خليجيون| ما دلالات زيارة أردوغان إلى العراق؟

خليجيون| ما دلالات زيارة أردوغان إلى العراق؟
زيارة تاريخية لأردوغان ( الإنترنت)
«القاهرة»: نصر عبد المنعم

على أنقاض خلافات حادة وتوترات سابقة واتهامات بانتهاك السيادة الوطنية، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد اليوم الاثنين، في أول زيارة رسمية له منذ أكثر من عقد مطويا خلافات الماضي وبداية صفحة جديدة، لعلها تنزع فتيل ملفات ملغمة وأزمات شائكة.

وفق البيانات المعلنة سيوقع أردوغان سلسلة اتفاقيات ومذكرات تفاهم ويجري مباحثات حول قضايا عدة أبرزها تقاسم الحصص المائية والصادرات النفطية والأمن الإقليمي.

وبدأت جبال الثلج في الذويان بين البلدين مع تقديم تركيا طلبا لبغداد بالمشاركة في عملية عسكرية موسعة داخل الأراضي العراقية تعتزم إطلاقها هذا الربيع لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، والذي تصنفه جماعة إرهابية، فيما رآه مراقبون اختبارًا جديدًا لموازين مثلث بغداد - أنقرة - طهران.

وإضافة لزيارته بغداد حيث من المقرر أن يلتقي أيضاً بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، سيزور الرئيس التركي أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.

«حماية الحدود»

من جهته قال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين لوكالة فرانس برس إن «المباحثات ستتمحور حول الاستثمارات والتجارة والملفات الأمنية في التعاون بين البلدين، فضلاً عن إدارة الموارد المائية»، متوقعاً توقيع مذكرات تفاهم عدة خلال الزيارة.

كما أكد أن «الملف الأمني سيكون له وجود مميز خلال هذه الزيارة»، متحدثاً عن نوع من التعاون بخصوص «حماية الحدود بين العراق وتركيا لمنع أي هجوم أو تسلل لجماعات مسلحة عبر الحدود من الجانبين».

كذلك لفت إلى أن هذا الموضوع «سيُناقش، لكن العمل على التفاصيل الدقيقة والإعلان عنها سيأتي لاحقاً».

زيارة استئناثية لحسم ملفات صعبة

مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي فيصل، يرى أن الزيارة تاريخية وفي توقيت دقيق لد دلالة كبيرة تعبر عن رغبة تركيا في إعادة هيكلة علاقاتها في المنطقة.

وأضاف الخبير السياسي العراقي في تصريحات لـ «خليجيون» أن العراق يعول كثيرا على هذه الزيارة في حسم ملفات عالقة، لافتا أن هدف الزيارةهو تطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

وحصر غازي الملفات الأكثر سخونة في زيارة أردوغان في الملف الأمني وضرورة تدخل تركيا لحل أزمة الجفاف في العراق وحصوله على نصيبه العادل من المياه وتفعيل اتفاق «النفط مقابل المياه»، بينما تأتي أزمة التهديدات الأمنية التي تنطلق من مناطق تركيا تجاه الشمال العراقي.

ويضيف المحلل السياسي العراقي «تركيا دولة جوار ذات أهمية استثنائية في الموارد المائية بجانب الملف لأمني ومواجهة منظمة حزب العمال التركية الإرهابية في شمال العارق وتهدد الأمن القومي العراقي وبالتالي يجب الوصول لصيغة لطرد هذه المنظمة من الأراضي العراقية وحماية الأمن التركي».

قفزة نوعية

بدوره أعرب السفير العراقي في أنقرة ماجد اللجماوي عن أمله في «إحراز تقدم في ملفي المياه والطاقة، وكذلك عملية استئناف تصدير النفط العراقي عبر تركيا»، حسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.

زيارة تاريخية والعقدة الأكبر

بينما وصف سبهان الملا جياد، مستشار رئيس الوزراء العراقي، الزيارة بأنها «تاريخية بالنسبة للبلدين»، وتوقع أن ينتج عنها «مسار جديد في العلاقة بين العراق وتركيا على جميع الأصعدة».

وأضاف في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي «هناك ملفات مهمة مع الجانب التركي تخص مستقبل العراق مثل الملف الأمني، وهو العقدة الأكبر»، وقال إن العراق ينتظر هذه الزيارة منذ سنة.

تطورات أجلت الزيارة

وكان مقررا أن يزور الرئيس التركي العراق العام الماضي، إلا أن الزيارة تأجلت بسبب التطورات الأمنية على الحدود بين البلدين وقرار محكمة فرنسية في مارس آذار 2023 فرض غرامة قدرها 1.4 مليار دولار على أنقرة لصالح العراق لمخالفتها بنود اتفاقية تصدير النفط عبر الأراضي التركية الموقعة بين البلدين عام 1973.

أزمة نفط كردستان

وكانت الحكومة العراقية الاتحادية قد تقدمت بشكوى طالبت فيها بتعويض عن الأضرار التي أصابت الاقتصاد العراقي نتيجة تصدير نفط إقليم كردستان عبر الأراضي التركية دون موافقة بغداد.

وقال الملا جياد «خلال الفترة الماضية كانت لجان مشتركة وأخرى من جانبنا تعمل على إعداد مسودات اتفاقات بين البلدين تتعلق بجميع القضايا المشتركة».

وأضاف «تم إعداد مسودة اتفاقية أمنية على غرار الاتفاق الأمني مع إيران بمشاركة الإقليم (كردستان)، والذي يشمل نزع أسلحة عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة وإبعادها عن الحدود.

ويؤكد خبراء أمنيون أن حزب العمال ليس لديه مقرات أو معسكرات على الأرض، بل ينتشر في مخابئ وملاذات تمتد إلى سلسلة الشريط الحدودي مع إيران، ويتمركز في هذه المناطق منذ عام 1984، وهي مناطق نائية لا تقطعها السيارات بل يكون التحرك فيها سيرا على الأقدام ما يصعّب السُيطرة عليها.

ملفات ضاغطة

قال الملا جياد إن الأمن المائي هو أحد الملفات «الضاغطة على العراق»، مضيفا «حتى الآن لا توجد اتفاقية مائية مع تركيا، وما بيننا مجرد مذكرات تفاهم وبروتوكولات لا ترقى إلى مستوى اتفاقية»، لكنه أكد أن هناك لجانا تعمل على إتمام مشروع اتفاقية.

اتفاقية استراتيجية

وختم تصريحاته قائلا «هناك أحاديث عن اتفاقية استراتيجية تشبه إلى حد ما الاتفاق الاستراتيجي مع أميركا، تتضمن الأمن والاقتصاد والطاقة والتعليم وجوانب أخرى».

وفي منتصف مارس الماضي، طالبت تركيا العراق خلال اجتماع وزيري الخارجية والدفاع بنظيريهما العراقيين المشاركة في عملية عسكرية موسعة داخل الأراضي العراقية تعتزم إطلاقها هذا الربيع لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني وتستمر حتى الصيف، وبعمق قد يتجاوز 40 كيلومترا.

اقرأ أيضا مستشار أوباما السابق متورط بجرائم جنسية ضد أطفال

3 أهداف تتصدر زيارة الرئيس الإيراني لباكستان

أهم الأخبار