن الدولة ستبنى كل ذلك بنفسها فما بالنا و هو الاصح ان نفسح المجال للقطاع الخاص القادر على الادارة الرشيدة، و نخصص جزء فقط من هذه الاموال لدعم هذا القطاع بشرط تحقيق مستهدفات محددة، موءكد سيكون التاثير مضاعفا على الاقتصاد الكلى.

وأكد صالح ضرورة تصميم برامج حوافز تشمل قروض مخفضة و اعفاءات ضريبية، و منح مباشرة و اراضى مجانية و طاقة مدعومة على أن تكون هذه الحوافز مرتبطة بأهداف قومية مثل: كثافة التشغيل، احلال المستوردات، تعظيم المكون المحلى، تعظيم الصادرات، بالاضافة الى ايجاد برامج تمويل و احداث اصلاحات تشريعية و أنشاء مناطق تكنولوجية بها جميع مقومات البنية التحتية المطلوبة لتكون واحدة من أهم الدول الحاضنة لمشاريع التكنولوجيا الجديدة و الواعدة على مستوى العالم، و حتى نواكب عالما اصبحت هذه لغته و احتلت فيه شركات التكنولوجيا قائمة العشر الكبار، و هناك دولا نامية مثل الهند و استونيا سبقت فى ذلك و اصبحت هذه الشركات داعما رئيسيا للدخل القومى و كذلك دولا اقليمية مثل الامارات و السعودية اخذت خطوات مهمة لجذب هذه الشركات.

كما أكد صالح على ضرورة وضع سياسة لتعظيم العائد من الطاقة عموما و الغاز خصوصا الذى حبانا الله به فلا نصدره خاما لانه أسوأ استغلال للعائد منه و انما نزيد من قيمته المضافة فى الصناعة و الزراعة و المنتجات البترولية و الاسمدة و توسعنا فى السيارات الكهربائية كما تتجه دول العالم المتقدم الان بما لذلك من اثار ايجابية على البيئة و الاقتصاد، لافتا الى أن تكلفة التشغيل بالطاقة الكهربائية للسيارات هى ٢٠٪ فقط من تكلفة المحروقات المكافئة، و لهذا تقوم دول العالم المتقدم حاليا بتقديم دعم كبير لكل من يشترى سيارة كهربائية و لديها خطط لاحلال جميع السيارات فى ١٠ سنوات.

أهم الأخبار