عصابات الجريمة المنظمة ترعب بغداد: حملة أمنية في «بحر فساد»

عصابات الجريمة المنظمة ترعب بغداد: حملة أمنية في «بحر فساد»
الشرطة العراقية ( الإنترنت)
القاهرة: «خليجيون»

يتخوف سكان في أحياء بغداد القديمة من عودة عصابات الجريمة المنظمة على الرغم من من إطلاق وزارة الداخلية العراقية لحملة أمنية وصفتها بأنّها الأكبَر في منطقة البتاوين وسط العاصمة بغداد، وصل عدد المعتقلين في إطار الحملة إلى أكثر من 600 متّهم ينشطون ضمن عصابات الجريمة المنظمة.

وعلى الرغم من إعلان الوزارة نجاح الحملة واستمرارها، فإن بعض المراقبين يشكّكون في تطهير المنطقة بالكامل ويرون أنّ ما يصفونه بالفساد في المؤسسة الأمنيّة حال دون القضاء على بؤر العصابات هناك، وفق وكالة أنباء العالم العربي (AWP).

وتقول وزارة الداخلية العراقية، إنّ هذه الحملة الأمنية «حققت نجاحا كبيرا ولاقت ترحيبا شعبيا من قبل أهالي المنطقة وعموم أهالي العاصمة بغداد».

و«تختلف عن باقي الحملات، فهذه الحملة ستبقى مستمرة ومتواصلة بمراحل عدة، وسيكون هناك مقر سيطرة أشبه بقيادات عمليات مصغّرة لمتابعة ملف هذه المنطقة الأمني ومنع عودة أيّ من العصابات إليها».، وفق تأكيد الوزارة.

وأضافت «ربما تشهد أغلب المناطق المجاورة هكذا حملات أمنية نوعية، إذا ما كانت هناك عصابات للجريمة المنظمة بمختلف النشاطات.. .هناك عزم وإصرار على إنهاء وجود تلك العصابات في العاصمة».

ولم يستبعد متحدّث الداخلية العراقية أن تشمل هذه الحملات محافظات أخرى إذا لزم الأمر، وقال إنّ «هذه العملية وأيّ عمليّة بهذا الحجم والنوع ستكون مبنيّة على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والمعلومات الميدانية، إذ لا عودة لتلك العصابات بعد هذه الحملة التي ستستمر بمراحل أخرى».

الحملة الأكبر في تاريخ

وكانت وزارة الداخليّة العراقيّة قد وصفت تلك الحملة بأنّها «غير مسبوقة منذ (عام) 2003» وأشارت إلى أنها نُفّذت تحت إشراف مباشر من وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، بعد أن تحوّلت البتاوين إلى «بؤرة وملاذ آمن لمختلف أنواع الجريمة والخطر».

وأوضحت الوزارة أن الحملة، التي انطلقت فجر 25 أبريل نيسان الماضي، شارك فيها المئات من ضبّاطها ومنتسبيها بهدف إلقاء القبض على المطلوبين المخالفين وأيضا تقديم الخدمات وإزالة التجاوزات والمخالفات.

وإلى جانب إلقاء القبض على أكثر من 600 شخص، بينهم أجانب وأفراد ينتمون لعصابات الجريمة المنظمة، شرعت الحملة في فتح الشوارع وإزالة المخالفات وتنفيذ عمليّات استطلاع في المنطقة.

يقع حي البتاوين في قلب العاصمة العراقية على مقربة من مواقع سياحيّة وإداريّة وسياسيّة ذات حساسية، أبرزها المنطقة الخضراء وشارع السعدون وجسر الجمهورية وساحات كهرمانة والطيران والتحرير، التي شهدت انطلاق أكبر مظاهرات عراقيّة في العصر الحديث بداية أكتوبر تشرين الأول 2019.

ويعدّ هذا الحيّ من أحياء بغداد العتيقة، التي تضمّ فنادق قديمة ومطاعم سياحية. وكانت تسكن تلك الأحياء طوائف مختلفة على مرّ الزمن، أبرزها الطائفتان المسيحية واليهودية، قبل أن تبدأ بعض تلك الطوائف بالرحيل عنها تدريجيّا من خمسينيات وتسعينيات القرن الماضي حتّى عام 2003.

وأصبحت تلك الأحياء في وقت لاحق تضم مهاجرين عربا لا يملكون إقامات رسميّة وعراقيين هاربين من محافظات أخرى أو باحثين عن عمل. وبسبب هذا التنوّع، أصبحت مكانا لعصابات الجريمة المنظّمة.

مخاوف من عودة العصابات

وعلى الرغم من تأكيدات الوزارة باستمرار الحملة واحتمال امتدادها إلى مناطق ومحافظات أخرى، فإن الباحث في الشأن الأمني والسياسي مؤيد الجحيشي يخشى أن تكون هذه الحملة مؤقتة.

وقال الجحيشي في حديث للوكالة إن توقف الحملة «يعني أن تلك العصابات سوف تعود مجددا وتفرض سيطرتها على تلك المناطق.. .وهذا الأمر حصل مرات عديدة سابقا بعد عمليات أمنية في مناطق مختلفة، سواء في بغداد أو المحافظات».

أضاف «الكلّ يدعم الحملة الأمنيّة في مناطق وسط بغداد لإنهاء وجود عصابات الجريمة المنظّمة، التي تشكّل خطرا وتهديدا على السلم الأهلي والمجتمعي وتهدد استقرار الأمن في تلك المناطق وعموم مناطق بغداد».

وبحسب الباحث فإنّ بعض العصابات «تتمتّع بحماية من قبل جهات وشخصيّات نافذة، ولذا، فإنّ بعض تلك العصابات تم تنبيهها بالحملة الأمنيّة قبل انطلاقها حتى تهرب إلى مناطق أخرى».

وتابع «لذا، فإننا نقول إنّ عودة تلك العصابات مجدّدا أمر وارد ومتوقع، خاصّة في ظل وجود الفساد داخل المؤسسة الأمنيّة، فهناك تواطؤ ما بين العصابات وبعض العناصر الأمنية، وهذا الأمر لا يخفى على أحد».

وليست هذه المرة الأولى التي تعلن فيها الداخلية العراقية إطلاق حملة أمنية لتطهير منطقة البتاوين، فقد سبقتها حملات أخرى كانت قد أعلنت القوات الأمنية نجاح خططها خلالها، لكن سرعان ما كان الخارجون عن القانون يعودون لممارسة أنشطتهم.

جانب خدمي

وينتشر في حيّ البتاوين الكثير من البسطات، وهي طاولات بعضها صغير والآخر كبير يضعها الباعة في الشوارع وعلى الأرصفة لعرض بضائعهم عليها، ما يتسبب في إعاقة حركة المرور.

وقال محمد الربيعي، المتحدّث باسم أمانة العاصمة، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ هناك حملات لفرق الأمانة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية ومن خلال التعاون معها لإزالة التجاوزات في الشوارع، وخاصة الرئيسية والمهمّة.

وأوضح أنه جرى بالفعل رفع العديد من التجاوزات وإزالة المخالفات من منطقة الباب الشرقي ضمن حملة فكّ الاختناقات والاهتمام بمظهر الشارع، مشيرا إلى أنّ هناك فرق رصد ومتابعة من قبل أمانة بغداد لمنع عودة أي تجاوزات جرى رفعها من مناطق وسط العاصمة وغيرها.

أضاف «فرق أمانة العاصمة بغداد ستعمل بعد انتهاء الحملة الأمنيّة على تنظيم منطقة البتاوين وترتيبها بما يتناسب مع تراثها الحضاري بالنسبة إلى بغداد.وهذه الحملة سوف تنطلق قريبا، وسيكون هناك جهد أمنيّ مساند لفرق أمانة العاصمة».

وأكدت أسيل الخالدي، عضو مجلس محافظة بغداد، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي اهتمام الحكومة العراقيّة الكبير بالعاصمة، من ناحية فرض الأمن وتقديم الخدمات وتطوير الشوارع وإعادة تأهيلها.

وقالت «نتابع في مجلس بغداد، وكذلك الحكومة المحليّة، مجريات الحملة الأمنيّة في البتاوين.. .وهناك تأكيد وتشديد على عدم عودة هذه الحالات مجدّدا، لأن الحملات ستحظى بمتابعة ومراقبة مستمرّة لمنع أيّ عودة للحالات السلبيّة والخارجة عن القانون».

أضافت «المجلس يبحث مع الأمانة لإيجاد مساحة أرض من أجل إشغالها من قبل أصحاب البسطات، وفق إجراءات قانونية وأصولية.. .دون أي تجاوز على الممتلكات العامة أو الخاصة».

اقرأ أيضا: قبل البيانات الرسمية.. غولدمان ساكس يتوقع تراجع التضخم في مصر

33 أسيرا مقابل 40 يوما من التهدئة.. ملامح هدنة غزة الجديدة

أهم الأخبار