«خليجيون»| ما سر احتفاء الأزهر الشريف برئيس إندونيسيا الأسبق؟

«خليجيون»| ما سر احتفاء الأزهر الشريف برئيس إندونيسيا الأسبق؟
احتفالية الأزهر بالرئيس الإندونيسي الأسبق
القاهرة: «خليجيون»

احتفت مؤسسة الأزهر الشريف في مصر بالرئيس الإندونيسي الأسبق عبد الرحمن واحد، وهو أول رئيس منتخب بطريقة حرة والرئيس الرابع لإندونيسيا، عُرف بتوجهاته المعتدلة والإصلاحية، وتعاطفه مع الأقليات خاصة المسيحية والصينية، وتزعم جمعية "نهضة العلماء" أكبر حركة دينية إسلامية في العالم.

وخلال السنوات الماضية برز اسم عبد الرحمن واحد داخل أروقة الأزهر الشريف، وزار عالم من جامعة الأزهر إندونيسيا للالتقاء بأسرة الراحل، فما سر اهتمام الأزهر بواحد؟

أربع سنوات في أروقة الأزهر

السبب الرئيس يكمن في السنوات الأربعة التي قضاها عبد الرحمن واحد داخل أروقة جامعة الأزهر، عندما سافر إلى الجامع الأزهر بالقاهرة ليكمل تعليمه، عقب إتمام دراسته الأولى في إندونيسيا.

واحد الذي ولد في جزيرة جاوا سنة 1941 لأسرة عرفت بالتدين والمحافظة على التقاليد الإسلامية، كان قبل توليه الرئاسة من الشخصيات الدينية والاجتماعية البارزة في إندونيسيا ونال احترام الملايين من الإندونيسيين.

قاد عبد الرحمن واحد حركة «نهضة العلماء» أكبر تيار إسلامي في إندونيسيا، إذ يبلغ عدد المسجلين في عضويتها وفق التقديرات الرسمية ثلاثين مليون شخص.

تخليد ذكرى رئيس إندونيسيا الأسبق في الأزهر

اليوم الأحد، أقامت جامعة الأزهر احتفالية لتخليد ذكرى الراحل الذي توفي في 30 ديسمبر 2009، حيث تعد الاحتفالية الأكبر من نوعها، والتي تقام لرئيس إندونيسيا الأسبق، وأحد الذين نهموا من أروقة الأزهر الشريف وعلومه، بمشاركة كبار رجال الأزهر ومستشار رئيس الجمهورية الدكتور أسامة الأزهري.

وخلال الاحتفالية، أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن العلاقات العلميَّة بين مصر وإندونيسيا ممتدة عبر التاريخ، وأن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وجميع القيادات يعتزون بأبناء إندونيسيا من الدارسين في مصر، نظرًا لدماثة خلقهم وتقديرهم للعلم والعلماء.

احتفالية الأزهر بالرئيس الإندونيسي الأسبق
احتفالية الأزهر بالرئيس الإندونيسي الأسبق

وقال داود، خلال احتفالية جمعية نهضة العلماء بإندونيسيا بالذكرى السنوية للرئيس الراحل عبد الرحمن واحد تحت شعار «الإنسانية والسلام»، إن الفقيد الراحل كان علامة بارزة في توطيد العلاقات بين مصر وإندونيسيا، فعندما يذكر التعليم المصري الإندونيسي يحضر اسمه كأحد الخريجين الذين درسوا في الأزهر الشريف، وتجولوا في أروقة الأزهر الشريف، وشوارع مصر.

وقال إن الاحتفال بذكراه يتزامن مع ذكرى الاحتفال بتأسيس جمعية نهضة العلماء التي أسسها جده الشيخ هاشم أشعري في يناير 1926م، مؤكدًا أن للراحل عبد الرحمن واحد ولجمعية نهضة العلماء مكانة كبيرة في مصر والأزهر الشريف، حيث إن الكثير من المؤلفات العلمية تحدثت عنهما، منها: كتاب الموجز اللطيف في علاقة إندونيسيا بالأزهر الشريف للدكتور حسام شاكر، ورسالة علمية في كلية أصول الدين للدكتور توفيق البيضاوي عنوانها: «جمعية نهضة العلماء ودورها في الدعوة الإسلامية بإندونيسيا».

أول كتاب باللغة العربية عن أسرة رئيس إندونيسيا الأسبق

والعام الماضي صدر للكاتب المصري مصطفى زهران أول كتاب باللغة العربية، يتناول مسيرة السيدة «يني عبد الرحمن واحد» الإصلاحية الإندونيسية، التي تمثل أبرز الوجوه النسوية خلال المرحلة الراهنة في جمعية «نهضة العلماء» الإسلامية، وهي ابنة المفكر الراحل عبد الرحمن واحد.

وتناول زهران في كتابه مسيرة الأسرة الضالعة في العمل العام والإسلامي والاجتماعي والسياسي، وتأثيرها على المجتمع الإندونيسي، وهو ما لقي تفاعلا واسعًا في الأوساط الأكاديمية، ووزعته سفارة إندونيسيا على الوفود الرسمية.

مسيرة الإصلاحية الإندونيسية «ينى عبد الرحمن واحد»
مسيرة الإصلاحية الإندونيسية «ينى عبد الرحمن واحد»

«أبو التعددية» ونظرية «توطين الإسلام»

وقال زهران: «جاءت اللحظة لوضع الموروث الفكري للمفكر عبد الرحمن واحد والاهتمام به ووضعه تحت المهجر البحثي، نظرا لأفكاره التقديمة التي ربط خلالها بين الإسلام والحداثة في مجتمع من المسلمين ويعج بالكثير من الأقليات والإثنيات وهنا مكمن الأهمية».

وأضاف زهران في تصريحات خاص لـ«خليجيون» إن الراحل «حاول وبشكل أساسي إلى تأصيل ما أطلق عليه «توطين الإسلام»، وهو الإسلام الإندونيسي الذي يختلف عن نظرائه في الشرق الأوسط، من خلال الربط بين الإسلام والموروث بين الثقافات الأخرى في الجغرافية الآسيوسية وضعها بشكل توافقي لا بشكل فصلي، وإنما عمل على بناء لحمة وطنية يجتمع فيه الدين الإسلامي بأعراف تتماشى مع أساسيات هذا الدين، لذلك يُلَّقب بـ«أبو التعددية»، نظرًا لآرائه القيمة في هذا المجال، مشيرًا إلى أن الراحل عمل على «أنسنة الدين»، وحماية لبذور الجهل والتطرف والخرافة، لذلك فهو يحظى بقدر كبير من الاحترام من الأديان الأخرى.

للكاتب المصري مصطفى زهران
للكاتب المصري مصطفى زهران

وجمعية نهضة العلماء تمتلك دورًا بارزًا في نشر الإسلام وتوطيد العلاقات العلمية والاجتماعية، كونها من أكبر الجمعيات في إندونيسيا التي تنتشر خيراتها في داخل البلاد، ويكثر أعضاؤها خارجها، بحسب رئيس جامعة الأزهر.

وعقب الاحتفال استقبل الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، الدكتور أسامة الأزهري، واليسا قطر الندى واحد بنت الرئيس عبد الرحمن واحد.

وذكر الأزهري، خلال كلمته، أنه ارتبط بالرئيس عبد الرحمن واحد كثيرا وسعدت بلقائه وجالسه، مضيفًا: «تشرفت في إحدى زيارات إندونيسيا أن أزور أسرة الرئيس، بناته الكريمات وزوجته الكريمة، وكنت حريصًا أن أصغي لحرم الرئيس عبد الرحمن واحد، لأنها أقرب الناس التى تنقل لنا العبارات المفتاحية وخلاصة فكره وعلومه».

وأوضح أن الرئيس عبد الرحمن واحد ضمن عدد من رؤساء الدول والقضاة والكتاب وأصحاب المناصب الرفيعة ممن تخرجوا في الجامع الأزهر الشريف، وفيه دلالة أن التعليم الأزهري يخرج علماء أمناء على أوطانهم.

ابنة عبد الرحمن واحد بجامعة الأزهر
ابنة عبد الرحمن واحد بجامعة الأزهر

مستشار الرئيس المصري: جمعية نهضة العلماء شقيقةً للجامع الأزهر

وقال مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية إن الأزهر يَعتبر جمعية نهضة العلماء التي كان الرئيس عبد الرحمن واحد رئيسا وأمينا عليها شقيقةً للجامع الأزهر، لأنها مطابقة لمنهج الأزهر الشريف.

وفي وقت سابق اليوم الأحد، تسلَّمت الدكتورة سحر نصر، المدير التنفيذي لبيت الزكاة والصدقات، عقد شراء 5 سيارات إسعاف مجهزة من الدكتورة أليسة عبد الرحمن واحد مقدمة لأهالي قطاع غزة.

وأوضح «بيت الزكاة والصدقات»، في بيان، أن جمعية نهضة العلماء بإندونيسيا تقدمت بتبرع مادي لشراء 5 سيارات إسعاف مجهزة، لتكون ضمن القافلة الخامسة التي يعتزم بيت الزكاة والصدقات إيصالها لأهالي قطاع غزة في الأيام المقبلة.

اقرأ أيضًا: أكبر جمعية إسلامية في العالم تجذر وجودها بإندونيسيا

أهم الأخبار