علي جمعة.. هدير الإفتاء

علي جمعة.. هدير الإفتاء
الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق
دبوس يكتبه: محمود غريب

وددتُ لو كنتُ حاضرًا أحد مجالس الإفتاء التي يعقدها مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة، لأطرح على فضيلته سؤالاً واحدًا: ماذا استفدنا من «هدير الفتاوى» التي «تنفخ الكير» على مواقع التواصل الاجتماعي؟

بغض النظر عن مضمون فتاويه التي لستُ مؤهلاً لمعارضتها أو نقدها، فبتأكيد يمتلك فضيلة المفتي من العلم ما يؤهله لتحمُّل مسؤولية ما يقول أمام العوام، ولكن الأمر المعني بتوضحيه الآن، لماذا تخصيص برنامج كامل لإلقاء الحجارة في مياه راكدة، على مستوى التوقيت والأهمية معًا، هل الواقع المعيشي الحالي مؤهل لاستقبال أو الاهتمام بفتاوى جدلية لا طائل من ورائها؟ أليس الخوض في معايش الناس أهم وأجدى من ثقب «بلالين في الهواء»؟

دبوس آخر: انتحار.. وائل غنيم

ليس لأن البشرية مع اختلاف دياناتهم ومذاهبهم تعيش واقعًا لا أوصاف سلبية تكفيه، ولكن بأقله كرمًا أن يجود المتكلمون على مسامع البشرية بالصمت، ذلك الصمت المُجدي في كثيرٍ من الأحيان، الذي يُبقي أوجاعنا ساكنة.

يا فضيلة المفتي، كان محبَّذا لو استبدلت هديركَ المثير بقُصصات تعكس تحمُّل البلاء، والعون على صروف الدهر، كان محبَّذًا لو جاءت إطلالة فضيلتك مُزيّنة بمفاتيح الصبر الجميل ولمحات التفاؤل الكريم.

دبوس آخر: غوتيريش في «مدرسة المشاغبين»

كان المتكلمون في قديم الزمن ينفخون في مجالسهم أطنانًا من الأكياس المُعبَّأة بالهواء، لكنّهم رحلوا وثُقبِتْ أكياسهم مع مرور الوقت، ولم يتبقى من إرثهم غير صفحات في متون الكتب، تُدرَّس لطلبة العلوم الإنسانية، يُقال لهم: انظروا قديمًا كان الشجار الكلامي على أوْجِّه، يختلفون على كل شيء، ويتبارون في ساحة الكلمة.

ليس لأحد الحق في التفتيش على النوايا، ولكن أليس مستغربًا أن تتجه بوصلة «التريند» كليَّةً إلى أصوات هديرك الصاخب يوميًا، هل مصادفة أن يستهلك الشباب طاقاتهم في مجارة الفتاوى على مواقع التواصل الاجتماعي، بدلاً من الاهتمام بقضايا مصيرية في تاريخ الإنسانية حاليًا؟

دبوس آخر: سلامة قلبك يا بايدن

ما الخطاب الديني المراد تجديده؟ هل التراث.. أم الثوابت.. أم إحياء الجدليات؟ ربما ذلك ما أثار «غيظ» شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عندما خاطبهم ذات مرة أن يهتموا بشيء آخر ويتركوا التراث الإسلامي لأمره، وقتها كان يعلم أن مفهوم التجديد ينسحب إلى زاوية مغايرة لطبيعة تقوية الهوية الإسلامية.

أدرك جيدًا أنَّ «نور الدين» ينبت في القلب ويُثمر محبة بين الناس، كما أعلم أن الدين عبادات ومعاملات، وأن الجدليات بضاعة لا تفنى، وإلغاء النار أو عدمه، من الطرقات المفتوحة على مجهول، وأن الثوابت قابلة للكسر، وجميع ما سبق «ممنوع من الصرف» في «بنك الحياة» عام 2024.

أهم الأخبار