من أجل كويت بلا فساد.. إيقاظ الضمير قبل تغليظ العقوبة

من أجل كويت بلا فساد.. إيقاظ الضمير قبل تغليظ العقوبة
د.يوسف العميري

إن ما يسعى إليه الإنسان الواقعي هو أن يعيش في وطن بلا فساد يحظى فيه الجميع بفرص متساوية، ولهذا فإن تعديل «قانون الجزاء» وتغليظ عقوبة الفساد أمر لا مفر منه، لحماية الكويت من الداخل.. .فالمثل يقول احذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة.. .فليس كل الشر مصدره أعداء الخارج.

ولقد تابعت باهتمام موافقة مجلس الأمة بالإجماع، على المداولة الأولى لتقرير اللجنة التشريعية، في شأن مشروع تعديل القانون 31/1970، المعدل لبعض أحكام قانون الجزاء، حسب ما تابعنا جميعا.

حيث يركز التعديل المطروح على تحديد نطاق المسؤولية على الشخصية الاعتبارية في جرائم الفساد، وذلك بمعاقبة الشخص الاعتباري الخاص بضعفي الغرامة المقررة لأي جريمة من جرائم الفساد، إذا ارتكبت الجريمة باسمه أو لحسابه.

وهنا أذكر تقرير منظمة الشفافية العالمية، الصادر في يناير 2022، وفيه تأتي الكويت في المركز الخامس والسبعين في ترتيب الدول الأكثر فسادا في العالم متراجعة نحو 20 مركزا عن العام الذي سبقه، فيما تقدر الجمعية الاقتصادية الكويتية كلفة الفساد بنحو مليار ومئتي مليون دينار سنويا.

ولهذا، أسست الدولة هيئة «نزاهة» في العام 2016 بهدف إرساء مبدأ الشفافية والنزاهة في المعاملات الاقتصادية والإدارية بما يكفل تحقيق الإدارة الرشيدة لأموال وموارد وممتلكات الدولة والاستخدام الأمثل لها.

أيضا، فإن إطلاق استراتيجية الكويت لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد (2019-2024) شكل نقلة نوعية لرسم خارطة طريق توجيهية متكاملة تنظم جهود الدولة في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وذلك من خلال وضع الجهود الوطنية ضمن خطة متكاملة تشمل التشريعات والسياسات والإجراءات التنفيذية اللازمة مع مختلف مؤسسات الدولة.

كما أن الحكومة اتخذت خطوات في مجال تعزيز مكافحة الفساد، مثلما هو الحال في قانون حق الاطلاع وكشف الذمة المالية وتعارض المصالح.

وكل ما ذكرته سلفا يتمحور حول قوانين وتشريعات، غير أن العنصر الأبرز الذي يجب أن ننميه هو الضمير، فالفساد عمل بشري بحت، لا تكفي القوانين المغلظة وحدها لإيقافه.. .فالقوانين التي تقضي بالإعدام مثلا تحد من ارتكاب الجرائم التي تستوجب الإعدام، لكنها قطعا لا تمنع وقوعها مئة بالمئة.

وعلى سبيل المثال، فإن المحسوبية أو الواسطة هي الظاهر الأبرز من بين ظواهر الفساد في مجتمعنا فبحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، فإن الكويتيين هم «أكثر مَن ذكر الواسطة بين شعوب الخليج كشرط مسبق للحصول على وظيفة»، فيما احتلوا المرتبة الثالثة في هذا المجال بين شعوب الشرق الأوسط ككل.

وكذلك تأتي «الممارسات الاحتيالية» لتحتل مكانة بارز ضمن منظومة الفساد، ومثال على ذلك تزوير مسؤولين وأكاديميين شهادات الدراسات العليا من أجل الترقي.

أضف إلى ذلك ادّعاء بعض الأمور التي تستوجب تعويضات حكومية مثل المرض، ما كلف خزانة الدولة نحو 3.5 مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 فقط على معالجة مواطنيها في الخارج، ليتبيّن في العديد من هذه الحالات أنهم ادّعوا المرض للذهاب في رحلات سياحية، حسب تقرير مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط.

وتطول قائمة مظاهر الفساد الضالع فيها مواطنون ومسؤولون، وهو ما يعني أن مواجهة الفساد تستلزم أكثر من إصدار القوانين والتشريعات - رغم أهمية ذلك.

لهذا كله، أحلم بيوم نرى فيه الضمير هو «القاضي الأول» الذي يحتكم إليه كل منا قبل أن يقترف جرما في حق الكويت، فالفساد مهما كان بسيطا وقليلا في وجهة نظرك، إنما هو جزء من منظومة كبيرة تؤثر في الوطن والمواطن.. .

حفظ الله الكويت وشعب الكويت.. .وألهمنا السبيل نحو مجتمع خال من الفساد.

أهم الأخبار