إيران تجنبت «الانتقام».. خطوة للوراء وتحذيرات دوليّة من التصعيد

إيران تجنبت «الانتقام».. خطوة للوراء وتحذيرات دوليّة من التصعيد
مطار مدني في مدينة أصفهان الإيرانية. (أرشيفية)
القاهرة: «خليجيون»

في حلقة جديدة من حلقات التصعيد في الشرق الأوسط، ترددت أصداء انفجارات في مدينة إيرانية يوم الجمعة فيما وصفته مصادر بأنه هجوم إسرائيلي، لكن طهران شككت في الواقعة وأشارت إلى أنها لا تعتزم الانتقام، وهو رد يهدف فيما يبدو إلى تجنب حرب على مستوى المنطقة، بعد الهجوم الأخير الذي شنته طهران على إسرائيل ردا على استهداف قنصليتها في دمشق، وسط تحذيرات دولية من مغبة التصعيد واتساع رقعة الصراع.

والتزمت إسرائيل الصمت يوم الجمعة ونفت الولايات المتحدة أي دور لها. وعندما سُئل وزير الخارجية الأمبركي أنتوني بلينكن عن الأمر مرارا في مؤتمر صحفي في إيطاليا، قال إنه لن يعلق باستثناء القول إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل ولكنها لم تشارك في أي عمليات هجومية.

ويقول جوناثان لورد رئيس برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد وهو مركز أبحاث «يبدو أن هذا يشير إلى أن إيران تريد أن تتخذ خطوة للوراء والتقليل من تأثير الهجوم وربما التراجع عن دوامة التصعيد»، فيما قال إيتمار رابينوفيتش السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن «حاولت إسرائيل الموازنة بين ضرورة الرد والرغبة في عدم دخول دائرة من الفعل ورد الفعل المعاكس ستستمر في التصاعد بلا نهاية»، وفق وكالة رويترز.

كيف بدأ الهجوم على إيران؟

ففي ساعة مبكرة من صباح الجمعة، دوت انفجارات في مدينة أصفهان بوسط إيران قال القائد العام للجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي إنها ناجمة عن تصدي الدفاعات الجوية لعدد من «الأجسام الطائرة»، فيما نشر التلفزيون الرسمي مقطعا مصورا قال إنه لتفعيل الدفاعات الجوية في أصفهان. وبينما أشار موسوي إلى أن الخبراء المعنيين يحققون في الأمر وسيعلنون نتائج التحقيق لاحقا، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل شنت هجوما على إيران، لكنها لم تعلن عنه رسميا.

وبعد تصدي الدفاعات الجوية للأجسام الطائرة في أصفهان، نسبت وسائل إعلام إيرانية لقائد القوات البرية بالجيش كيومرث حيدري القول إنه «إذا ظهرت أجسام طائرة مشبوهة في سماء البلاد مثل حادثة الليلة الماضية، فلن تسلم من استهداف قواتنا الدفاعية».

وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بأن الدفاعات الجوية تصدّت لمسيّرات صغيرة فوق مدينة أصفهان دون أضرار تُذكر، لكن صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية قالت إن الهجوم نفذته طائرات بإطلاق صواريخ بعيدة المدى وليس باستخدام طائرات مسيرة أو صواريخ أرض جو.

وأكدت مصادر أمنية وحكومية إسرائيلية لصحيفة (جيروزاليم بوست) أن إسرائيل شنت الهجوم، الذي قالت وسائل إعلام إيرانية إنه تم بثلاث طائرات مسيرة، لكنها لن تعلن مسؤوليتها عنه «لأسباب استراتيجية». وأبلغ مسؤولان عسكريان إسرائيليان صحيفة (نيويورك تايمز) بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي ضرب إيران في وقت مبكر الجمعة، كما نقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين لم تذكر أسماءهم القول إن قاعدة جويّة قرب أصفهان تعرّضت لهجوم، لكنّهم أحجموا عن ذكر اسم الدولة المهاجمة.

كما ذكر مسؤولان أميركيان لشبكة (سي.إن.إن) أن إسرائيل شنت هجوما عسكريا داخل إيران، وأشارا إلى أنه جرى إبلاغ الولايات المتحدة الخميس بنية إسرائيل تنفيذ الهجوم خلال أيام، لكنها لم تقر هذه الخطوة. ونقلت (سي.إن.إن) عمّن وصفته بأنه مصدر استخباراتي إقليمي القول إن الضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل قد «انتهت».

وأشارت طهران إلى أنها لا تعتزم القيام بعمل انتقامي. ولم تُصدر إسرائيل أي تعليق علني على الواقعة. فيما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في تصريحات أدلى بها أمير عبد اللهيان لمبعوثي الدول الإسلامية في نيويورك ونقلتها وسائل إعلام إيرانية.

ونقلت عن الوزير قوله «وسائل الإعلام الداعمة للكيان الصهيوني حاولت يائسة تصوير الهزيمة على أنها نصر في حين أن الطائرات الصغيرة التي أُسقطت لم تسبب أي أضرار أو إصابات». وقال أمير عبد اللهيان خلال لقاء مع نظيره البرازيلي «يتمثل العامل الأساسي لتحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة في وقف جرائم الكيان الصهيوني (إسرائيل) في غزة والضفة الغربية وإقرار وقف دائم لإطلاق النار».

واشتعلت الأوضاع في أصفهان بعد ساعات قليلة فقط من اتصال هاتفي بين وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن والإسرائيلي يوآف غالانت، والذي قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن محوره كان «التهديدات الإقليمية وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط».

وعلى الرغم مما نقلته وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين من أن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها ستهاجم إيران، أكد مسؤولون لشبكة (إن.بي.سي) على أن الولايات المتحدة لم تشارك في الهجوم.

من ناحية أخرى، قال الجيش السوري إن إسرائيل شنت هجوما بالصواريخ في ساعة مبكرة الجمعة استهدف مواقع دفاع جوي في المنطقة الجنوبية وأدى إلى وقوع خسائر مادية.

جاءت التطورات الأخيرة بعد أيام قليلة من هجوم شنته إيران بمئات المسيّرات والصواريخ على إسرائيل مطلع الأسبوع الجاري، وذلك بعد مقتل قائد كبير في الحرس الثوري في هجوم يعتقد أنه إسرائيلي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق.

ويوم الاثنين الماضي، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن إسرائيل قررت الرد "بشكل حاسم وواضح" على الهجوم الإيراني، لكنها أكدت على أن الرد سيكون بطريقة لا تؤدي لاشتعال المنطقة ودفعها إلى أتون حرب وسيكون مقبولا بالنسبة للولايات المتحدة.

المنشآت النووية الإيرانية آمنة

أكد التلفزيون الرسمي الإيراني على أن المنشآت النووية والمراكز العسكرية في البلاد لم تتعرض لأي هجوم. كما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على عدم وقوع أي أضرار في المواقع النووية الإيرانية، لافتة إلى أنها تتابع الوضع عن كثب بعد الانفجارات التي هزّت مدينة أصفهان فجرا.

ودعا المدير العام لوكالة الطاقة الذريّة رافائيل غروسي الجميع إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس، مشددا على أن المنشآت النووية يجب ألا تكون هدفا في الصراعات العسكرية.

وكان قائد مقر حفظ أمن المواقع النووية الإيرانية بالحرس الثوري الإيراني أحمد حق طلب حذر الخميس من أن بلاده قد تغير "عقيدتها النووية" إذا تعرضت منشآتها النووية للاستهداف، بما يشمل المعاملة بالمثل.

وأكد حق طلب على أن مراكز بلاده النووية «محمية بالكامل»، وقال إن طهران لديها المعلومات اللازمة عن المراكز النووية الإسرائيلية، مشيرا إلى «تحديد كافة الأهداف الموجودة». وأضاف «من الممكن مراجعة سياستنا النووية إذا حاولت إسرائيل ضرب منشآتنا.. .يدنا على الزناد لضرب أهداف محددة.. .إذا استهدفت إسرائيل منشآتنا فستتلقى ردا بأسلحة أكثر تطورا».

وبعد قليل من تقارير نشرتها وسائل الإعلام الرسمية في إيران عن إغلاق المجال الجوي فوق أصفهان وتبريز وطهران ومدن أخرى، وتقارير عن عودة رحلات طيران أدراجها بسبب إغلاق مطارات العاصمة الإيرانية، قالت وسائل إعلام محلية إن جميع الرحلات الجوية في البلاد عادت إلى طبيعتها.

وأشارت وسائل الإعلام إلى استئناف الرحلات الجوية في مطاري الإمام الخميني ومهرآباد في طهران بعد تأجيلها أو تعليقها صباح الجمعة، فيما قال التلفزيون الرسمي إن إيران رفعت قيود الطيران في مختلف أنحاء البلاد.

دود فعل على قصف إيران

في أعقاب الانفجارات التي هزت أصفهان، توالت ردود الفعل العربية والدولية التي أدان بعضها ما وصفه بـ«الهجوم الإسرائيليK على إيران فيما حذر البعض الآخر من مغبة التصعيد في المنطقة.

ففي سلطنة عمان، قالت وزارة الخارجية إن السلطنة تتابع استمرار التوتر في المنطقة، وتدين «الهجوم الإسرائيلي» على أصفهان صباح الجمعة. كما عبرت الخارجية العمانية عن إدانتها واستنكارها لما وصفتها بأنها «اعتداءات إسرائيل العسكرية المتكررة» في المنطقة، ودعت المجتمع الدولي إلى «معالجة أسباب وجذور التوتر والنزاع عبر الحوار والدبلوماسية والحلول السياسية».

وحثت الوزارة المجتمع الدولي أيضا على «التركيز على جهود وقف إطلاق النار في غزة والاحتكام للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة للتوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية من أجل استعادة الأمن والاستقرار والسلام الشامل للمنطقة بأسرها».

وفي أبوظبي، عبرت الإمارات عن قلقها البالغ من استمرار التوتر في المنطقة، ودعت إلى «عدم اتخاذ خطوات تفاقم التصعيد فيها وممارسة أقصى درجات ضبط النفس "لتجنب التداعيات الخطيرة وانجراف المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار».

وشددت الخارجية الإماراتية على ضرورة «إيجاد معالجة جذرية للصراعات والأزمات القائمة في المنطقة وخفض التوترات فيها، وحل الخلافات بالحوار وعبر القنوات الدبلوماسية، والتمسك بسيادة القانون واحترام ميثاق الأمم المتحدة». كما جددت الإمارات مطالبتها للأمم المتحدة ومجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياتهما "بتعزيز الأمن والسلم الدوليين عبر حل القضايا والصراعات المزمنة في المنطقة والتي باتت تهدد الأمن والاستقرار العالميين".

من جانبها، طالبت مصر كلا من إسرائيل وإيران بممارسة أقصى درجات ضبط النفس في ظل قلقها البالغ من استمرار التصعيد المتبادل بينهما، محذرة من عواقب اتساع رقعة الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة وآثار ذلك الخطيرة على أمن وسلامة شعوبها. وأكدت الخارجية المصرية على أن القاهرة ستستمر في تكثيف اتصالاتها مع جميع الأطراف المعنية والمؤثرة من أجل احتواء التوتر والتصعيد الجاري.

وفي الأردن، أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي على أن التصعيد الإقليمي «خطر يجب منعه»، معبرا عن إدانة المملكة لكل الأعمال التي تدفع نحو حرب إقليمية.

وقال الصفدي «يجب وقف التصعيد الإسرائيلي الإيراني، ويحب أن تبقى الجهود والتركيز على إنهاء العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة. هذه هي الأولوية الآن، ولا يجب السماح بدفع انتباه العالم بعيدا عن هذا العدوان وجهود وقفه فوريا».

أما العراق فقد عبرت عن «قلقها الشديد» إزاء هجوم استهدف مدينة أصفهان في وسط إيران، محذرة من «مخاطر التصعيد العسكري». ونقلت الوكالة عن وزارة الخارجية القول «هذا التصعيد يجب ألا يصرف الانتباه عما يجري في قطاع غزة من دمار وإزهاق للأرواح البريئة».

دعوات دولية لتجنب التصعيد

وعلى الصعيد الدولي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير اليوم الجمعة إن البيت الأبيض ليس لديه «تعليق» على التقارير عن هجمات إسرائيلية في إيران ليل الخميس.

وحث الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل «الأطراف الفاعلةعبرت في الشرق الأوسط على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس. وأضاف بوريل عقب اختتام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في إيطاليا "يجب علينا إيقاف الحرب في غزة وتجنب امتدادها إلى باقي المنطقة".

ودعا وزراء خارجية مجموعة السبع في بيان عقب الاجتماع جميع الأطراف إلى العمل على الحيلولة دون مزيد من التصعيد، مؤكدين على أن المجموعة ستواصل العمل على تحقيق هذا الهدف. وأضاف الوزراء «ندعو كافة الأطراف، في المنطقة وخارجها، إلى تقديم مساهماتها الإيجابية في هذا الجهد الجماعي».

وفي الأمم المتحدة، عبر الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن إدانته لأي عمل انتقامي، وناشد المجتمع الدولي العمل على الحيلولة دون أي تطور يفضي إلى عواقب مدمرة. وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان إن غوتيريش أكد على أن «الوقت قد حان لوقف دوامة الانتقام الخطيرة في الشرق الأوسط».

اقرأ المزيد:

حصيلة جديدة لضحايا الطقس في دبي

بلدان خليجية ترد على فشل منح فلسطين «عضويه الأمم المتحدة»

شاهد.. أول دليل يثبت الهجوم الإسرائيلي على إيران

أهم الأخبار