هل تتكيف الحيوانات مع التغيرات المناخية.. وكيف؟

هل تتكيف الحيوانات مع التغيرات المناخية.. وكيف؟

أكدت الدراسات، أن التكيّف هو مفتاح البقاء، هكذا تعلمنا من تاريخ الأرض. لقد استطاعت هذه الحيوانات التكيف مع الظروف المتغيرة حولها بعدة استراتيجيات تكيفية، من ضمنها 3 استراتيجيات رئيسية، وهي:

تغيّر شكلها

وجدت مجموعة بحثية بقيادة الدكتورة «سارة رايدينغ» أنّ الحيوانات ذوات الدم الحار، لديها القدرة على تغيير بعض الصفات الظاهرية لشكلها، ومن أمثلة ذلك أن تصبح مناقير وأرجل وآذان بعضها أكبر قليلًا في الحجم، ما يساعدها في تنظيم درجات حرارة أجسامها والتأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة. ومن أبرز الأمثلة على الطيور التي غيرت شكل منقارها، هو الببغاء الأسترالي، الذي زاد طوله بنسبة تتراوح ما بين 4 إلى 10% منذ عام 1871، وهذا يتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في موطنه كل صيف. من جانب آخر، ازداد طول الذيل لدى فئران الخشب. ونُشرت المراجعة في دورية «تريندز إن إيكولوجي آند إيفالواشن» (Trends in Ecology & Evaluation) في سبتمبر للعام 2021.

السلوك

يتضح ذلك في تغير أنماط الهجرة وأنواع الطعام التي تعتمد عليها الحيوانات، في محاولة للتكيف مع الوضع الحالي للبيئة من حولهم. ببساطة يبحث الحيوان عن أنسب الطرائق للتصرف والتفاعل مع بيئته، والتكيف السلوكي موجودا منذ قديم الأزل، مثل هروب بعض الفئران في جحورها، لحماية أنفسهم من الحيوانات المفترسة بدلًا من التعرض لهم، هذا نوع من التكيف السلوكي، أو تغيير أوقات الهجرة للطيور أو بقاء بعض الحيوانات في مرحلة السبات الشتوي لفترة أطول من المعتاد، ما يؤثر على دورة التكاثر، وما إلى ذلك من أمثلة تعبر عن تغيرات ملحوظة وملموسة في سلوك الكائنات الحية.

التكيفات الهيكلية

وتشمل هذه التكيفات تغيرات في بعض السمات الخارجية المرتبطة بهيكل الكائن الحي، مثل أن تصبح الطيور أسرع في الطيران أو تطور قدرتها على الطيران لمسافات أبعد، وكذلك الأسماك البحرية مثل القرش الذي صار يتحرك بسرعة أكبر لمسافات أبعد، بحثًا عن الغذاء.

حالات تكيّفت

يساعد التكيف هذه الحيوانات في مواجهة الظروف المناخية والبيئية القاسية من حولها، والبقاء على قيد الحياة، والحفاظ على النسل والنوع. وهناك العديد من الأنواع التي يمكنها مواجهة الظروف القاسية، والتأقلم معها، من ضمنها: اللامة والبوسوم والفيلة والفئران. وكائنات أخرى اتبعت أنماطًا مختلفة، على سبيل المثال:

السلمون

اتبعت أسماك السلمون أنماطًا جديدة للهجرة، فقد وجد الباحثون بعد تجميع بيانات جينية لها بين عامي 1983 إلى 2011، أنها صارت تهاجر في وقت أبكر من موعد هجرتها الأصلي، واستخدموا البيانات الجينية، لأنّ هجرة السلمون سلوك طبيعي موجود في جيناتها، ومنه وجدوا هذه التغيرات في نمط الهجرة، واتضح أنّ قرارها للهجرة مبكرًا كان أفضل، تجنبًا للعيش لفترة أطول في ظروف المياه الدافئة التي قد لا تستطيع التكيف معها، فتهرب نحو المياه المناسبة، ونُشرت الدراسة في دورية «ذا رويال سوسايتي» (The Royal Society) في يوليو 2012.

البوم الأسمر

يعيش البوم الأسمر في الغابات المعتدلة في أوروبا، وهناك لونان أساسيان يميزان ريشه، وهما: البني العادي والبني الباهت، وتنتج هذه الألوان عن صبغة اسمها «فيوميلانين»، وتتحكم فيها بعض العوامل الجينية، ويُعد اللون البني العادي هو الصفة السائدة. لكن على الرغم من ذلك، إلا أنّ اللون البني الباهت يساعدها في الاختفاء عن أعين الحيوانات المفترسة في الشتاء القارس، لكن مع مناخ أكثر اعتدالًا في الشتاء، صار اللون البني العادي هو الأكثر انتشارًا بين هذه الطيور، ما جعلها أكثر تكيفًا مع الغابات المحيطة.

القرقف الكبير

تتغذى طيور القرقف الكبير على اليسروع (وهي إحدى مراحل يرقات الفراشات)، وبسبب التغيرات البيئية الحاصلة، مع قدوم الربيع في وقت أبكر عن الماضي، صار بيض القرقف الكبير يفقس مبكرًا، حتى يجد غذاءً لصغاره، بحسب دراسة منشورة في دورية «ساينس» (Science) في أكتوبر 2005. ودرس فيها الباحثون بيانات جينية لـ 833 طائرا على مدار 32 عامًا، ولاحظوا أنّ هذه الطيور قد تكيفت جيناتها بشكل ما، بحيث يمكن لبيضها أن يفقس مع اقتراب وصول غذائها المفضل.

هذه أمثلة لكائنات استطاعت ضبط طريقة عيشها مع الظروف المتغيرة حولها، لكن هذا لا يعني أنّ كل الكائنات الحية يمكنها التأقلم مع تلك التغيرات. خاصة إذا لم يتخذ الإنسان الإجراءات الكافية للتعامل مع هذه الأزمة، إذ تُشير دراسة إلى أنه إذا ارتفعت درجات الحرارة إلى 4.5 درجة مئوية عن عصر ما قبل الصناعة، فقد يتسبب هذا في انقراض نصف الأنواع، ونُشرت الدراسة منشورة في دورية «كلايماتيك تشانج» (Climatic Change) في مارس للعام 2018.

أهم الأخبار