ريح البحر الأحمر تعصف بـ«سفينة السلام» اليمينة

ريح البحر الأحمر تعصف بـ«سفينة السلام» اليمينة
الحوثيون
القاهرة: «خليجيون»

استبعد محللون استكمال مباحثات السلام بشأن اليمن، جراء زخم الاشتباك العسكري والسياسي الناتج عن الهجمات الحوثية على السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، ردًا على العدوان الغاشم على قطاع غزة الفلسطين.

وأدت الأحداث الأخيرة في منطقة البحر الأحمر إلى تعطل سفينة السلام اليمنية والتي كانت في طريقها لإنهاء نزاع داخل دام 10 سنوات، لاسيما بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من خواتيم مفاوضات دامت أشهراً بين السعودية الراعية للحكومة اليمنية من جهة، والحوثيين من جهة آخرى.

وبات مصير عملية السلام «في مهبّ الريح» في ظلّ هجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر، حسبما قال ما يقول فارع المسلمي الباحث اليمني غير المقيم في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني لوكالة فرانس برس.

وقبل معارك البحر الأحمر، كان طرفا النزاع اليمني يستعدّان للدخول في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة كجزء من خريطة طريق لإنهاء الحرب التي اندلعت عام 2014، مع سيطرة الحوثيين على مناطق شاسعة في شمال البلاد أبرزها العاصمة صنعاء، حيث تدخّلت السعودية العام 2015 على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة اليمنية، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى.

لا فرصة حالية لخيار السلام

واستبعد الباحث ماجد المذحجي، وهو أحد مؤسسي «مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وجود فرصة حالية لخيار السلام لتعود على طاولة النقاش نظرا لتداعيات المعارك الدائرة في البحر الأحمر، مضيفا نتحدث عن انتقال الاشتباك من الأطراف المحلية في الصراع اليمني وتحديدًا جماعة الحوثيين إلى اشتباك مع أطراف دولية».

وجاء التصعيد الحوثي بعد فترة هدوء نسبي داخليًا منذ إعلان هدنة في أبريل 222، رغم انتهاء مفاعيلها في أكتوبر من العام نفسه. كما أن هجمات البحر الأحمر دفعت القوات الأميركية والبريطانية لأول مرة للدخول في مواجهة مباشرة مع الحوثيين، حيث قصفت ثلاث مرات منذ الشهر الماضي، مواقع تابعة لهم.

تأتي هذه الضربات ردًا على هجمات ينفّذها الحوثيون منذ أكثر من شهرين، على سفن في البحر الأحمر وبحر العرب ردًا على العدوان الإسرائيلي في غزة.

المجتمع الدولي يخشى مكافأة الحوثيين

ورجح كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة «نافانتي» الاستشارية الأميركية محمد الباشا أن «يدعم المجتمع الدولي خطة السلام في اليمن بسبب مخاوف من أن تشكل نوعًا من مكافأة للحوثيين على هجماتهم في البحر الأحمر».

ويرى أن تلك الدول تسعى إلى معاقبة الحوثيين مع إدراج الولايات المتحدة المتمردين اليمنيين على لائحتها «للكيانات الإرهابية»، وفرضها ولندن عقوبات على مسؤولين في صفوفهم، بدون أن يفضيَ ذلك إلى تغيير في سلوك الحوثيين.

ويوضح مدير قسم شؤون شبه الجزيرة العربية في معهد الشرق الأوسط جيرالد فايرستاين الذي كان سفيرًا أميركيًا سابقًا في اليمن، خلال لقاء عبر الانترنت نظّمه المعهد، أن «إضافةً إلى رغبتها في عدم التصعيد، فهي تتعرض أيضًا لضغوط كبرى كي لا تفعل أي شيء من شأنه أن يقوض مفاوضات» السلام مشيرًا إلى أن ذلك «يأتي خصوصا من السعوديين والأمم المتحدة».

ابعد عن الشرّ وغنّي له

ولم تعلن المملكة الانضمام إلى تحالف بحري دولي شكّلته واشنطن، شريكتها الأمنية الرئيسية، لحماية حرية الملاحة في البحر الأحمر. وإثر الضربات الغربية الأولى على الحوثيين، دعت إلى «ضبط النفس« وشددت في الوقت نفسه على «أهمية الاستقرار» في منطقة البحر الأحمر.

ويرى المسلمي أن الرياض «ستشاهد من بعيد لأي درجة ستذهب واشنطن، لكنّها لن تخوض أي معركة مع الحوثيين إلا في حال استهدفوا أراضيها وهذا لا يبدو أنه على قائمة الحوثيين الآن»، منتهجةً سياسة «ابعد عن الشرّ وغنّي له». ويضيف أن «السعودية هي في لحظة إقليمية ودولية تعمل لنفسها +إعادة تصدير+ بصفتها مصدرًا للحلول وليس طرفًا في أي مشكلة».

وأقرّ نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين حسين العزي في مؤتمر صحافي في الخامس من فبراير، بوجود «عوائق» في الطريق نحو السلام متّهمًا «أميركا وبريطانيا وبعض الذين تأثروا بهم من الأطراف اليمنية« (أي الحكومة) بافتعالها. لكنّه أكد أن «لدى الرياض وصنعاء الشجاعة لتجاوز هذه الصعاب».

ويلفت المسلمي إلى أن «الحكومة هي بالمعنى السياسي والدولي في لحظة قوية من ناحية الانطباع الدولي عنها«، لكنّه شكّك في إمكانية «أن ينعكس ذلك على الميدان».

التزامات دولية

وإذ يشير المسلمي إلى أن «السلام في اليمن يتطلب التزامات دولية وإقليمية مختلفة عن تلك الموجودة الآن«، يحذّر من أن «الطريق إلى الحرب كان قد أُغلق» قبل التصعيد الأخير «أما الآن فالباب نحو الجحيم فُتح مجدّدًا على مصراعيه».

وميدانيا تواصل قوات الحوثي هجماتها في البحر الأحمر، إذ أعلنت اليوم إطلاق صاروخ على سفينة «ستار أيرس» الأميركية بعدد من الصواريخ البحرية.

في نوفمبر الماضي، شن الحوثيون هجمات بالبحر الأحمر تستهدف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالاحتلال أو المتوجهة إلى الأراضي المحتلة، «دعمًا للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة»، الأمر الذي دفع أميركا إلى تشكيل تحالف من عدة دول في 18 ديسمبر الجاري، لردع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

اقرأ المزيد

الحوثيون: لا نستهدف سوى السفن المرتبطة بإسرائيل

الحوثيون في مسقط.. اتفاق وقف النار يبحث عن «خارطة طريق»

أهم الأخبار