الدمع المتجمد.. وجبر الخواطر

الدمع المتجمد.. وجبر الخواطر
إيهاب نافع
إيهاب نافع

يحيا مواطنو كثير من دول العالم في الغرب والشرق أياما صعبة للغاية تأثرا بالحرب الروسية الأوكرانية، ومن قبلها تداعيات جائحة كورونا، إذ تداعت كثير من اقتصادات العالم حيال الآثار الصعبة للأزمتين بشكل جعل من دول كبرى في أوروبا تلجأ إلى تخفيف الأحمال من الكهرباء، والبحث عن بدائل لمصادر الطاقة التقليدية، وكذلك انتشرت تقارير عديدة عن المعاناة الاقتصادية الصعبة، منها ظهور أعداد من المتشردين حتى في لندن وواشنطن فضلا عن غيرها من بلدان أوروبا وأفريقيا وبقي السؤال الصعب والإجابات الأصعب، أين الأزمة وأين الحل؟

سؤال يسأله لك المواطن البسيط في الشارع، ورجل الأعمال الثري، وكلاهما تأثر تأثراً بالغا بالأزمات الاقتصادية، فالمواطن البسيط ارتفع أسعار استهلاكه، ورجال الأعمال والأثرياء توقفت استثماراتهم فلا هو قادر على بيع بضائعه خوفا من زيادة أسعارها وبالتالي فقدان مكاسب كانت ممكنة، وفي الوقت نفسه يخشى مما يسمونه "وقف الحال" فالبضائع كلما ارتفعت الأسعار زادت قيمتها وقلت استهلاكها.

وبالمقابل تبقى أزمات الفقراء المحتاجين ممن يمنعهم التعفف من السؤال، وأصبحنا نلمح بأعيننا ظاهرة غريبة، يمكن أن نسميها بظاهرة "الدمع المتجمد" تلك الظاهرة التي تجد فيها أناس كنا نعدهم من المقتدرين المستورين أو اجتماعيا من أبناء الطبقة المتوسطة، حالهم معلوم من نظرتهم، ظروفهم صعبة لا تخفى عن زي بصيرة، لكن دموعهم متجمدة في عيونهم، فلاهم قادرون على الشكوى، ولا قابلون لتقبل المساعدة، ولا سد حاجات أسرهم التي تضاعفت.

وإلى جانب هؤلاء المتعففين نجد آلام المكلومين المحتاجين الذين طحنتهم قسوة الحياة فلاذوا فرارا في شوارعها يسألون الناس الحاجات، وهم يتلهفون يبحثون عن سد حاجاتهم.

وبين من تعففوا ومن تلهفوا.. يبقى استحضار العبادة المنسية المتمثلة في "جبر الخواطر" مخرجا لنا جميعا، فبجبر الخواطر يتعبد القادر، ويتقرب إلى الله، وجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو النفس وعظمة القلب وسلامة الصدر ورجاحة العقل، ويجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، يقول الإمام سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم".

فمن الدمع المتجمد إلى جبر الخواطر سننجو جميعا مهما كانت الأزمة صعب، فالغني يتقرب إلى الله بجبر خاطر الفقير، والفقير يتقرب إلى الله بالدعاء الجابر لخاطر الغني الذي راعاه، والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه.

أهم الأخبار