خليجيون| هل يشتعل المغرب العربي بحرب بين الأشقاء؟

خليجيون| هل يشتعل المغرب العربي بحرب بين الأشقاء؟
الخلافات المغربية الجزائرية ( الإنترنت )
القاهرة: نصر عبد المنعم

بانت بوادر توتر شديد بين المغرب والجزائر اللتان تمران بأصعب مراحل الخلاف بعد تقارير صحفية بأن الرباط تنوي السيطرة على مبان قنصلية تابعة للخارجية الجزائرية ما وصفه دبلوماسي بمثابة «إعلان حرب» ورغم نفي مصدر مغربي مجهل لتلك الأنباء لم يصدر حتى اللحظة تكذيب رسمي.

كانت تقارير صحفية مغربية كشفت عن مشروع لتوسيع مباني وزارة الخارجية يقتضي نزع ملكية عقارات ملك للسفارة الجزائرية في الرباط، في خطوة نددت بها وزارة الخارجية الجزائرية واعتبرتها «استفزازا».. و«انتهاكا صارخا لحرمة وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية للدول».

وقال المغرب في القرار المنشور بالجريدة الرسمية «المنفعة العامة تقتضي.. .نزع ملكية العقارات اللازمة لهذا الغرض».

مادفع المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر توفيق بوقاعدة من التحذير من اتجاه هذه العلاقات قائلا إنها تحمل «نذر حرب بين الدولتين الشقيقتين».

الحدود المغربية الجزائرية ( الإنترنت)

مواجهة عسكرية سابقة بين البلدين

وسبق للبلدين أن تواجها عسكريا، أول مرة بعد عام من استقلال الجزائر، وكان ذلك بسبب نزاع على الحدود التي رسمت في معاهدة بين الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين وملك المغرب الحسن الثاني في عام 1972.

وسرعان ما عادت المعارك بين الطرفين في 1976 لدى هجوم الجيش المغربي على جنود جزائريين تقول التقارير الجزائرية إنهم كانوا ينقلون مساعدات إنسانية إلى مخيمات جبهة البوليساريو التي تسعى لإقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية.

لا حرب شاملة

الدكتورة سارا كيرا المدير التنفيذي للمركز الأوروبي لشمال أفريقيا استبعدت تطور الأوضاع بين المغرب والجزائر مؤخراً إلى حرب أو نزاع مسلح بين الدولتين العربيتين رغم الخلافات المتصاعدة بينهما.

واستغربت كير في اتصال لـ "خليجيون" من الخطوة المغربية في حال صحت بالاستيلاء على مبان دبلوماسية تخضع للقانون الدولي وسيادة ووضعية وخصوصية تلك المقار الدبلوماسية، متهمة دولة الاحتلال الإسرائيلي بتسخين الخلافات بين الدولتين العربيتين.

عملية سلب واضحة

في المقابل اعتبرت الجزائر الأمر بأنه «عملية سلب متكاملة الأركان»، وقال بيان صادر عنها «إن حكومة الجزائر سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة». كما أنها ستلجأ إلى كافة السبل والطرق القانونية المتاحة، لا سيما في إطار الأمم المتحدة، بغرض ضمان احترام مصالحها».

ضد القانون الدولي

أستاذ القانون الدولي المستشار يوسف طلعت، يرى أن الخطوة المغربية في حال صحتها سابقة وتتنافي مع القوانين الدولية التي حصنت المبان القنصلية والسفارات.

ويضيف طلعت في تصريح لـ «خليجيون» أن السفارات والقنصليات الموجودة على مستوى دول العالم هي صاحبة السيادة لمقراتها في تلك الدول، وأن أي حدث أو مخالفة قانونية تحدث داخل تلك السفارات والقنصليات، تخص الدول التابعة لها فقط، وليس من حق الدول المستضيفة لها، اتخاذ أي إجراءات قانونية اتجاهها.

واعتبر خبير القانون الدولي أن القنصليات والسفارات محصنة والاعتداء عليها بمثابة الاعتداء على الدولة التي تمثلها وترفع علمها، لافتا أن الاعتداء على السفارات تسبب في نزاعات بين الدول وصلت لحروب.

وأضاف بوقاعدة، متحدثا لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، «السلوك المغربي بمصادرة ممتلكات جزائرية على أراضيه خطوة استفزازية وتصعيدية. ورغم إدراك المغرب أن هذه الخطوة غير قانونية وتتنافى والأعراف والمواثيق المنظمة للعلاقات الدبلوماسية سواء زمن الحرب أو السلم، فإنه يبدو غير مكترث للعواقب التي تنجر عن ذلك».

سيناريوهات المواجهة

وعن سيناريوهات العلاقة بين المغرب والجزائر على وقع الخطوة المغربية الأخيرة قالت الباحثة السياسية إن أطراف الوساطة العربية تحديدا والدولية لن تسمح في العموم باندلاع صراع آخر في المنطقة الملتهبة في الأساس وتوقعت أن تكون الخطوة مجرد استفزاز لا أكثر لأن المغرب يعلم عواقب الخطوة ومخالفتها للقانون الدولي.

وفي تعليقه على رد وزارة الخارجية الجزائرية، أشار المحلل السياسي الجزائري إلى أن بيان الخارجية الذي استنكر الخطوة «لم يتحدث عن المعاملة بالمثل، بل قال إنه يتوجه للمؤسسات الدولية حفاظا على ممتلكاته». واعتبر الرد «خطوة إيجابية لتجنب التصعيد في الموقف».

قطيعة وعلاقات متوترة

يشار أن العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والرباط مقطوعة منذ 24 أغسطس 2021، وتزامن القرار الذي اتخذته الجزائر من طرف واحد مع أسوأ سلسلة حرائق غابات في تاريخها والتي أودت بحياة قرابة 100 شخص، خاصة في منطقة القبائل.

شراء وليس استيلاء

في المقابل قال مصدر دبلوماسي مغربي الاثنين، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن اتهامات الجزائر للرباط «بالسطو» على عقارات تابعة لها في المغرب «لا أساس لها»، وتندرج في نطاق «روح تصعيدية غير مبررة».

وأوضح، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن وزارة الخارجية المغربية تقدمت لدى السلطات الجزائرية عام 2022، بطلب لشراء مبنى تابع لها مجاور لمقر الوزارة، على أساس أنه بقي شاغراً منذ تغيير مقر السفارة الجزائرية في الرباط، وذلك في إطار مشروع لتوسعة مكاتب الوزارة.

وأضاف: «دبر المغرب هذا المشروع بكل شفافية وفي تواصل دائم مع السلطات الجزائرية»، مشيراً إلى أنها «ردت» على الطلب المغربي، لكن العملية «مجمدة حالياً، لأن المغرب لا يتصرف وفق منطق تصعيد».

واتهمت السلطات الجزائرية جماعات «إرهابية» بأنها وراء تلك الحرائق، منها منظمة انفصالية تدعى (حركة استقلال القبائل) وتعرف اختصارا بحركة (ماك)، يقودها مغني الطابع القبائلي السابق فرحات مهني الذي يتخذ من فرنسا منفى اختياريا له.

وصنفت الجزائر حركة (ماك) منظمة إرهابية، هي وحركة (رشاد) ذات التوجه الإسلامي والتي يقودها الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت المقيم ببريطانيا.

وكانت خطوة قطع العلاقات الدبلوماسية «الباردة» أصلا بين البلدين بسبب شكوك الجزائر بأن الرباط تدعم حركة (ماك)، وهو ما عبَّر عنه صراحة وزير خارجيتها السابق رمطان لعمامرة، موجها أصابع الاتهام إلى المغرب بأن «الأعمال العدائية ضد الجزائر لم تتوقف».

إسرائيل كلمة السر

ولا تتهم الجزائر الرباط بدعم الحركة الانفصالية (ماك) وحسب، بل وبالسماح لإسرائيل بأن تهددها من الأراضي المغربية.

وتزامن هذا مع زيارة للمغرب قام بها في 12 أغسطس 2021 وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد الذي رد على حملة قادتها الجزائر ضد قبول إسرائيل عضوا مراقبا في الاتحاد الأفريقي قائلا «نحن نشارك المملكة القلق بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قربا من إيران، وتقوم حاليا بشن حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب».

واعتبرت الجزائر هذه التصريحات تهديدا مباشرا، ودفعت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لأن يقول في تصريحات للصحافة بعد شهرين «تهديد الجزائر من المغرب خزي وعار لم يحدث منذ عام 1948.».

تدهور مستمر في العلاقات

وفي أكتوبر من السنة نفسها، قررت الجزائر فرض عقوبات اقتصادية على جارتها، بتوقيف توريد الغاز نحو إسبانيا عبر الأنبوب العابر للأراضي المغربية، والذي كان يستفيد منه المغرب بنسبة سبعة في المئة من الكمية المنقولة ما يؤمّن له أكثر من ثلاثة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا، وهو ما يمثل قرابة 65 في المئة من الطلب الداخلي على الغاز.

مصر: تطوير مقابر الصحابة وآل البيت والصالحين و«البقيع الثاني»

في مكالمة عبر الأطلسي.. هل أعطى بايدن الضوء الأخضر لاجتياح رفح؟

أهم الأخبار