خليجيون| لماذا صدمت وثائق حرب أكتوبر إسرائيل؟

خليجيون| لماذا صدمت وثائق حرب أكتوبر إسرائيل؟
السادات صاحب قرار الغبور ( الإنترنت)
القاهرة: نصر عبد المنعم

أجواء ارتباك وصدمة تعيشها إسرائيل بعد إفراج الجيش المصري عن وثائق حرب أكتوبر في هذا التوقيت الدقيق، خصوصا مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتهديد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي باجتياح رفح، وما واكبه من توتر مكتوم بين مصر وإسرائيل.

بعد اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي توالت رسائل التحذير المصرية للكيان الإسرائيلي من مخطط التهجير القسري للفلسطيينين إلى اجتياح رفح، التي بلغت ذروتها بتسريبات غربية عن تلويح مصري بتعليق اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية العام 1979.

وحسب مراقبين وخبراء عسكريين تحدثوا لـ «خليجيون» فإن الرسائل دخلت مرحلة متقدمة مع استحضار حرب أكتوبر من الأرشيف المطوي منذ 5 عقود، عبر نشر وثائق سرية نادرة عن حرب أكتوبر، سرعان ما تلقتها إسرائيل وأخضعتها لمجهر التحليل، وتساءلت وسائل إعلامها عن مغزى وتوقيت الكشف.

منذ 48 ساعة، نشرت وزارة الدفاع المصرية، هذه الوثائق «النادرة» التي تكشف أسراراً عن معركة العبور التي خاضتها مصر ضد إسرائيل لتحرير شبه جزيرة سيناء، بما في ذلك وثائق عن التخطيط الاستراتيجي العسكري، وإدارة الحرب بمراحلها، حتى وقف إطلاق النار.

وتعتبر هذه المرة الأولى التي تنشر فيها القاهرة وثائق وكتابات رسمية عن حرب أكتوبر 1973، مكتوبة بخط يد مسؤولين كبار عن الحرب وإدارتها بالتفاصيل، مثل «تصفية الثغرة« وتحطيم «الساتر الترابي» (خط بارليف). توقيت يراه اللواء عادل العمدة الخبير الاستراتيجي والعسكري، «مناسبا تماما في إماطة السرية عن تلك الوثائق».

ويلفت العمدة في تصريح لـ «خليجيون» أن «نشر وثائق عسكرية لحرب أكتوبر وتفاصيل المعارك والخطط والمهام وبخط اليد يدحض أكاذيب إسرائيلية رددها طويلا حول انتصارها في الحرب»، ويقول «يظهر مدى ضعف جيشها في الصمود وقادته في الخطط العسكرية وكشف المستور وراء هالة الجيش الوهمية».

ما هي وثائق حرب أكتوبر؟

تتضمن وثائق حرب أكتوبر عشرات الخرائط والملاحظات، وتفريغ رسائل الهاتف اللاسلكي، والمحادثات بين القادة، ومعلومات دقيقة بشأن خطة «الخداع الاستراتيجي» لحرب أكتوبر، إلى جانب التنسيق مع الجبهة السورية، وإدارة الحرب، حتى وقف النيران والتخطيط لتصفية «الثغرة» (خطتا شامل وشامل المعدلة)، وفض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية، ودور الإعلام العسكري في حرب 1973، والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية ودورها.

وتشمل الوثائق، تفاصيل العملية «جرانيت 2» المُعدلة، والتي تم دمجها مع خطة «المآذن العالية» لتشكل «العملية بدر»، وهو الاسم العسكري داخل القوات المسلحة لحرب أكتوبر 1973. وكذلك تفاصيل ومحادثات عمليتي «شامل« و«شامل المعدلة»، وهو الاسم العسكري لعملية القضاء على ثغرة «الدفرسوار»، التي أدت إلى وصول قوات إسرائيلية إلى الساحل الغربي لقناة السويس أثناء الحرب.

مخاوف إسرائيلية

في المقابل، سلطت وسائل إعلام إسرائيلية الضوء على هذه الوثائق بدهشة وارتباك، إذ علق روعي كايس مراسل هيئة البث الإسرائيلية قائلاً: «في سياق التوتر بين مصر وإسرائيل حول رفح، قررت القاهرة نشر سلسلة نادرة وسرية من وثائق حرب أكتوبر، وثائق تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي للحرب، والخداع، والعمليات المختلفة وغيرها».

وتناول موقع «حريديم» العبري أيضًا تفاصيل الوثائق السرية، مشيرًا إلى توقيت نشرها في ظل الصراع في غزة والتوتر في العلاقات بين إسرائيل ومصر. كما نقل الموقع تصريحات لخبراء استراتيجيين مصريين حول نشر وثائق حرب أكتوبر، أكدوا فيها على أهمية هذه الوثائق في فهم دروس الحرب واستخلاص العبر منها.

و يرى اللواء محمد الشهاوي المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، في تصريح إلى «خليجيون» أن «أهمية الحدث لا يتوقف عند نشر الوثائق، لكن فيما احتوته تلك الوثائق حول طريقة التخطيط المصري ودليل حي وموثق على أن المعركة كانت معركة عقول وكسبتها مصر بكل جدارة».

ولم يستبعد الشهاوي «وجود دلالات لنشر الوثائق في هذا التوقيت في ضوء الظرف الإقليمي الراهن» لكن يلفت أيضا إلى «حق الشعب المصري في معرفة ماكان يدور في الحرب»، مضيفا «هذه الوثائق كنوز مصرية وتخليد لبطولات وعبقريات مصرية، وتؤكد أن الجيش المصري جيش القوة والعقل في نفس الوقت والقدرة على التخطيط تفوق وتضاهي أكبر قيادات جيوش العالم».

صناعة المستحيل مايرعبهم

وربما كان المنعطف الأهم في هذا الكشف هو وثائق ثغرة الدفرسوار، أحد أكثر مواضيع حرب أكتوبر جدلًا، إذ حازت على حيز كبير من اهتمام الوثائق المنشورة، كانت محاولة يائسة لإنقاذ ماء وجهها بعد الهزيمة الساحقة التي منيت بها في المعركة الحقيقية. وتُظهر الوثائق كيف حاولت إسرائيل تضخيم إنجازاتها في معركة الثغرة لتصويرها إعلاميًا على أنها انتصار باهر، بينما كانت في الواقع محاولة يائسة للتقليل حجم الانتصار المصري.

ويقول العمدة «الوثائق أعادت إنعاش ذاكرة قادة جيش إسرائيل الحاليين ممكن لم يحضروا الحرب أن ماحدث كان هزيمة منكرة لهم وأن الجيش المصري عبر كل حدود الطبيعة والمنطق والتخطيط في الحرب وهو قادر أن يفعلها في كل مرة كما قال الرئيس السيسي».

ويضيف «العظمة أن تصنع المعجزة في ظروف صعبة وغير مهيئة بالمرة كما حدث في أكتوبر 73 وهي القدرة على كسر المستحيل وهو ما تخشاه إسرائيل الذي يمكن القضاء على جيشها في خلال ساعتين».

وفي احتفالات البلاد بذكرى حرب أكتوبر منذ 6 سنوات، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «اللي قدر يعملها مرة يقدر يعملها كل مرة»، فيما اعتبره محللون وقتها تهديدا مصريا ضمنيا.

اقرأ المزيد

أمير الكويت يهنئ الرئيس المصري بالذكرى الـ 50 لانتصارات حرب أكتوبر

كيف تحولت قطر لقبلة الباحثين عن وساطة وهدنة وتبادل رهائن؟

أهم الأخبار